في ظل انسحابات لأعضاء اللجنة الدستورية السورية، تُطرح تساؤلات عن الطريقة التي ستكمل اللجنة بها طريقها وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى حدوث خلافات بين أعضاء الفريق المعارض، لا سيما بعد البيان الذي طرحه الناطق باسم “هيئة التفاوض” السورية المعارضة، وعضو اللجنة الدستورية، يحيى العريضي، والذي قال فيه “دأب البعض في مؤسسات المعارضة السورية على التفرد والإقصاء، وتسيير المؤسسات بالاتجاه الذي يريدونه عبر لقاءات سرية، وتفاهمات وأوراق وصياغات لا نعلم عنها شيئا”.

الجولة السابعة التي بدأت أعمالها، الاثنين الفائت، سبقها انسحاب السياسي المعارض، العميد إبراهيم الجباوي، وإلى جانبه أعلن العميد عوض العلي، استقالته من اللجنة، وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت مصادر وصفت بالمطّلعة، أن المعارضين المستقلين مستاؤون من سير أعمال اللجنة الدستورية، وقد يعلنون انسحابهم من اجتماعات الجولة السابعة. فهل ينفرط عقد اللجنة الدستورية؟

اللجنة المصغرة تتفرد بالقرارات

في تصريح مقتضب، لـ”الحل نت”، حول البيان الذي أصدره، قال العريضي،  إن البيان عبارة عن إعلان لـ”عدم متابعة في هذا المسار البائس العبثي مدعما بتبيان الوقائع والأسباب”، إذ وصف العريضي، طريق اللجنة الدستورية بأنه لا يلتفت إلى العمل مع الأمم المتحدة وأمينها العام ودول العالم، للعودة إلى القرارات الدولية وتطبيقها وفق تسلسل البنود الواردة فيها.

هذا التصريح الجديد بعد يوم من انطلاق أعمال اللجنة في جولتها السابعة، لا يعتبره الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، مقدمة أو دليل على انسحاب اللجنة الدستورية من المفاوضات. وما حصل يندرج تحت إطار اعتراضات داخلية ضمن اللجنة الدستورية، لا ترقَى الى  درجة الخلافات.

ويشرح علوان خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الفريق الذي يسيطر على قرار اللجنة الدستورية هو فريق “الائتلاف السوري”، وهو بشكل أو بآخر يسير بتوافقات ضمن فريق الائتلاف. والأمر الأهم أن الدكتور العريضي، هو ضمن اللجنة الموسعة وليس ضمن لجنة الصياغة.

بمعنى أن العريضي، هو ضمن اللجنة التي عددها خمسين شخص، وليس ضمن اللجنة اللي عددها 15، والتي تحضر اليوم الاجتماعات مع وفد الحكومة السورية. بينما اللجنة الموسعة والتي تضم 50 عضوا من المعارضة، اجتمعت لمرة واحدة عند تأسيس اللجنة الدستورية فقط، وبعد ذلك لم تجتمع.

وعن اعتراض أعضاء خارج اللجنة المصغرة، قال علوان، “لأن الفريق الذي يسيطر على قرار اللجنة الدستورية هو فريق الائتلاف. وليس مطلوب منها مباشرة الصياغة أو مباشرة التفاوض على المبادئ الدستورية وعلى الدستور. وهذا جزء من اعتراضهم، بأنهم لا تصلهم بشكل مستمر كل ما يحصل من تفاصيل التفاوض، وتفاصيل الجولات ولا يستشارون بذلك. وهناك آخرين من أعضاء اللجنة الدستورية لديهم نفس الانطباع.

للقراءة أو الاستماع: خطة عمل ثقيلة على اللجنة الدستورية.. هل يستمر الفشل؟

لا مرجعية خلال عقد الجولات

وبيّن علوان، أن أعضاء اللجنة الدستورية بشقها الكبير، يقولون أن هناك مشكلة في المرجعية. بمعنى أن الوفد الذي يفاوض بكتلة اللجنة المصغرة، عليه أن تكون مرجعيته في جميع التفاصيل هي اللجنة الموسعة. كما أن مكونات اللجنة الدستورية  في اللجنتين يجب أن تعود إلى مرجعياتها.

