مؤتمر “بروكسل” السادس للاتحاد الأوروبي في سياق الدعم المستمر للشعب السوري، عقد يومي 9-10 أيار/مايو الجاري، والذي يهدف إلى إعادة تأكيد دعم المجتمع الدولي المستمر للشعب السوري المتضرر من الصراع في سوريا. وجهود الأمم المتحدة واللجنة الخاصة لمبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وعلى إثر ذلك تعهدت الدول المانحة في المؤتمر المخصص لمستقبل سوريا والمنطقة، بتقديم 6.4 مليار يورو، لمساعدة الشعب السوري والدول المضيفة للاجئين السوريين.

وضم المؤتمر الذي عقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، مجموعة من الممثلين من 55 دولة و 22 منظمة دولية، من بينها الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، لكنه استبعد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.

المفوضية الأوروبية تقدم مساعدة بـ 3 مليارات يورو

هذه التعهدات المالية المساعدة لسوريا من قبل الدول المانحة لعام 2022 وما بعده، سيساعد الناس في سوريا والدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين السوريين، بحسب موقع الاتحاد الأوروبي.

ودعا المشاركين في مؤتمر المانحين السادس إلى “عدم التخلي عن سوريا” حسب ما صرح به الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل في ختام المؤتمر.

ومن هذا المبلغ، تعهد الاتحاد الأوروبي بأكثر من 4.8 مليار يورو، مع أكثر من 3.1 مليار يورو من المفوضية الأوروبية و1.7 مليار يورو من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وبهذا يعد الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من أكبر المانحين الذين يدعمون الناس في سوريا والمنطقة منذ عام 2011، حيث حشد 27.4 مليار يورو بشكل عام.

وفي افتتاح  مؤتمرالمانحين في بروكسل، قال بوريل، إن 60 بالمئة من سكان سوريا، “يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبالكاد يعرفون من أين ستأتي الوجبة التالية”.

وقال بوريل، إن “الحرب الروسية ستزيد أسعار الغذاء والطاقة وسيصبح الوضع في سوريا أسوأ”. مشيرا إلى أن وكالات الإغاثة تأمل في لفت انتباه العالم إلى سوريا خلال المؤتمر، الذي استضافه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. حيث يوجه التمويل أيضا لمساعدة 5.7 مليون لاجئ سوري يعيشون في البلدان المجاورة، ولا سيما تركيا ولبنان والأردن.

وأردف بوريل، “نظهر اليوم أن المجتمع الدولي لا يزال مصمما على دعم الشعب السوري، أينما كان، وكذلك المجتمعات المضيفة السخية التي تؤويه. نبقي على قيد الحياة شعلة الأمل في سوريا عادلة وسلمية”.

أما بالنسبة لعام 2023 سيقدم الاتحاد الأوروبي مساهمة بـ 1.56 مليار يورو، وأن “المؤتمر السنوي في بروكسل يبلور الآمال للشعب السوري على الرغم من أنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق، للأسف”، بحسب بوريل.

ووفق بوريل، سيغطي هذا التمويل احتياجات اللاجئين، داخل سوريا وخارجها، ويدعم الدول المجاورة في المنطقة التي “استضافتهم بسخاء لأكثر من عقد من الزمن حتى الآن”، على حد قوله.

وتابع بوريل في حديثه خلال المؤتمر: بعد مرور أحد عشر عاما من الصراع الدموي والمدمر في سوريا، أطلقنا مؤتمر التعهدات هذا مرة أخرى في بروكسل. لا يزال الملايين من النازحين داخل البلاد، الملايين يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة وحتى بعيدا عنها، لهذا نريد إظهار اهتمامنا بالشعب السوري ولحث المجتمع الدولي على البحث عن طرق حول كيفية تلبية احتياجاته.

وأضاف “بالتأكيد، سوريا ومعاناة شعبها قد لا تكون في بؤرة الأخبار بعد الآن. هناك إجهاد معين بعد أحد عشر عاما” مشيرا إلى أن 90″ بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر ويعاني 60 بالمئة منهم من انعدام الأمن الغذائي”.

قد يهمك: استمرار الحرب في أوكرانيا يضرب الحياة في سوريا

حل سياسي شامل

أكد المشاركون في المؤتمر التأكيد على الاستمرار في دعم الشعب السوري وحشد المجتمع الدولي، دعما لحل سياسي شامل وموثوق للصراع في سوريا، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن الأممي 2254.

