حتى الآن لم تطف على السطح بشكل واضح، خلفيات قرار الحكومة السورية الأخير، برفع الدعم عن نحو 596 ألف أسرة، إلا أن تأثيره على حياة ملايين السوريين، والمدى الذي ستبلغه الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية ضده، وتداعياته السياسية المحتملة، بما في ذلك تأثيره على موقف الآلاف من القاطنين في مناطق سيطرة الحكومة باتت واضحة، وخصوصا مع انتظار القرار بشأن المجموعة الثانية، التي ستحرم من الدعم.

حرمان 70 بالمئة من المحامين

في تصريحات صادمة، كشف نقيب المحامين السوريين “الفراس فارس”، أن أكثر من 70 بالمئة من المحامين الذين يمارسون مهنتهم لأكثر من 10 سنوات سيطردون من آلية الدعم الحكومي، بينما سيبقى حوالي 30 بالمئة منهم تحت مظلة الدعم.

حديث الفارس، لصحيفة “الوطن” المحلية، أمس الأربعاء، بيّن إنه سيتم فقط دعم جميع المحامين الذين لم يمارسوا المهنة منذ 10 سنوات. كما ستُعفى فروع الرقة وإدلب ودير الزور من قرار الاستبعاد من التمويل الحكومي. ما يعني أن المحامين المرتبطين بهذه الفروع سيستمرون في الحصول على الدعم.

وأوضح الفارس، أن النقابة خصصت خطا مباشرا بوزارة الداخلية، وقدمت للحكومة أسماء المحامين الذين مارسوا مهنتهم لأكثر من عشر سنوات،. مضيفا، أن النقابة أنشأت منصة إلكترونية لإجراء استبيان للنقابة بحيث يكون لها بيانات خاصة.

ولفت نقيب المحامين، إلى أن طريقة عمل المنصة تتمثل في أن يقوم المحامي بإدخالها وملء استمارة خاصة به، مبينا أنه يستحق الدعم.

للقراءة أو الاستماع: بعد إلغاء الدعم.. قفزة تاريخية في أسعار الفواكه والخضار بدمشق

عشوائية الإجراءات

مع قيام وزارة الاتصالات السورية بتنفيذ إزالة “الدعم الحكومي” عن مجموعة من حاملي “البطاقة الذكية” اعتبارا من مطلع شباط/فبراير الجاري، إلا أن عملية إلغاء الدعم شابتها عدد كبير من الأخطاء. مما أثر على الأشخاص الذين لا يجب أن يشملهم القرار، وفق المعايير التي نقلها المسؤولون السوريون في الأشهر الأخيرة.

مصادر محلية – رفضت الكشف عن اسمها حتى لا يتم استبعادهم مرة أخرى – كشفت لـ”الحل نت”، أن بعض العائلات ممن شملهم القرار، عاد الدعم إليهم بعد تقديمهم اعتراض على المنصة التي خصصتها الحكومة،. في حين أن هذه العوائل لديها أملاك وسجلات تجارية، على عكس غيرهم الذين لا يزالون ينتظرون عودة الدعم لهم.

وأوضحت المصادر، أن آلية عودة الدعم لا تخضع لمعايير واضحة، كما حصل عند استبعاد حوالي 600 ألف عائلة دفعة واحدة. واعترف رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، بأن الدولة لم تعد قادرة على الاستمرار بنمط الدعم الذي كان سائدا، وكان لابد من القرار.

وحتى 7 من شباط/فبراير الحالي، بلغ عدد المعترضين على آلية الاستبعاد من الدعم حوالي 370 ألف اعتراض، بنسبة تتجاوز نصف المُستبعدين، بحسب تصريح لوزارة الاتصالات.

للقراءة أو الاستماع: بسبب “رفع الدعم”.. انخفاض تاريخي في عدد تُجّار سوريا!

القرار أظهر الفجوة بين الحكومة والمواطن

تحاول الحكومة السورية الدفاع عن قرارها الأخير بوقف تقديم المساعدة لقطاعات واسعة من الشعب السوري باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب. وبعد أن أعرب الأهالي عن عدم رضاهم، أوجدت الحكومة نهجا مختلفا للرد، من خلال التواصل معهم عبر ما يسمى بـ “المخاتير” وقادة لجان الأحياء المحلية، لشرح طبيعة القرار و كيفية “الاعتراض على من يرغب فيه”.

الحكومة بررت معظم قراراتها، بالظروف الاقتصادية والحصار القائم في البلاد منذ سنوات. لكن هذا القرار سيزيد من فقر الشريحة المستبعدة من الدعم، وبالتالي زيادة عدد الفقراء. هذا فضلا عن التقارير الدولية التي تقول بأن نحو 85 بالمئة من السوريين في الداخل يعيشون تحت خط الفقر.

وبعد اندلاع احتجاجات في محافظة السويداء جنوب غرب البلاد، توقعت صحيفة “نيزافيسمايا” الروسية حدوث سلسلة من الاحتجاجات في عدة مدن سورية، في أعقاب الاحتجاجات التي هزت المحافظة خلال الأسابيع الأخيرة، التي نددت بقرار السلطات السورية برفع الدعم عن بعض المواد الغذائية.

وبحسب الصحيفة، اضطرت القيادة السورية إلى إعادة نشر قوات النخبة من الجيش والأمن إلى محافظة السويداء، من أجل الحفاظ على النظام والدفاع عن المنشآت الحكومية.

وأضاف التقرير، أن وقف الدعم الحكومي أجبر آلاف العائلات على شراء السلع الأساسية بسعر السوق. وهو ما جعل سكان المحافظة لا يطالبون فقط بالتراجع عن قرار وقف الدعم، بل تحسين الظروف المعيشية بما في ذلك تأمين إمدادات المياه.

ووفقا للمحللين المطلعين على الشأن المحلي، فقد اجتمعت مجموعة متنوعة من المتغيرات لجعل المظاهرات الحالية بداية لسلسلة من الاحتجاجات. وأول هذه القضايا هو فشل الحكومة في معالجة مشكلة تحسين الظروف الاقتصادية. وكذلك التجنيد الإجباري للسكان المحليين، والذي يعارضه السكان خوفا من القتال مع عائلاتهم. كما يرى الخبراء، أن نفوذ روسيا وإيران المتزايد يعزز العداء بين المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الدولة.

للقراءة أو الاستماع: دمشق.. “المخاتير” يدخلون على خط إلغاء الدعم الحكومي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.