انطلقت يوم أمس الأحد، الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية، برعاية المبعوث الأممي غير بيدرسن، في جنيف، وسط ما وصف باجتماع خلف الأبواب المغلقة في جنيف.

ويرى مراقبون بوجود حالة واضحة من الجمود، ومعاناة شديدة لدى القائمين والمراقبين على جلسات التفاوض. لأنهم غير مدركين أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، ما يتطلب عملية سياسية بقيادة سورية ومملوكة لسوريا، والتي يجب أن تدعمها دبلوماسية دولية بناءة. ولكن هذا صعب، وفق تقديرات المراقبين، وخاصة في الوقت الحالي، حسب مراقبين.

المبادىء الأربعة

قال بيدرسن في مؤتمر صحفي في 20 آذار/مارس الحالي، أن هناك أربعة مبادئ اتفقت عليها وفود التفاوض، من الحكومة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني، مضيفا أن سوريا لا تزال من أخطر الأزمات في العالم، وهناك حاجة واضحة للتقدم نحو حل سياسي.

وكان بيدرسن قد استعرض بعد اجتماعه بالرئيسين المشتركين للجنة الدستورية (هادي البحرة، أحمد الكزبري)، جدول الأعمال لهذا الأسبوع، واتفق على المبادئ أو العناوين الأربعة التي ستتم مناقشتها، بتوزيع مبدأ واحد لكل يوم، وهي، أساسيات الحوكمة، هوية الدولة، رموز الدولة، وتنظيم وعمل السلطات العامة. مشيرا بأنه لن يتم الحكم مسبقا على هذه الدورة، ولكن من الممكن أن يقدم إحاطة بالاجتماعات نهاية الأسبوع.

ويرى مراقبون، أن فكرة مناقشة أربعة مبادئ بمعدل مبدأ كل يوم هو أمر غير كاف، فالمبادئ التي طرحها بيدرسن تحتاج إلى وقت أطول من ذلك لنقاشها والاتفاق عليها، مبينين أن الوفود المشاركة لم تتمكن في 6 جلسات سابقة من الاتفاق على المبادئ العامة المتعلقة بالدستور.

ويرى الكاتب السياسي، حسان الأسود، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أنه لن يكون هناك أي تقدم إيجابي في هذه الجولة، لأنه كما في الجولات السابقة المعطل الرئيسي هي الحكومة السورية عبر وفدها للتفاوض، فهذه الحكومة لم تتغير بنيتها أو عقليتها وحتى مصالحها المتمثلة في البقاء بالحكم، وبالتالي ستلجأ للمماطلة والتمييع والتنصل من التعهدات، ما سيجعل هذه الجولة كسابقاتها.

وأوضح الأسود، أن دمشق ستقدم أوراقا ثم ستتراجع عنها كما في السابق، مشيرا إلى أنه ليس هناك أي اتفاق أو تفاهم تم مسبقا قبل هذه الجولة، على الرغم من أن وفد المعارضة في كل جولة يقوم بتقديم مقترحات جديدة لكن لم يتم أي اتفاق من أي نوع حتى الآن، وفق تعبيره.

قد يهمك: هل يُغلق ملف اللجنة الدستورية نهاية آذار؟

تعطيل اللجنة قائم ويهدد بنهايتها

تثير اللجنة الدستورية انقساما في مجلس الأمن الدولي، وتنعكس هذه الآراء المتباينة في مداخلة أعضاء، إذ يعتقد بعض أعضاء المجلس، مثل روسيا والصين، بأن عمل اللجنة يجب أن يمضي في وتيرته الخاصة دون تأثير خارجي.

كما يرى أعضاء آخرون في المجلس أن اللجنة لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، حتى أن التقدم المحدود على المسار السياسي وعلى تنفيذ القرار 2254 قد انحسر، وربما يصل لتعطيل اللجنة نهائيا، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكانت الدكتورة سميرة مبيض، العضو السابق في اللجنة الدستورية، قالت لموقع “الحل نت”، إن تعطيل اللجنة الدستورية قائم منذ الجلسة الأولى، بسبب ما وصفته بـ ”هيمنة النظام والمعارضة على اللجنة المصغرة”، كما ترى أن ما سيزيد من هذا التعطيل؛ حدة اندلاع الحرب في أوكرانيا بحكم أن طرفي الصراع، روسيا والغرب، هم محاور مؤثرة في المشهد السياسي السوري.

وحسب المبيض، فإن مشاركة وفد الحكومة السورية في العملية الدستورية، جاءت بضغط من حلفائها وليست نابعة عن قرار ذاتي من النظام؛ ليسعى إلى بناء دستور حديث لسوريا، لأن الدستور السابق يضمن له السلطة، ويمنحه صلاحيات مطلقة، وأي تغيير فيه سيؤدي لانتهاء هذه الحقبة، ومضيفة أن المعارضة لا تسعى لبناء دستور حديث، بل تسعى لإيجاد مقايضات لتقاسم السلطة والأراضي السورية مع المنظومة السابقة، وقد تقبل بإصلاحات دستورية، تضمن قوننة بقاءها في مناطق تحكمها، عبر قوى الأمر الواقع الحالية والفصائل التابعة.

ومن جهته، قال مدير مكتب العلاقات في حزب “أحرار الحزب الليبرالي السوري”، بسام القوتلي، لموقع “الحل نت” في تقرير سابق، أنه منذ البداية يرى السوريون عبثية العملية التفاوضية واللجنة الدستورية، ولكن المجتمع الدولي كان يأمل بأن تتصرف روسيا كشريك، وأن تضغط على الحكومة السورية والرئيس السوري، بشار الأسد تدريجيا لتتغير النظرة الدولية نحو روسيا، ويبدو أن المجتمع الدولي بدأ يقتنع بهذه العبثية، حسب وصفه.

وبسبب المتغيرات الدولية، تعتقد سميرة مبيض، أنه من الوارد أن يتعنت الطرفان المهيمنين على عمل اللجنة، في ظل معطيات الصراع الحالية بين المحاور الدولية. وقد يؤدي ذلك إلى إعلان فشل عمل اللجنة المصغرة من اللجنة الدستورية، وفتح مسار جديد للعمل الدستوري. على أن يضمن تحييد حالة هيمنة كلا من الحكومة السورية والمعارضة، والاستقطاب الأيديولوجي والصراع بينهما. والتركيز على تحقيق مصالح وأولويات السوريين في جميع المناطق.

إقرأ: لماذا لن تنجح سياسة “خطوة مقابل خطوة” في حل الصراع بسوريا؟

وكانت آخر جولة محادثات عُقدت في جنيف في تشرين الأول/أكتوبر الفائت (الجولة السادسة)، عندما قال بيدرسن، إن رفض الحكومة السورية التفاوض بشأن تعديلات على دستورها كان سببا رئيسيا لفشلها. وجاءت المحادثات هذه الجولة بعد توقف دام تسعة أشهر في الاجتماعات التي تقودها الأمم المتحدة للجنة الدستورية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.