بات انتشار المخدرات في ريف حمص ظاهرة واضحة، وإحدى حقائق الحياة اليومية، التي يعيشها الأهالي ويعانون منها، إلى جانب الفقر وفقدان المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب.

ويؤكد كثير من السكان أن ريف حمص، الذي خرج عن سيطرة حكومة دمشق لسنوات طويلة، بات هدفا لانتقام الأجهزة الأمنية السورية. إذ يدفع من تبقى فيه من الأهالي، الرافضين للنزوح، ثمن تمردهم على السلطات السورية.

وبهذا المعنى فإن انتشار المخدرات في ريف حمص هو، بحسبهم، جانب من ذلك الانتقام. إذ تباع المخدرات بشكل شبه علني في الأكشاك والبساطات. بل باتت تصل للمدارس، حيث تقوم عصابات المخدرات بالترويج لبضاعتها، بتعاون وحماية كاملة من الأجهزة الأمنية.

طالبات ينشطن في عصابات المخدرات

وأكد إعلامي من أهالي المنطقة، رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، أن “عناصر المفارز الأمنية، ومنها مفرزة الأمن العسكري، وبالتعاون مع عملائها، تعمل على الترويج والإتجار بالمخدرات في ريف حمص، وخاصة مناطق السعن وتلبيسة والحولة والغجر والرستن، حيث انتشرت الظاهرة بشكل كبير في صفوف الشباب وطلاب المدارس في الفترة الأخيرة”.
وأضاف المصدر، وهو من أبناء مدينة تلبيسة، أنه “تم الكشف مؤخرا عن شبكة متكاملة لتجارة المخدرات، تعمل في مدرسة  صفية بنت عبد المطلب للبنات في تلبيسة، واستدعت إدارة المدرسة أولياء أمور عدد من  الطالبات، اللواتي يشاركن في ترويج المخدرات بين الشباب والبنات”. مشيرا، في إفادته لـ”الحل نت”، إلى أن “بعض الطالبات، بالتعاون مع عناصر الأمن العسكري في تلبيسة، يقمن ببيع حبوب أمفيتامين المخدرة، والتي تعتبر بخطورة الهرويين وحبوب الكبتاغون
واضاف الإعلامي أن “إدارة المدرسة أحالت طالبة من الطالبات إلى قسم شرطة في مدينة تلبيسة، بعد تفتيش حقيبتها المدرسية، وضبط علبة سجائر وحبوب مخدرة من المادة ذاتها، إضافة لمبلغ مالي كبير. وبعد التحقيق معها اعترفت أنها تقوم ببيع المواد المخدرة بأسعار رخيصة نسبيا، تصل إلى خمسمئة ليرة سورية للحبة الواحدة، لاستجرار مزيد من الشباب للتعاطي. فتم تحويلها إلى فرع الأمن الجنائي في مدينة حمص”. إلا أن المصدر رجح أنها “ستخرج قريبا، بحكم ارتباطها بمفرزة الأمن العسكري”.
وكشف المصدر أن “المدعو أيمن الناجي، والذي يعمل تحت إشراف العميد محمد سليمان قنا، رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، يعتبر أكبر مورّد ومروّج لتجارة المخدرات في ريف حمص”.

مقالات قد تهمك: سوريا قلب (الكبتاغون).. عندما يُنعِش “الأسد” اقتصاده المنهار بتجارة المخدرات

خطورة انتشار المخدرات في ريف حمص

وعن الآثار الصحية والاجتماعية لانتشار المخدرات في ريف حمص يقول الطبيب عبيدة حرفوش، المنحدر من المنطقة، والمقيم حاليا في الولايات المتحدة، إن “حبوب أمفيتامين تسبب الإدمان، بعد تعاطيها بفترة وجيزة، كما تتسبب بأمراض نفسية وجسدية كثيرة، خاصة للمراهقين وصغار السن”.

 وأضاف، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “مركبات الأمفيتامين تعتبر من فئة المنشِّطات العصبية، ولها استخدامات طبية، تحديدا لدى الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه. وتعاطيها يجب أن يكون تحت إشراف طبي مباشر، أما ما يتناوله بعض الشباب من مركبات الأمفيتامين غير النظامية فهو مواد مخدرة خطيرة، والإقلاع عنها صعب جدا. وتقود في أغلب الأحيان لاضطرابات نفسية شديدة، مثل الاكتئاب والقلق والفصام والاضطراب ثنائي القطب. عدا عن خطورة الوفاة بجرعة زائدة. ولهذا فإن انتشار المخدرات في ريف حمص، وخاصة مادة الأمفيتامين، سيكون له نتائج اجتماعية وخيمة”.

فلتان امني متعمد للانتقام من أهالي ريف حمص

“انتشار المخدرات في ريف حمص هو جانب من الفلتان الأمني المتعمد في المنطقة”، بحسب الإعلامي مهران طه، وهو أيضا من سكان تلبيسة، ويقيم حاليا في باريس.  

ويرى طه، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “السلطات السورية تحاول الانتقام من أبناء المنطقة، سواء من خلال تهميشها الكامل، أو بالسماح لكل شخص حاقد على سكانها بالانتقام منهم. وذلك لأنها خرجت عن سيطرة القوات النظامية، وكلفتها كثيرا من الجنود والعتاد، كي تتمكن مجددا من السيطرة عليها. وبالتالي فإن ما يحدث هو نوع من العقاب الجماعي”.

وتشهد كثير من مدارس ريف حمص تسربا كبيرا للطلاب، لأسباب متعددة، أولها الفقر المدقع؛ وعدم جودة التعليم، فيلجأ الطلاب لتعلم مهن تعينهم في حياتهم، وتدر عليهم المال؛ إضافة للإدمان على المخدرات، الذي يعيق المراهقين عن إكمال تعليمهم.  
فضلا عن هذا أدى انتشار المخدرات في ريف حمص، في ظل تدني الأوضاع المعيشية، إلى اتساع رقعة السرقات وعمليات الخطف بين الأهالي، بقصد طلب الفدية. وذلك لأن كثيرا من المدمنين يعجزون عن تأمين الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم من الحبوب المخدرة والحشيش. ناهيك عن أن كل هذا أدى لانتشار ظاهرة الدعارة وسط مجتمع ريفي محافظ، لم يكن يعرف مثل هذه الظواهر قبل الحرب السورية.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.