وتفسيرا لذلك، يشير علوان، إلى أن الأعضاء الذين تمت تسميتهم من “هيئة التفاوض” يجب أن يعودوا إلى مرجعية هي التفاوض والمستقلين، ويجب أن يشكلوا مرجعية ما بين لجنة الصيغة وما بين اللجنة الموسعة. وهذا ما يتحدث عنه الذين أعلنوا اعتراضهم على آلية عمل اللجنة.

ولكن في المقابل، يتضح من موقفهم أن الاعتراض الحقيقي الذي يقدمونه سواء قدموا استقالاتهم أو فقط هو الاعتراض المعلن، هو ليس فقط على طريقة إدارة لجنة الصياغة للعملية ضمن مسار اللجنة الدستورية. فطبقا لحديث علوان، إنما أيضا على فرض المبعوث الأممي لمبدأ “خطوة مقابل خطوة” والتي هي محل توافق دولي.

وهذا ما آثار ويثير الكثير من ردات الفعل، إذ أعلنت المعارضة عن رفضها لمبدأ “الخطوة مقابل خطوة”. باعتباره خروج عن التفويض الممنوح للمبعوث الأممي، والذي يحدد بأرضية القرار الأممي 2254. و”خطوة مقابل خطوة” هو مسار خارج القرار الأممي الذي يجب أن يكون المرجعية لعمل اللجنة وبشكل عام للتفاوض ما بين الحكومة السورية والمعارضة.

للقراءة أو الاستماع: هل يُغلق ملف اللجنة الدستورية نهاية آذار؟

جولة حول أساسيات الحكم

المراقبون المطلعون على أعمال اللجنة، يرون وجود حالة واضحة من الجمود، ومعاناة شديدة لدى القائمين والمراقبين على جلسات التفاوض. لأنهم غير مدركين أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة. ما يتطلب عملية سياسية بقيادة سورية ومملوكة لسوريا، والتي يجب أن تدعمها دبلوماسية دولية بناءة. ولكن هذا صعب، وفق تقديرات المراقبين، وخاصة في الوقت الحالي، حسب متابعة “الحل نت”.

الرئيس المشارك للجنة عن المعارضة، هادي البحرة، قال في تصريحات إعلامية، إن ممثلي “هيئة التفاوض السورية” المعارضة قدموا صياغة مقترحة حول مبدأ “أساسيات الحكم” والأسس التي يقوم عليها، واستمعوا لملاحظات واقتراحات باقي الأطراف وأجابوا عليها.

وأضاف أن وفدي الحكومة السورية والمجتمع المدني سيقدمان، اليوم الثلاثاء وغدا، صياغات مقترحة بخصوص هوية الدولة ورموزها، بينما سيقدم وفد المعارضة، الخميس المقبل، الصياغة المقترحة بخصوص تنظيم السلطات العامة وعملها.

وبحسب تصريحات لمعارضين، فإن هناك حالة توتر في صفوف المعارضة السورية. لأن اللجنة وفق منظورهم لم تقدم أي توصيات إيجابية أو سلبية. وهي تتماشى مع مطالب الدول، وتتبع قيادة اللجنة التوجيهات الإقليمية والدولية. فيما بعض الأطراف ترغب في البقاء على المسار “الدستوري” بينما يعارضها البعض. بينما تقدم الجزء الثالث إلى الجولة السابعة التي تجري الآن لمدة يومين.

وكانت الدكتورة سميرة مبيض، العضو السابق في اللجنة الدستورية، قالت لموقع “الحل نت”، أن تعطيل اللجنة الدستورية قائم منذ الجلسة الأولى، بسبب ما وصفته بـ”هيمنة النظام والمعارضة على اللجنة المصغرة”، كما ترى أن ما سيزيد من هذا التعطيل؛ حدة اندلاع الحرب في أوكرانيا بحكم أن طرفي الصراع، روسيا والغرب، هم محاور مؤثرة في المشهد السياسي السوري.

وكانت آخر محادثات عُقدت في جنيف في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، عندما قال بيدرسن، إن رفض الحكومة السورية التفاوض بشأن تعديلات على دستورها كان سببا رئيسيا لفشلها. وجاءت المحادثات هذه الجولة بعد توقف دام تسعة أشهر في الاجتماعات التي تقودها الأمم المتحدة للجنة الدستورية السورية.

للقراءة أو الاستماع: لماذا تريد روسيا القضاء على اللجنة الدستورية السورية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.