إسرائيل قلقة في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى بشأن احتمالية تمدد النفوذ الإيراني في سوريا خلال  الفترة القادمة. هذا القلق يكّمن في مستويين؛ الأول هو موضوع اتفاق نووي إيراني وشيك في مفاوضات فيينا، الأمر الذي من شأنه تخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية على إيران، ما قد يسمح لها بالتمدد أكثر في المنطقة، لا سيما في سوريا المحاذية للحدود الإسرائيلية.

أما المستوى الآخر، وهو الأكثر تخوفا لإسرائيل، فهو مسألة انشغال روسيا بحربها ضد جارتها الغربية أوكرانيا، واحتمالية انسياق الصراع هناك إلى أماكن أكثر صعوبة وتورطا لموسكو، وبالتالي اضطرار روسيا إلى التخفيف من تواجد قواتها ودعمها من سوريا، ما قد يتيح لإيران ملأ الفراغ الروسي في سوريا، وهو أمر لا بد أن القوى الدولية تتحسب له وتضعه في حسبانها.

الوجود الروسي في سوريا

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، نشرت تقريرا تحليليا قبل أيام، وصفت فيه موقف إسرائيل تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا بـ “الضبابي”، وأن ذلك ظهر جليا من خلال تصريحات إسرائيلية.

حيث صوتت تل أبيب مع واشنطن على قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، الذي وصف ما ترتكبه روسيا في أوكرانيا بـ “جرائم حرب”، الأمر الذي وضع إسرائيل في معضلة معقدة مع موسكو في مسألة أوكرانيا، وفقا للصحيفة الإسرائيلية.

لكن السفير الروسي في إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، قال إن روسيا وإسرائيل ما تزالا “صديقتين”، وفقا لما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

وفي ذات السياق، أكد مصدر عسكري إسرائيلي للصحيفة أن “إسرائيل تحاول السير بحذر على الحبل الدقيق، لكن الحديث لم يعد فقط عن الحذر العملياتي، وعدم المس بالأهداف الحساسة لروسيا، مثل قواعد الجيش السوري، بل عن اعتبارات سياسية. لم يتم مس التنسيق الجوي حتى الآن. لأننا نعلم أن الجدول الزمني آخذ في التقلص، فربما يتعين علينا زيادة وتيرة الهجمات الجوية”.

ويرى المحلل السياسي، سامح مهدي، خلال حديثه لـ”الحل نت” أن “إيران يبدو أن شهيتها ترتفع لملء الفراغ الروسي في سوريا على خلفية انشغالها بالحرب في أوكرانيا، وبالتالي تحاول أن تقوم في إطار المنافسة المحمومة مع موسكو بالتوسع في سوريا وفي مناطق نفوذ القوات والفصائل التابعة لروسيا، وهو الأمر الذي كشفت عنه تقارير عديدة مؤخرا بعد زيادة وجودها العسكري في ريف حماة، وفي حمص، وفي مطار النيرب وكذا في شرق سوريا”.

وتابع المحلل السياسي في السياق ذاته، أنه “بالإضافة إلى ذلك تم تحويل اللواء 47، إلى قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي تقوم بإدارة الوجود العسكري الإيراني في المحافظة بكاملها مع مطار حماة العسكري، ولذلك تزامنت التحركات الإيرانية مع عودة الضربات الإسرائيلية على مناطق تواجد طهران ومليشياتها وتحديدا بعد اكتشاف زيادة في عملية نقل العناصر المسلحة والعتاد، وقد تم استهداف مناطق بها أسلحة نوعية ومصنع للطائرات المسيّرة بالقرب من القواعد الإيرانية بوسط البلاد”.

قد يهمك: ما سر غموض الموقف الإسرائيلي من الغزو الروسي لأوكرانيا؟

التحركات العسكرية الروسية في سوريا

تقارير صحفية، تفيد بأنه ما زالت التدريبات الروسية للقوات الحكومة السورية مستمرة، إضافة إلى تسييرها دوريات على طريق “5M” الدولي في سوريا، وشن سلاح الجو الروسي ضربات رغم تراجع وتيرتها عن عام 2021.

لكن بحسب ما نشرته هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، في 16 نيسان /أبريل الجاري، أجلت روسيا مناوبات وحداتها العسكرية في سوريا، بسبب تحركاتها العسكرية في أوكرانيا.

وأضافت الهيئة الأوكرانية أنه “بسبب الأعمال العدائية على أراضي أوكرانيا، تأجل تناوب وحدات الفيلق 68 للجيش الروسي في المنطقة العسكرية الشرقية بسوريا”.

وبالعودة إلى المحلل السياسي، الذي تحدث لموقع “الحل نت”، حول احتمالية تراجع الدور الروسي في سوريا، قال “لا أعتقد أن الدور الروسي سوف يتراجع إنما هو توقف مؤقت واضطراري لحسابات المصلحة، وسوف تقوم إسرائيل من جانبها بتكثيف ضرباتها من أجل إبطاء عملية التوسع الإيراني ووقف نشاطه، وهو الأمر الذي يتم برضى وقبول روسي لأنه يحقق لها مصلحة استراتيجية في إطار المنافسة بينهما في دمشق”.

من جانبها، الصحيفة الإسرائيلية كانت قد أشارت إلى أن ما يثير القلق الإسرائيلي هو أن روسيا تقوم بتخفيض قواتها في سوريا، ومن بينها مئات المرتزقة من مجموعة “فاغنر”، لتعزيز وجودها في أوكرانيا، بينما يتستبدل الميليشيات الموالية لإيران بالجنود الروس المُنسحبين، حسب تقارير صحفية.

ووفق دراسة تحليلية لمركز “جسور” للدراسات، من المرجح أن يؤدي استمرار الصراع في أوكرانيا على المدى البعيد إلى تراجع أو تخلي روسيا عن دعم بعض الوحدات العسكرية التي ساعدت حكومة دمشق في استعادة توازنه في الأعوام الماضية، مثل “الفيلق الخامس” و”الفرقة السادسة” و”الفرقة 25″.

قد يهمك: متى سيتوقف القصف الإسرائيلي على سوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.