بدأت تأثيرات قرار الحكومة السورية، في رفع الدعم عن حوالي 600 ألف عائلة سورية تطفو على السطح بشكل بارز، حيث انتقلت حُمّى الطوابير من أمام مراكز مخصصات البطاقة التموينية، إلى طوابير جديدة أمام بعض الصيدليات والجمعيات الخيرية في سوريا للحصول على استشارات، أو معاينات، أو أدوية إما مجانية، أو بسعر مخفض.

نمو لتجار الأزمات

لم يتغير الوضع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، حتى بعد اعتراف نقيب الأطباء السابق، كمال عامر، بوجود فوضى بالتعرفة الطبية عند شريحة من الأطباء، مستغلين بأنه من الصعب الاستغناء عن الدواء من قبل غالبية المواطنين مهما كان حال دخلهم كأصحاب الأمراض المزمنة.

وكشفت صحيفة “البعث” المحلية، أنه مع صدور قرار رفع الدعم، قام العديد من الأطباء برفع أجور معايناتهم للضعف بنسب كيفية متفاوتة، وسلفا حتى قبل انتظار ما سينجم عن القرار. دون أي خوف من الرقابة أو الشكوى.

وتفاقمت مشكلة الأدوية في سوريا لا سيما في دمشق، مع إغلاق العديد من الصيدليات أمام المرضى بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، ورفض الشركات الدوائية لتوفير الأدوية للصيدليات. 

وأوضح الصيدلاني، عمر الأكراد، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن انتشار الطوابير أمام الصيدليات، بسبب أن بعض الصيادلة قرروا التوقف عن بيع ما تبقى من أدوية لديهم، بعد أن توقفت شركات الأدوية عن تزويد صيدلياتهم بمعظم أنواع الأدوية، فيما رفضت الحكومة تعديل الأسعار التي حددتها لتلك الشركات.

وخلال الأيام السابقة وبعد قرار استبعاد بعض المواطنين من الدعم، طفت إلى السطح أزمة دواء خانقة في عموم أرجاء سوريا، إذ طالبت وزارة الصحة من مصانع الأدوية تسعير الأدوية على سعر صرف دولار يعادل 2250 ليرة، ثم تطالبهم بتأمينه من السوق السوداء، حيث يزيد سعره عن 3000 ليرة.

للقراءة أو الاستماع: زيادة جديدة مرتقبة لأسعار الأدوية في سوريا

خلل مناوبة الصيدليات في سوريا

نقلت وسائل إعلامية محلية، عن مواطنين وصفهم لمهنة الصيدلة بعد معاناتهم في تأمين الدواء، بأنها باتت مهنة ذات خلفية تجارية ربحية، يسيطر الجشع عليها، وهذه علامة مقلقة، والأخطر من ذلك كله هو التغيير في مواقف الأطباء والصيادلة تجاه المجتمع كوسيلة لكسب أعلى عائد مالي ممكن، بغض النظر عن التداعيات الأخلاقية والإنسانية.

وعدت صحيفة “الوطن” المحلية، نظام الوردية الصيدلية في طرطوس مثالا واضحا على ما ذكر أعلاه. حيث يُلزم المواطنون بشراء الأدوية، في المساء والليل، وأيام العطل من صيدليات معينة. ويتم اختيارهم بناء على معايير مصلحة ضيقة وليس معايير اجتماعية أو إنسانية. 

وقال المواطنون، إن “أي دواء عادي في سوريا تحتاج إلى البحث عنه في أكثر من 10 صيدليات في الظروف الطبيعية، فما بالك إذا كان الدواء نادرا نسبيا”. مطالبين بتغيير نظام الوردية للصيدليات، بحيث يتم مضاعفة عدد الصيدليات المناوبة ثلاث مرات على الأقل. لضمان وصول المواطنين إلى مخزون الأدوية بالمدينة والتخفيف من معاناة المواطن في البحث عن الأدوية. 

وأشاروا إلى ضرورة منع الصيدليات التي لا تحتوي على مخزون معين من الأدوية من المناوبة. لأنه من غير القانوني القيام بذلك، إذ عندما يذهب المواطن إلى صيدلية في أطراف طرطوس يرى أنها شبه خالية من الأدوية.

للقراءة أو الاستماع: «الشكاوى غير مقبولة ولا تنتهي».. إدارة مشفى الأطفال بدمشق تهاجم المرضى!

تزايد هجرة الصيادلة

كشفت نقيب الصيادلة في سوريا، وفاء كيشي، أن عام 2021 شهد زيادة كبيرة في عدد الصيادلة المهاجرين. بخاصة في النصف الثاني من العام، بعد أن كان الصيادلة أقل فئة هجرة بين الكوادر الطبية. حيث عزت ذلك إلى قرار خدمة الريف أن يكون واحدا من الأسباب. وهي مشكلة قديمة نسبيا تم استشعار حجمها لأول مرة منذ حوالي خمس أو ست سنوات.

وأشارت كيشي، خلال حديثها لصحيفة “البعث” المحلية”، إلى أن وجود ما يقرب من 27 مؤسسة علمية، تخرج كل منها آلاف الطلاب من كليات الصيدلة. تسببت في نوع من المعاناة للخريجين غير القادرين على العمل في المناطق الريفية. ما جعلهم يبدون استعدادهم للعمل لدى أي صيدلي بعقد عمل “مجاني”.

وأوضحت كيشي، أن النقابة لا تطالب بإلغاء الخدمة الريفية. بل إيجاد حل إضافي يسمح للخريجين الجدد بخدمة الريف في صيدليات المدينة. طالما أن في كل صيدلية صيدلي واحد أو اثنان على الأقل. حيث وافقت وزارة الصحة على ثلاثة فقط، الأمر الذي أفسح المجال إلى حد ما أمام الخريجين الجدد للعمل. خاصة في صيدليات المدن مثل دمشق وحمص.

وذكرت أنها أجرت اتصالات مع وزارتي التعليم العالي والصحة لوضع خطة لاستيعاب الخريجين الجدد. لأنه حسب وصفها من غير المنطقي “تخريج الصيادلة وطردهم في الشارع”. مضيفة أن الوقت قد حان لتوقف الجامعات عن استقبال أعداد جديدة من الطلاب ولو مؤقتا. لأن “كليات الصيدلة باتت مجرد كليات للتفريخ لا أكثر”، حسب تعبيرها.

واتهم بعض الصيادلة في وقت سابق، الحكومة السورية بأنها تطلب منهم “الهجرة أو السرقة كي يعيشون”. وذلك بعد أن رفضت الحكومة طلب النقابة في منح الصيادلة ربحا قدره 7 بالمئة بغية تغطية النفقات الإضافية. والتي تترتب على الصيادلة لقاء تشغيلهم أكثر من 5 آلاف صيدلي فقدوا صيدلياتهم ويعملون الآن إلى جانب صيادلة آخرين.

وكانت النقابة المركزية، قد طلبت من رئيس الحكومة الموافقة على هذه الزيادة. لكن الحكومة رفضت ذلك طالبة من النقابة التفاهم مع معامل الأدوية لأخذ النسبة لكن الحكومة لن تفرض أي نسبة على معامل الأدوية.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. من المتسبب بفقدان الأدوية وارتفاع أسعارها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.