وفق الحديث المعتاد في الأسواق السورية، لطالما كان شهر رمضان أحد الأوقات التي تشهد ارتفاعا لأسعار المواد الغذائية بسبب زيادة الطلب عليها. لكن ذلك لا يعني أن هناك أسبابا أخرى أدت لارتفاع الأسعار المتزايد؛ لعل أبرزها قرار إلغاء الدعم الحكومي، وفشل السياسات الاقتصادية لدمشق، والفساد المستشري في الأجهزة الحكومية المختصة بكل ما يتصل بحياة المواطن السوري ومعيشته.

ولم تجد الإجراءات التي تدعي الحكومة القيام بها كتسيير دوريات لمراقبة الأسواق وتحرير ضبوط بحق المخالفين نفعا، كما أنها لم تؤثر في الأسعار مطلقا، فالأسعار لا تزال في صعود يومي، وهذا ما جعل المواطنين في حالة تساؤل وتشكيك حول دور الحكومة الموافقة ضمنا على ما يجري.

الاستيراد هو الحل الجديد

إن ارتفاع الأسعار في سوريا هو عبارة عن مزيج من الأسباب الخارجية التي باتت معروفة وأثرت على الاقتصاد العالمي مؤخرا، وأسباب داخلية هي الأهم والتي تقع مسؤولية معظم حلولها على الحكومة العاجزة أو غير الراغبة بإيجاد حلول حقيقية، رغم ادعائها المستمر بالبحث عن حلول.

في هذا السياق، أكد رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، أبو الهدى اللحام، وجود تعاون تام مع الحكومة في توفير أكبر كمية ممكنة من السلع لضبط آليات السوق والسيطرة على أي تغيرات أو ارتفاعات غير مبررة في الأسعار، حسب صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين.

وبين اللحام، أن هناك تنسيقا بين المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص، سيسهم في توافر السلع المختلفة بأسعار مناسبة ويأتي على النحو الذي يحقق للحكومة رؤية واضحة تجاه الوضع لاتخاذ القرار المناسب في هذه الفترة الدقيقة التي تشهد ارتفاعا للأسعار في مختلف دول العالم، وتضاعف معدلات التضخم العالمية تأثرا بالأوضاع العالمية وتوقف حركة الإمداد التجارية من أوكرانيا بسبب الغزو الروسي لها.

بحسب اللحام فإن الحل الأمثل هو فتح باب الاستيراد لجميع السلع والمواد الإستراتيجية، من أجل ضبط الأسواق، مشيرا إلى اتمام الاتفاق مع الجهات الحكومية للسماح باستيراد الكثير من السلع الأمر الذي ينعكس على زيادة الطلب وتوافر المادة مما يساهم في انخفاض الأسعار، وأضاف أن الحكومة “تعمل على تقديم العديد من التسهيلات المتعلقة بعمليات الاستيراد ودعم عمليات توافر السلع بالأسواق” وفق قوله.

قد يهمك:أوهام مهرجانات التخفيض في سوريا.. الأسعار مرتفعة بكل الأحوال

صعوبات ودور للمواطن؟

يرى مختصون اقتصاديون، أن كل ما تنادي به الحكومة من تحسين للواقع المعيشي للمواطن وتأمين احتياجاته هو مجرد تصريحات، لا أساس لها على أرض الواقع، وبأن الحكومة شريك في ارتفاع الأسعار والفوضى العارمة في الأسواق، والارتفاع بأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية.

وسبق أن طالب مسؤولون في جمعية حماية المستهلك، الحكومة بالعمل على إيجاد حلول لتخفيض الضغط عن المواطن، واصفين التذرع بالحرب الروسية-الأوكرانية بالشماعة، والحل الأجدى لحل مشكلة الغلاء يكمن بتخفيض الأسعار وضبط الأسواق، ورفع الأجور حتى لو امتصها السوق وأدت إلى تضخم جديد، وهو حل إسعافي مؤقت حتى يتم تقديم حلول استراتيجية.

وفي سياق خفض الأسعار عبر الاستيراد، يرى اللحام أن السوق ستشهد بعد ذلك انخفاضا بالأسعار لكن ليس بالنسبة المطلوبة لأن النفقات والتكاليف مرتفعة، كما أن تخفيض أو حتى تثبيت الأسعار بالأسواق أصبحت عملية صعبة، لأن ذلك يعتمد على توافر السلع كلها.كما أشار إلى أن توافر السلع هو الأساس وفي حال سمحت الحكومة اليوم بفتح باب الاستيراد للمواد، وقامت بتسهيل عمليات الدفع مع الأخذ بعين الاعتبار تقديم جميع التسهيلات للمستورد لتأمين القطع الأجنبي بالطرق التي يراها المستورد مناسبة، وبشرط ألا يؤثر ذلك على الاقتصاد الوطني، فإن هذه الإجراءات الإيجابية ستحقق نقلة نوعية بالأسواق تأثيراتها الايجابية لن تظهر فورا، لكن سيكون هناك انخفاض بالأسعار حسب التكلفة الحقيقية، بحسب تعبيره.

مع العلم أن أي تخفيض سيبقى أكبر من القدرة الشرائية للمواطن، وهذا الضعف ينعكس على كل عمليات النشاط الاقتصادي، لذلك فالأمور بحاجة إلى أن تتحسن “خطوة خطوة” خاصة في شهر رمضان الذي يزيد فيه الطلب على المواد ما يؤدي إلى زيادة الأسعار.

ويحاول اللحام من خلال خطته إلقاء جزء من عملية ضبط الأسعار على المواطنين بالإضافة لمسؤولية الحكومة، حيث يرى أنه لا يمكن أن تسيطر الحكومة على جميع التجار والباعة.

إقرأ:فروقات بين “رمضانين” وارتفاع الأسعار وصل لـ 500 بالمئة

وكانت الحكومة قد وضعت الحكومة عنوانا لأدائها في المرحلة السابقة، بأنها لن تتجه إلى زيادات كبيرة في الرواتب كما يقتضي المنطق، وذلك بحجة أن السوق سيمتص هذه السيولة ولن يستفيد منها الموظف الاستفادة الحقيقية المطلوبة، وسيكون الاتجاه نحو تخفيض الأسعار، لكن ما حدث على الأرض هو أن الأسعار حلقت بجنون، ودخل المواطن وقدرته الشرائية انخفضا بشكل كبير، والأهم هو أن هامش الثقة بالإجراءات الحكومية انخفض كثيرا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.