قرار صادم، لم تتوقعه الحكومة العراقية ولا أغلبية أعضاء البرلمان العراقي، وبات ملزما للكل. يتمثل القرار بإلغاء مشروع قانون “الأمن الغذائي” من قبل “المحكمة الاتحادية العليا”، اليوم الأحد.

قرار المحكمة التي تعد أعلى سلطة قضائية في العراق، جاء كرد على طلب من الرئيس العراقي برهم صالح وعدد من النواب حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال الحالية.

بحسب قرار المحكمة، فإن الحكومة الحالية هي بمثابة المستقيلة ومنتهية الصلاحية، واستمرارها فقط لتصريف الأعمال اليومية، لحين تشكيل حكومة جديدة.

ومما جاء في القرار، أنه “لا ينبغي على حكومة تصريف الأعمال، اتخاذ قرارات سياسية ذات أهمية كبرى واثر محسوس على حياة الأمة مستقبلا”.

وذكرت، أن “حكومة تصريف الأعمال تخضع للرقابة القضائية والإدارية فقط (…) ولا يحق اقتراح مشاريع القوانين أو عقد القروض أو التعيين بالمناصب العليا للدولة أو الإعفاء أو إعادة هيكلة الوزارات”.

ردود فعل حكومية

القرار القضائي، أثار ردود فعل كثيرة، أبرزها من قبل الحكومة متمثلة برئيسها مصطفى الكاظمي، ووزير المالية علي علاوي، وذلك في بيانين منفصلين لكل واحد منهما.

قال الكاظمي، إن الحكومة تؤكّد احترامها الكامل للنصوص والتوقيتات الدستورية، والقوانين الملزمة، والفتاوى الصادرة عن “المحكمة الاتحادية العليا” لتفسير هذه النصوص.

وأضاف، أنّ الحكومة – كحكومة تسيير أعمال يومية – وفق الدستور، قد سبق أن قدّمت إلى مجلس النواب، قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، بدواعٍ ملحة؛ لمعالجة التحديات الاقتصادية في البلاد.

وبحسب الكاظمي، فإن عدم إقرار القانون، “يمثل عامل عرقلة لدور الحكومة في تسيير الأمور اليومية التي يقع على عاتقها توفير متطلبات الشعب العراقي، وحماية الفئات الأكثر فقرا وتوفير الخدمات والكهرباء والحد من ارتفاع الأسعار العالمية”.

أما وزير المالية، فقال إن القرار يمنع الحكومة من اقتراح قانون موازنة 2022، وأن قانون “الأمن الغذائي” يعد ضروريا في غياب موازنة 2022، وسيؤثر قرار “المحكمة الاتحادية” في قدرة الوزارة على إدارة المالية العامة.

للقراءة أو الاستماع:

ما تداعيات إلغاء مشروع قانون “الأمن الغذائي” الذي كان يعتزم البرلمان العراقي إقراره هذا الأسبوع؟ وما هو الحل بعد القرار القضائي الملزم بعدم إقرار القانون؟

التداعيات المتوقعة

التداعيات ستكون اقتصادية بالمجمل، بحسب الخبير الاقتصادي باسم أنطوان؛ “لأن المشروع جاء كمخرج وبديل لقانون الموازنة الذي لا يمكن تشريعه من قبل الحكومة الحالية”.

وكان من المفترض، أن يشرع البرلمان السابق قانون موازنة عام 2022 المالية، لكن إجراء الانتخابات المبكرة، وعدم تشكيل حكومة جديدة بعد، منع تشريع الموازنة.

وجرى التفكير بقانون “الأمن الغذائي” كحل ومخرج للمأزق الحالي، ليكون أشبه بقانون “موازنة مصغر”، من أجل تمشية الأمور الضرورية وخاصة المعيشية المتوقفة على إقرار الموازنة.

أنطوان يقول لـ “الحل نت”، إن مشروع القانون الذي رصد له 17 مليار دينار عراقي، كان سيدفع بالبلاد نحو التعافي الاقتصادي، وتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.

ويردف، بأن منع إقرار القانون سيؤثر على المجتمع ككل، خاصة على الطبقة الفقيرة، وسيمنع توفير الخدمات في المدن، ويوقف فرص العمل للخريجين والعاطلين عن العمل، بل سيؤثر على القطاع الكهربائي أيضا.

ويوضح، أن العراق يعاني من أزمة كهرباء حادة في كل صيف، وإيران تشترط عليه دفع ديونه التي تناهز 60 مليون دولار من أجل تزويده بالغاز المورد للكهرباء، ودفع الديون كانت ضمن قانون “الأمن الغذائي”، لكن منع إقراره، يعني التأخر في دفع الديون، وبالتالي لن تزود طهران العراق بالغاز، ما يعني أن البلاد مقبلة على أزمة كهرباء حقيقية في فصل الصيف.

حل واحد

أنطوان، وهو المستشار المالي لرئيس الحكومة العراقية الأسبق حيدر العبادي، يشير إلى أن البلاد لا تمتلك أي خزين غذائي يكفي لسد احتياجات الناس لنهاية العام، وبالتالي فإن عدم إقرار القانون سيجعل العراق بلا خزين غذائي بعد شهرين على الأقل.

ويبين، أن التأثير سيطال الحياة المعيشية للمواطنين، ومنها رواتب الموظفين التي قد لا يمكن دفعها بعد 4 أشهر من الآن، في حال عدم تشكيل أي حكومة جديدة.

وفيما يخص الحل، يؤكد أنطوان ٱنه لا حل غير الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة؛ لأنها ستمتلك كافة الصلاحيات لإرسال القوانين إلى البرلمان، ومنها قانون الموازنة أو قانون “الأمن الغذائي”، وبخلاف ذلك فإن البلاد على أعتاب أزمة اقتصادية خطيرة للغاية.

للقراءة أو الاستماع:

وكان البرلمان العراقي، قد أكمل أواخر شهر آذار/ مارس الماضي، القراءة الثانية لمشروع قانون “الأمن الغذائي”، الذي يتكون من 9 فقرات، وجاء بعنوان “دعم الأمن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر”.

وبحسب الأسباب الموجبة لمسودة القانون، فإن تشريع القانون، “من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بعد انتهاء نفاذ قانون الموازنة، ناهيك عن خلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة، إضافة إلى دفع عجلة التنمية واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل، والسير بالمشروعات الجديدة”.

يذكر أن رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، دعا في نيسان/ أبريل المنصرم، الكتل السياسية، إلى “الإسراع في التصويت على قانون “الأمن الغذائي” لعدم وجود موازنة ولتلبية التزامات الحكومة تجاه الشعب”، قبل أن يأتي قرار “المحكمة الاتحادية” الذي أنهى أي أمل في تشريعه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.