منذ سنوات، تعاني معظم المحافظات السورية من أزمة سكن حادة، وارتفاع كبير في الإيجارات، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعانون أساسا من ظروف معيشية صعبة، وتدهور الخدمات والرواتب والليرة السورية مقابل القطع الأجنبي والبنية التحتية شبه المدمرة.

وتعود أزمة السكن في سوريا، وخاصة العاصمة دمشق وبقية المحافظات الكبرى، إلى عدة أسباب أبرزها الزيادة السكانية في ظل نزوح عدد كبير منهم من المحافظات السورية الأخرى نتيجة الدمار الواسع للمدن والبلدات بعد القصف خلال سنوات الحرب.

السوريون يتجهون لمناطق “المخالفات”

يشهد سوق العقارات في سوريا ركودا كبيرا منذ نحو عام، ويعود ذلك للتدهور الاقتصادي العام في سوريا، نتيجة التضخم الاقتصادي، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية بشكل كبير أمام الدولار، إضافة لزيادة العرض في السوق، حيث يلجأ الكثير من السوريين لبيع عقاراتهم لتأمين تكاليف السفر.

وجاء الغزو الروسي لأوكرانيا ليضيف الكثير من الصعوبات الاقتصادية على السوريين، إذ ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، في مختلف القطاعات، ليطال مؤخرا سوق العقارات لاعتماده على العديد من مواد البناء المستوردة من الخارج.

وفي نفس السياق، ذكر سامر، صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة 86 لموقع “أثر برس” المحلي، أن معظم مواد الإكساء هي مواد مستوردة وارتفعت أسعارها مع بدء الأزمة الأوكرانية، حيث ارتفع سعر طن الحديد إلى 4 ملايين ليرة سورية، أما سعر الاسمنت بلغ 220 ألف ليرة سورية للمتر المكعب، ومنهم من يلجأ لاحتكار مثل بقية المواد الأخرى ليرفع سعرها، في ظل غياب دور الرقابة الحكومية.

من جانبه، بيّن الدكتور الاقتصادي عمار يوسف لموقع “أثر برس” المحلي، أن هناك جمود عقاري، ليس سببه ارتفاع تكاليف مواد البناء الاسمنت والحديد فقط، بل السبب الرئيسي هو الإجراءات التي تقوم بها الحكومة السورية من خلال فرض الضرائب والرسوم ودفعها عن طريق المصارف، فهدا يسبب حركة جمود، بحسب تعبيره.

وأضاف يوسف للموقع المحلي، أنه بحسب دراسة بسيطة فإن انعكاس ارتفاع أسعار مواد البناء بسيط جدا بالتوازي مع الإجراءات التي تفرضها الحكومة على المواطن، مشيرا إلى أن انخفاض القدرة الشرائية للمواطن هي نتيجة انعدام السيولة المالية له دور بشكل كبير.

وتابع المختص الاقتصادي، إن الآلية والإجراءات التي تتبعها الحكومة تعد عقيمة ففرض ضرائب ورسوم لسد حاجات الموازنة واللعب بأسعار حوامل الطاقة لا يحسن الوضع الاقتصادي أو يخفض الأسعار بل العكس، موضحا، أن لهذه الأسباب بات المواطنين يتجهون نحو مناطق “المخالفات” للتهرب من الدفع الضريبي والرسوم ولأنها تعد أرخص ثمنا من باقي المناطق.

يذكر أن متوسط ​​صافي الراتب الشهري للموظف السوري يقدر نحو 90 ألف ليرة سورية، فقد بات شراء منزل في سوريا أمر يفوق خيالات السوريين. فمع ارتفاع أسعار العقارات في سوريا غير المبرر في الآونة الأخيرة، أصبح من المستحيل شراء منزل في سوريا. حتى لو كان المرء محظوظا بما يكفي للعثور على وظيفة.

حيث تعتبر أزمة السكن في سوريا من أكثر القضايا إلحاحا في البلاد. في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف البناء بنحو 200 بالمئة.

وسبق أن نقل “الحل نت”، في تقرير سابق، أن ارتفاعا في أسعار مادة الاسمنت سيظهر خلال الأيام المقبلة، وسيؤثر ذلك بالتأكيد على أعمال البناء وأجور العمال والنقل وغير ذلك من الأمور المتعلقة بعمليات البناء وسوق العقارات.

كذلك، أن ارتفاع سعر مادة الاسمنت في السوق السوداء يصل إلى حدود 450 ألفا لبعض الماركات من إنتاج القطاع الخاص، في حين أكد العديد من العاملين في المقاولات انخفاض العرض من الاسمنت لأسباب غير معلومة لديهم، لكن الشائعات تدور حول تعرفة جديدة لمادة الاسمنت يتم العمل على إنجازها لإصدارها، تشتمل على زيادة على الأسعار الحالية، وهو ما دفع الكثير من المنتجين والتجار إلى تقنين العرض في السوق والعمل على احتكار المادة، وفق تقرير “الحل نت”.

قد يهمك: ترجيحات بارتفاع أسعار الاسمنت في سوريا.. هل يتأثر سوق العقارات؟

أسعار العقارات

شهدت أسعار العقارات قفزة غير مسبوقة في عموم المحافظات السورية، فهي الأخرى لم تنجُ من التخبطات الواقعة في الأسواق بالتزامن مع الغزو الروسي لأوكرانيا والتي بشكل أو بآخر أثرت على الأسعار في الأسواق السورية.

وبلغت أسعار البيوت في العاصمة دمشق أرقاما خيالية، ليصل سعر منزل بمساحة 80 مترا في وسط العاصمة ما يقارب مليار ليرة سورية، أما بالمناطق البعيدة عن العاصمة وتعد في الأرياف فقد تراوح سعر المنزل بضاحية قدسيا مثلا، السكن الشبابي بين 65 إلى 95 مليون ليرة سورية، وفق تقارير إعلامية محلية.

كذلك، ارتفاع أسعار العقارات انعكس سلبا على الإيجارات التي تضاعفت هي الأخرى، ليبلغ إيجار أرخص منزل في أطراف المدينة نحو 300 ألف ليرة سورية شهريا، في حين وصل سعر إيجار منزل في المهاجرين نحو مليون ليرة سورية شهريا، دون أن ننسى أن تجديد عقد إيجار المنزل يرافقه زيادة في المبلغ المطلوب، ومنهم من بات يطلب من المستأجر دفع الأجرة بنفس سعر صرف الدولار ولكن بالليرة السورية.

وحول أسعار ارتفاع العقارات، أوضح سامر، صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة 86 لموقع “أثر برس” المحلي، أن سعر المنزل “بحالة متردية” بحسب تعبيره يقدر حوالي 35 مليونا، وأضاف مثالا على ذلك، أن صاحب منزل في المزة-خزان مساحته 150 متر طلب به 150 مليون ليرة سورية، وبيّن أن قيمة المتر الواحد بين 750 ألف ليرة ومليون ليرة سورية، كذلك حسب موقع العقار.

بدوره، برر صاحب المكتب العقاري، هذا الارتفاع إلى حركة الجمود التي يشهدها سوق العقارات، بالإضافة إلى وجود زيادة عرض للبيع، فالمواطنون يلجؤون لبيع عقاراتهم لتأمين تكاليف السفر خارج البلاد، وفق زعمه.

قد يهمك: تضخم أسعار العقارات السورية بسبب روسيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.