تسعى الحكومة السورية باستمرار إلى التهرب من العقوبات المفروضة عليها منذ العام 2011، والتي عززها قانون “قيصر” لتزداد شدتها على دمشق، وذلك في إطار مواجهة الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد لا سيما خلال الفترة الأخيرة.

وثائق صادرة عن وزارة الخارجية الباكستانية، كشفت عن طلب الحكومة السورية من باكستان، إيداع الأموال وفتح حسابات مصرفية لرجال أعمال سوريين.

شروط باكستانية

وتظهر الوثائق التي نشرها الخبير الاقتصادي ضياء الياسين قبل أيام، شروط عديدة وضعتها باكستان لتنفيذ طلبات حكومة دمشق، وأبرزها “التحقق من هوية المودع وعدم وجود عقوبات ضده“.

كذلك حددت الوثيقة الصادرة بتاريخ الرابع والعشرين من شهر آذار /مارس الماضي، شرط أن يوضح المودع الغرض والهدف من ودائعه في باكستان.

واتبعت دمشق خلال السنوات الماضية العديد من الوسائل للتهرب من العقوبات، من خلال مساعدة حلفائها روسيا وإيران، وبوسائل داخلية تعتمد على الشركات الوهمية أو ما تعرف بـ“شركات الواجهة“، وقد نجحت بفعل معظم هذه الوسائل من التهرب من العقوبات.

هل تنجح الاتفاقية.

ويستبعد الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية أدهم قضيماتي، إمكانية نجاح اتفاق من هذا النوع بين إسلام أباد ودمشق، وذلك بسبب طبيعة سياسة الحكومة الباكستانية القادمة.

ويوضح قضيماتي في حديثه لـ“الحل نت” قائلا: “هذا الأمر كان ممكن أن ينجح سابقا، لكن الآن الوضع في باكستان غير مستقر على المستوى السياسي، رئيس الوزراء السابق كان ولاؤه للروسي، أما الآن فالحكومة تميل أكثر لأميركا، ذلك هناك صعوبات في تنفيذ مثل هذه الاتفاقيات أو فتح حسابات أو إيداعات بين حكومة دمشق، وباكستان“.

ويؤكد قضيماتي أن إقدام دمشق على هذه الخطوة، يأتي في إطار جهودها المستمرة للتهرب من العقوبات الاقتصادية، ويشير إلى أن دمشق قد تنجح فعلا في ذلك، إذا استطاعت تنفيذ ما جاء في التسريبات، وذلك بسبب الاقتصاد القوي الذي تمتلكه باكستان، فضلا عن علاقاتها الاقتصادية الدولية القوية.

وحول ذلك يضيف: “اقتصاد باكستان يعتبر من الاقتصادات القوية في العالم، لذلك اتجهت دمشق إلى تلك الدولة، ولكن هذا متوقف على أنه يجب أن تكون الحكومة الجديدة  متعاونة مع روسيا لتمرير هكذا اتفاقيات لصالح الحكومة السورية“.

اقرأ أيضا: قرار جديد لضبط سعر صرف الليرة السورية.. هل ينجح؟

شركات وهمية

تحاول حكومة دمشق، وحتى حلفائها الاعتماد على الشركات الوهمية في الآونة الأخيرة، فهو الأسلوب الأمثل للهروب من قانون قيصر لمعاقبة سوريا، والذي يفرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية، وعلى كل الأفراد والكيانات الاقتصادية الذين يتعاملون معها.

وفي هذا السياق، أظهرت وثائق رسمية، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أنها حصلت على نسخة منها، أن دمشق تؤسس شركات وهمية، في محاولة ممنهجة منها لتجنب العقوبات المفروضة عليها.

وأوضحت الصحيفة، في عددها الصادر يوم الثلاثاء الفائت، أن ما لا يقل عن ثلاث شركات تأسست في سوريا في نفس اليوم، بغرض صريح يتمثل في التغطية على شراء الأسهم وإدارة شركات أخرى، كما تُظهر صلات واضحة بين مالكي الشركات الوهمية الجديدة، وبشار الأسد والنخبة القوية اقتصاديا في سوريا، بما في ذلك الأفراد الخاضعين للعقوبات.

وتعيش البلاد منذ أشهر حالة من التدهور الاقتصادي غير المسبوق، في ظل فقدان الحكومة السيطرة على الأسواق، وعجزها عن ضبط الأسعار وتأمين السلع الأساسية والمواد الغذائية بأسعار مناسبة، وتكتفي فقط بإطلاق الوعود الوهمية لتحسين الواقع المعيشي.

لا حلول اقتصادية تلوح في الأفق خلال الفترة المقبلة ولا يمكن أن تنجز أية قفزات إيجابية للوضع الاقتصادي، وفق رأي المحلل الاقتصادي، صبحي فريحات، الذي أشار خلال حديث سابق لـ“الحل نت” بأنه وفي ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، يتلاشى الأمل بأي انتعاشة اقتصادية للمواطنين في ظل غياب اعتماد العديد من الأسر السورية على الدعم الحكومي المقدم لعدد من السلع والخدمات الأساسية.

حيث بات ذلك مهددا مع القرارات الحكومية الأخيرة القاضية بزيادة أسعار السلع المدعومة، والحديث المتزايد عن إمكانية إعادة النظر ببعض أوجه ذلك الدعم.

اقرأ أيضا: هجرة داخلية لـ “اللحوم السورية”.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.