“المسحراتي” المعروف أيضا باسم “الطبال” في أجزاء أخرى من المنطقة العربية؛ يوقظه رمضان، ليتجول خلال كل ليلة في شوارع وأزقة المدن ليتوقف أمام كل منزل لإيقاظ الناس على السحور. وعلى الرغم من أن المسحراتي فقد دوره الموضوعي في الحياة العصرية، مع ظهور تطبيقات أيام الإفطار والسحور والإمساكية، والتطور الحياتي والتكنولوجي إلا أنه لم يغب عن الشوارع السورية في تقليد إحياء الطقوس والتقاليد الرمضانية التي يحتاجها المجتمع المنهك.

زيادة في أعداد المسحراتية

مع قدوم رمضان، يتم إحياء العديد من التقاليد القديمة. وواحدة من هذه التقاليد المثيرة للاهتمام، خاصة في المنطقة العربية، هي “المسحراتي”، أو المتجول الليلي، الذي يأخذ على عاتقه مهمة التجول في القرية أو المدينة، وإيقاظ الناس للسحور، وهي الوجبة الخفيفة التي يتناولها المسلمون قبل أن يبدأوا الصيام من الفجر حتى الغسق.

بصوت جهوري، ينادي مسحراتي سوريا “يا نايم وحد الدايم يا نايم العمر مو دايم”، وعندها يعرف أهل البيت أنه حان وقت السحور، فيبدأ أهل البيت بإيقاظ النائمين واحدا تلو الآخر. فمع رمضان الحالي، يشير أهالي دمشق لـ”الحل نت”، إلى أن هنالك زيادة في أعداد المسحراتية.

يقول عبد الرحمن السروجي، إنه ومنذ الليلة الأولى لدخول رمضان، ارتدى المسحراتية الأزياء التقليدية، لهم لإعادة إحياء التقاليد القديمة، على الرغم من التقدم التكنولوجي الذي يقدم أجهزة مختلفة لتذكير الناس بوقت الإفطار والسحور.

وبحسب حديث السروجي، لـ”الحل نت” فإن المسحراتي يستخدم طرقا مختلفة لإيقاظ الناس. وهم ينشدون أغاني تراثية مثل “يا عبد الله، وحد الله”، وغيرها من الهتافات، بالإضافة إلى استخدام الطبول منها الصغيرة أو الكبيرة، بحسب قدرة المسحراتي وعمره.

للقراءة أو الاستماع: “المحيبس” أشهر الطقوس الرمضانية في العراق.. ماذا تعرفون عنه؟

المرأة المسحراتي

في كل عام، يجب على الأشخاص الذين يعتزمون العمل كمسحراتية خلال شهر رمضان التقدم للحصول على ترخيص من المحافظة. ويتم اختيار أولئك الذين يستوفون المتطلبات، ولا سيما فيما يتعلق بالشروط الأمنية.

https://twitter.com/Alresalahpress/status/1510638112594092035?s=20&t=x8DNEUKiEHyJXhYYW-FKYw

ويعتبر “المسحراتي”، الذي يتبنى طرقا مختلفة لدعوة الناس للسحور، رمزا لشهر رمضان منذ قرون في العديد من البلدان العربية، ولا سيما سوريا. ولكن نتيجة للتقدم التكنولوجي، بدأت الممارسة تتلاشى ببطء لتصبح جزءا من الفولكلور الشعبي.

وفي سياق الحديث مع السروجي، كشف أن امرأة في أحياء دمشق هذا العام، تطوعت ولعبت دور “المسحراتي”. وبحسب السروجي، فهذه المرأة تقرع الطبل وتتجول في الشوارع لتوقظ جيرانها على السحور دون انتظار أي مقابل مادي أو مكافأة.

ومن المعروف، وطبقا لحديث العامة، فإن للمسحراتي ثلاث جولات إحداها يومية لإيقاظ الناس وقت السحور. والثانية تشمل معظم الأحياء لجمع المساعدات ويرافقه من يساعده في جولته، والثالثة صباح العيد لجمع العيديات.

للقراءة أو الاستماع: غلاء الأسعار يبعد الأطعمة الدسمة عن الموائد السورية

كيف ظهر المسحراتي؟

تاريخيا وفي الفترة الأولى لرمضان، لم يكن هناك مسحراتي بمعناه التقليدي، يدور لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور عند الفجر. إذ ظهرت وظيفة “المسحراتي” لأول مرة في العهد العباسي. حيث كان عتبة بن إسحاق، حاكم مصر آنذاك، أول مسحراتي معروف في التاريخ. إذ سار في شوارع القاهرة لتذكير الناس بوقت السحور عام 238 هـ.

ولم تكن مهمة سهلة آنذاك، فاضطر بن إسحاق إلى بذل جهود كبيرة لدعم التقليد بالسير في المدينة مع العسكر. وفي زمن الفاطميين أصدر الحاكم بأمر الله، مرسوما يطلب من الناس النوم باكرا بعد صلاة التراويح. وفي الوقت نفسه، أمر ضباط الجيش بالطرق على أبواب الناس لإيقاظهم من أجل السحور.

ومع مرور الوقت، عيّن الحكام أفرادا أو مسحراتية لإيقاظ الناس للسحور. وكانوا يطرقون الأبواب بالعصي التي كانوا يحملونها أثناء تجوالهم في المدن والقرى. كما اعتادت بعض المسحراتية على قرع الطبول بإيقاعات جذابة لإيقاظ الناس.

للقراءة أو الاستماع: المنسف الحوراني خارج حسابات أهالي درعا في رمضان

أشكال المسحراتية في العالم العربي

اتخذ المسحراتية أشكالا مختلفة على مر السنين. فأثناء وجودهم في عمان يقرعون الطبول لإيقاظ الناس، وفي الكويت يسير المسحراتية في الشوارع برفقة أطفال يتلون الأدعية. أما في اليمن، يطرق الأهالي أبواب جيرانهم بالعصا ويطلبون منهم أن يستيقظوا.

وفي السودان، فإن الطفل الذي يرافق المسحراتي حاملا فانوسا، يحصل على كتاب بأسماء السكان ويقرع الباب بعصاه، ينادي باسم رب الأسرة ويقول له: “يا عبد الله، وحد الدايم، رمضان كريم”.

وبالانتقال إلى لبنان وسوريا وفلسطين، فيستخدم المسحراتي إما صافرة أو تراتيل خاصة لتذكير السكان بوقت السحور. وجرت العادة أن قبل رمضان يزور المسحراتي المنازل لتسجيل أسماء السكان، ويكتب على الباب أسماء أفراد الأسرة وينادي بأسمائهم وقت السحور.

الجدير ذكره، بأن الناس لم يعودوا بحاجة إلى طرق المسحراتي للاستيقاظ من أجل السحور. ومع ذلك، لا تزال العديد من المجتمعات تشجعهم كرمز لشهر رمضان.

للقراءة أو الاستماع: بهجة زينة شهر رمضان تقليد قديم أطفئه الغلاء في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.