في كل شتاء، يدخل السوريون في معاناة مضاعفة، وهذه المعاناة مستمرة منذ سنوات طويلة، منذ عشرية الحرب السورية، وذلك نتيجة البرد القارس والصقيع الذي يتسرب إلى أبدانهم في ظل شح مواد التدفئة من المازوت، أما الكهرباء فلا تصل إليهم سوى لبضع ساعات كل يوم.

مخصصات التدفئة غير كافية!

قال مواطنون لموقع “هاشتاغ” المحلي، “أن كمية الخمسين لترا من المازوت التي يحصلون عليها كدفعة أولى للتدفئة في ريف دمشق، غير كافية خاصة في المناطق الباردة”.

وأكد شادي المظلوم وهو من سكان عين حور التابعة لسرغايا للموقع المحلي، “إن الدفعة الأولى التي حصلوا عليها لم تكفيهم سوى لعشرة أيام وبتقنين كبير وإلى الآن لم يحصلوا على الدفعة الثانية التي من المقرر أن تزودهم به الحكومة.

وبيّن المظلوم، “أن الحاجة الفعلية لهم للتدفئة في الشهر الواحد تصل إلى نحو ١٥٠ لتر مازوت”، أي أنه أكثر من الكمية التي حددتها الجهات المسؤولة، وبالتالي يضطر المواطنين التوجه إلى شراء المازوت من السوق السوداء وهو الأغلى سعرا”.

وبرر من جانبه، عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق ريدان شيخ علي لموقع ”هاشتاغ”، “إن نسبة توزيع الدفعة الثانية من المازوت وصلت إلى حوالي ٢٠بالمئة بعد شهر على بداية التوزيع، وكانت البداية من المناطق الباردة والأشد برودة إضافة إلى المدارس التي حصلت على نحو ثلاثمائة ألف لتر”.

وأضاف شيخ علي، “أن الخطة الحالية تعمل على  تسيير عشرة طلبات يوميا مع إمكانية زيادتها في حال أتت تعزيزات إضافية”، وبيّن المسؤول الحكومي، أن عملية التوزيع الدفعة الثانية ستستمر حتى نهاية شهر آذار/مارس”.

لكن في نهاية شهر آذار/مارس، تنخفض درجات الحرارة عادة ولا يحتاج الناس كثيرا لتشغيل التدفئة إلا في الليل، لذا من الأجدر للحكومة أن تقوم بإنهاء التوزيع في وقت أبكر من فصل الشتاء، وخاصة خلال هذه الفترات يكون الطقس باردا، لذلك يضطر الأهالي إلى شراء المازوت من السوق السوداء.

يذكر أن الحكومة قد أصدرت مؤخرا قرارا باستبعاد نحو نصف مليون سوري من شرائح ميسورة وفئات من أصحاب المداخيل المرتفعة من برنامج الدعم الحكومي للمواد الأساسية والمحروقات، مما يؤدي إلى توسع شريحة الفقراء في المجتمع، وستساهم بالتأكيد سياسة رفع الدعم بزيادة نسبة الجوع في سوريا.

قد يهمك: عائلات سوريّة عاجزة عن شراء الخبز

تكلفة خيالية بهدف التدفئة!

وأوضح أحد المواطنين شكواه للموقع المحلي، “منذ بداية الشتاء وحتى الآن استهلكوا طنين من الحطب للتدفئة، إضافة إلى برميل من المازوت، مبينا أن تكلفة التدفئة شهريا تصل إلى حوالي خمسمائة ألف ليرة سورية، لأنهم مضطرون لشراء المازوت من السوق السوداء”.

وهذا مبلغ ضخم مقارنة بسوء الأحوال المعيشية وتدني رواتب الموظفين في البلاد وخاصة مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وتابع في حديثه، أنه ما يجنونه من عملهم في الزراعة صيفا يضعونه للتدفئة شتاء، في حين تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، وتدهور في الأوضاع المعيشية، مما يضع المواطنين في هذه الحالة أمام أعباء إضافية.

وأفادت المواطنة أمل في محافظة دمشق للموقع المحلي، “أن حاجتهم من المازوت خلال فصل الشتاء تصل إلى نحو ثلاثمائة لتر، وبحسبة بسيطة يتبين أن قيمة هذه الكمية تبعا للرائج في السوق السوداء قد تصل إلى المليون ليرة سورية، وهذا المبلغ للتدفئة فقط”.

وأشارت في حديثها للموقع الإعلامي، أنها تمثل شريحة واسعة من المجتمع السوري وأنهم في العام الماضي لم يحصلوا على مخصصاتهم من مازوت التدفئة ولم يكن بإمكانها الشراء من السوق السوداء آنذاك نظرا للوضع الاقتصادي السيء.

وبحسب السكان المحليين، لوسائل الإعلام المحلية، في حال استطاعوا شراء المازوت بسعر غير مدعوم، فيجب الاستغناء عن العديد من مستلزمات الحياتية، بما في ذلك الأدوية، حفاظا على أنفسهم من برد الشتاء والأمراض المترافقة معها، لا سيما أن العديد من منازل السوريين فيها إما كبار السن أو أطفال وهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض.

في حين قد صرح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم بداية العام الجاري، في حوار مع صحيفة “تشرين” المحلية سابقا، أن “الوفورات المحققة من رفع الدعم عن شرائح معينة سيتم تحويلها إلى مخصصات الرواتب أو الدعم ولن يعود شيء منها لخزينة الدولة”.

لكن سالم تجاهل ربما الارتفاع في الأسعار الذي سيصفع السوريين خلال الفترة المقبلة، بسبب رفع الدعم، إذ يؤكد مختصون أنه حتى ولو تضاعفت الرواتب بنسبة 100 بالمئة، فإن ذلك لن يحمي المواطن السوري من “فقر وجوع قادم”.

في ظل غياب وسائل التدفئة البديلة وأزمة توفر الكهرباء، يبدو أن المازوت في السوق السوداء غالي الثمن لدرجة أن الحصول عليه يبدو حلما بعيد المنال لكثير من السوريين، خاصة وأن القوة الشرائية لرواتب موظفي القطاعين العام والخاص تتراجع باستمرار مقارنة بالأسعار المرتفعة التي شهدتها الأسواق مؤخرا، مما يضع المواطنين أمام مشاكل وعقبات معيشية جمة.

قد يهمك: أعشاب وبهارات وسيلة للتدفئة في سوريا بديلة عن الوقود

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.