من جانبه، قال كبير الدبلوماسيين الأوروبيين، “ما زلنا مقتنعين بأن الحل السياسي الشامل، بوساطة الأمم المتحدة، هو الحتمية القصوى. على الرغم من أن مؤتمر هذا العام ينعقد على خلفية الحرب ضد أوكرانيا، إلا أننا لن ننسى الشعب السوري”.

وفي الإطار ذاته، صرحت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بأنه لن تتأثر المساعدة لسوريا بأي شكل من الأشكال بما تفعله الولايات المتحدة في أوكرانيا، وقالت : “وهذا التعهد الذي نقدمه يظهر ذلك”.

وبيّنت غرينفيلد، أن هناك مخاوف متزايدة تتعلق بالموقف الروسي، بشأن الإبقاء على معبر “باب الهوى” الحدودي من تركيا إلى سوريا مفتوحا، وهو المعبر الحدودي الوحيد المفتوح الآن للمساعدات الإنسانية. إذ سينتهي قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإبقائه مفتوحا لمدة عام، في تموز/يوليو القادم.

وأوضحت غرينفيلد، أن أمريكا ستقدم أكثر من 800 مليون دولار أمريكي، من ضمن المبلغ الكلي، وهو أكبر مبلغ تبرعت به الولايات المتحدة على الإطلاق في مؤتمر “بروكسل” مع استمرار الأزمة الإنسانية في أوكرانيا أيضا.

كما وأشار المشاركون في المؤتمر إلى أنه لم يحن الوقت لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، مضيفين أنه “سيتعين على دمشق تغيير مسارها بشكل جذري والانخراط بشكل هادف في عملية سياسية حقيقية”، داعيين إلى وجوب “مواصلة الضغط على الحكومة السورية للانخراط في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة” وأقروا بالتطلع المشروع للشعب السوري إلى “العدالة والمحاسبة على الجرائم الفظيعة التي ارتكبت بحقه في سياق النزاع”.

الأموال التي خصصها مؤتمر “بروكسل” السادس

وفي هذا السياق، قالت ألمانيا إنها تتعهد بتقديم أكثر من مليار يورو لدعم سوريا في مؤتمر “بروكسل”، بينما صرحت المملكة المتحدة عن تعهدها بتقديم ما يصل إلى 158 مليون جنيه إسترليني لدعم السوريين المستضعفين، وكذلك المساعدة في التخفيف من الأثر المزعزع للاستقرار للنزاع في المنطقة.

من جانبها، تعهدت فرنسا التزامها بدعم الشعب السوري بمساعدات تبلغ قيمتها 373 مليون يورو. وضمن السياق ذاته، قالت سفيرة فرنسا في سوريا، بريجيت كورمي، “نحن مستمرون في حشد كل جهودنا لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا”.

كما وتعهدت سويسرا بالمساهمة بمبلغ 60 مليون فرنك سويسري، إذ “أصبحت الاحتياجات الإنسانية أكبر من أي وقت مضى بعد 11 عاما من بدء الصراع”، بحسب الخارجية السويسرية.


أما دولة كندا فتعهدت بتقديم 229 مليون دولار لمساعدة سوريا والدول المجاورة التي تستضيف لاجئين سوريين، وقالت وزيرة التنمية الدولية، هارجيت ساجان، إن التعهد يشمل حزمة المساعدات 169 مليون دولار للغذاء والمياه النظيفة والنظافة والخدمات الصحية، بالإضافة إلى دعم النساء اللائي يواجهن العنف الجنسي والمنزلي.

فيما تعهدت دولة السويد بالتبرع بمبلغ 66 مليون يورو، وقالت المشاركة السويدية في المؤتمر، وزيرة الدولة للتنمية الدولية، جيني أولسون، “الأزمة في أوكرانيا، بالطبع، تستحوذ على الكثير من الاهتمام، لكننا نظل ثابتين ومركزين في دعمنا للشعب السوري”.

وفي مؤتمر بروكسل السابق، والذي عقد في 29 و30 آذار/مارس 2021، واشترك في رئاسته الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، تعهد المجتمع الدولي بـ 5.3 مليار يورو من أصل 10 مليار لعام 2021، لسوريا والبلدان المجاورة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين. ومن هذا المبلغ، وفر الاتحاد الأوروبي 3.7 مليار يورو، يشمل 1.12 مليار يورو من المفوضية الأوروبية و 2.6 مليار يورو من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

قد يهمك: خمس توصيات من منظمات حقوقية وإنسانية سورية إلى مؤتمر “بروكسل”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.