دقت مؤسسات ومنظمات دولية جرس الإنذار، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، حيث سيزداد خطر حدوث آثار غير مباشرة على معظم شعوب المنطقة ومن بينها سوريا، إذ تدق ساعة الجوع، خاصة في البلدان غير المستقرة اقتصاديا، حيث يستمر السكان الضعفاء في مواجهة الاحتياجات المتزايدة وسط تقلص الموارد.

سوريا في قلب الأزمة

بما أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مثل مصر ولبنان وسوريا واليمن والأردن وفلسطين هي موطن لبعض أكبر الأزمات الإنسانية وأزمة اللاجئين في العالم. كما أنها تواجه الآن تداعيات حرب أوكرانيا. حيث تستورد المنطقة 50 بالمئة من قمحها من روسيا وأوكرانيا، فإنها باتت بالفعل المتضررة من التضخم أو الأزمة الإنسانية.

يشير التقرير الصادر عن منظمة “كير”، إلى أن بعض هذه المناطق هي بالفعل بؤر ساخنة للجوع، بل وتكافح مستويات شديدة من الجوع. إذ يؤدي تعطل واردات القمح إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، مما يؤدي مجاعة، لا سيما في البلدان المتضررة من النزاعات.

المدير الإقليمي للمنظمة، نيرفانا شوقي، نبه إلى أنه ارتفعت أسعار القمح بطريقة غير مسبوقة منذ بداية الأزمة في أوكرانيا، الأمر الذي يوحي إلى أن الحرب قادمة إلى شواطئ الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على شكل جوع. فالحقيقة الصادمة وفق وصفه، هي أنه في عام 2022، أصبح ملايين الفتيات والفتيان والنساء والرجال في المنطقة على بعد خطوة واحدة من الجوع.

وأضاف شوقي أمس الاثنين، في البيان الذي اطلع عليه “الحل نت”، أن “الأمر أكثر إثارة للصدمة أن ندرك أن هؤلاء الناس يتضورون جوعا بسبب الصراع والعنف. وعن طريق عدم المساواة بتأثيرات تغير المناخ؛ بفقدان الأرض أو الوظائف أو الآفاق غير الواضحة لمستقبلهم”.

ففي سوريا، أدت الأزمة التي طال أمدها إلى نزوح 12 مليون شخص، ويحتاج أكثر من 65 بالمئة من السكان إلى مساعدات إنسانية. تسببت حرب أوكرانيا في ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، بينما فقدت العائلات سبل عيشها. مبينا أن المنظمة في سوريا، أصدرت تقريرا قبل الأزمة الأوكرانية يوضح كيف اضطرت العائلات لتقليل استهلاكها الغذائي.

وقال شوقي، “تضيف الحرب الحالية في أوكرانيا إلى الآثار المدمرة بالفعل للوضع الاجتماعي والاقتصادي للاجئين والنازحين داخل سوريا. ظل الناس يتعاملون مع تحديات لا حصر لها منذ 11 عاما منذ بداية الحرب.

والتحدي اليوم في سوريا وفقا للمنظمة، يصطف الناس لساعات للحصول على الخبز. فالخبز هو الوجبة الوحيدة التي تستطيع تحمل تكلفتها العوائل. حيث باتت معظم الأسر داخل البلاد تتخلى عن اللحوم والدجاج، ثم الخضار والفاكهة.

للقراءة أو الاستماع: بسبب الضرائب وارتفاع الأسعار.. هل يختفي الدجاج من السوق السورية؟

الأمن الغذائي هش في لبنان ومصر

وفي ما يتعلق بالجارة الإقليمية لسوريا، والتي تعاني أيضا من أزمة اقتصادية فتاكة، يعاني مليوني لبناني، بالإضافة إلى مليون لاجئ سوري وفلسطيني، من نقص في الغذاء. حيث يعتمد لبنان بشكل كبير على واردات القمح: 66 بالمئة من أوكرانيا، و12 بالمئة من روسيا. بالإضافة إلى ذلك، تبلغ سعة التخزين للاحتياطيات 50 بالمئة فقط حيث تضرر احتياطي الحبوب جراء انفجار بيروت في 4 آب / أغسطس 2020.

وتشير التقارير، إلى أن الأسر في لبنان بدأت تقنين الخبز منذ أيام قليلة. حيث ارتفع سعر كيس الخبز بنسبة 20 بالمئة في غضون أيام قليلة. في حين أن الحكومة اللبنانية فقدت سيطرتها على احتياطي القمح الذي لا يكفي حاليا لثلاثة أسابيع فقط.

أما في مصر، فالأمن الغذائي هش بالفعل، حيث لا يستطيع القطاع الزراعي إنتاج ما يكفي من الحبوب، وخاصة القمح، وحتى البذور الزيتية لتلبية نصف الطلب المحلي للبلاد. ولتأمين هذه الإمدادات، أصبحت مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم.

تشكل أزمة الأمن الغذائي في مصر الآن خطراً على 105 ملايين شخص من بينهم اللاجئين السوريين. حيث يأتي 85 بالمئة من القمح المصري، و73 بالمئة من زيت عباد الشمس من روسيا.

للقراءة أو الاستماع: الزيت في سوريا “شم ولا تدوق”

لا حلول في الأفق

في هذا السياق المحتدم، يوضح موسى باكير، عضو الصندوق الغذائي الدولي، إلى أن الحلول الحكومية للأزمة في سوريا لا تبدو واضحة، أو أن هناك خطة لمكافحة الجوع في سوريا، إذ يبدو أن السلطات في دمشق تعول على المساعدات الغذائية الأممية أو المقدمة من قبل حلفائها مثل روسيا وإيران.

وبيّن باكير، خلال حديث مقتضب لـ”الحل نت”، إنه بعد 11 عاما من النزاع، لا يزال الأطفال في جميع أنحاء سوريا يعيشون في ظروف كارثية، ويعيشون في مخيمات غير صحية وغير آمنة، ويتعرضون للقصف والضربات الجوية، ويواجهون الجوع والمرض وسوء التغذية.

وفي جميع أنحاء البلاد، ووفقا لما رصده الصندوق، يحتاج 6.5 مليون طفل إلى المساعدة الإنسانية. وهناك 5 ملايين طفل خارج المدرسة ويعاني ما يقرب من 800000 طفل من سوء التغذية. كما أن البلاد في خضم أزمة اقتصادية، مع انتشار جائحة “كورونا”، وانخفاض قيمة العملات الرئيسية. ونقص السلع الأساسية تساهم في الصراعات المالية للعائلات في جميع أنحاء سوريا.

وبيّن باكير، أن سعر سلة الغذاء ارتفعت بنسبة 97 بالمئة، مما يعني أنه بحلول نهاية العام، أنفقت الأسرة المتوسطة 41 بالمئة من دخلها على الغذاء لضمان بقاء أسرهم. كما يعاني حوالي 12 مليون شخص، 55 بالمئة من السكان، من انعدام الأمن الغذائي. وباتت العائلات تعمل على تقليل كمية الطعام التي تتناولها بشكل كبير ويعتمد معظمها بشكل كامل على المساعدات.

الجدير ذكره، أن دول الشرق الأوسط تواجه نقصا حادا في الغذاء بسبب الحرب في أوكرانيا. والتي يمكن أن تمتد إلى صراع وانتفاضات جديدة، كما يحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. ويعتمد جزء كبير من المنطقة على الحبوب المستوردة – خاصة القمح – لمنع المجاعة. وعليه يقول الخبراء، إنه إذا استمر الهجوم الروسي، فسوف يتسبب في موت واسع النطاق في العديد من البلدان الأخرى.

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع أسعار بالجملة.. شراكة بين الأدوية والخضار والفواكه

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.