نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، والتي جعلت المواطنين وحتى المستثمرين على حافة الانهيار غير المسبوق، تحاول دمشق الالتفاف على ذلك عبر تقديم تسهيلات رسمية في منح القروض الاستثمارية بغية تحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة، وفي الواقع أن هذه القروض في ظل التضخم العام في البلاد وانهيار الليرة السورية، لا تكفي أسرة لمدة شهرين على الأكثر في ظل ارتفاع الأسعار اليومي.

قرض بربع مليون دولار

منذ بداية الشهر الجاري، منح المصرف الصناعي، قرضا بقيمة مليار ليرة أي ما يعادل (250 ألف دولار)، وهو أول قرض يمنح من المصرف الصناعي منذ صدور القرار 433 الصادر عن مجلس النقد والتسليف، والذي سمح بتخطي سقوف قروض الإنتاج إلى أكثر من 500 مليون ليرة.

وقال المدير العام للمصرف الصناعي، وجيه البيطار، لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، إن هناك زيادة في الطلب على القروض الصناعية، بالتزامن مع تنفيذ القرار 433، من قبل الصناعيين.

ووفقا لبيطار، فإن من بين هذه القروض قرض مشروع صناعي في حماة لطحن أزهار الكبريت مع الأسمدة، وقد تمت الموافقة على تمويله بـ 500 مليون ليرة، فضلا عن مشروعين في مدينة عدرا الصناعية، تلقيا قرضين أحدهما بقيمة 340 مليون ليرة والآخر بقيمة 260 مليون ليرة سورية، وفي الوقت الحالي تم تقديم طلب جديد لتغطية مشاريعهما، مضيفا أن هناك أيضا مشروع في مدينة عدرا الصناعية لتصنيع حليب الأطفال حديثي الولادة، يجري دراسته لتمويله في ضوء هذا القرار، للاستفادة من رفع القيود الائتمانية عن المصنعين.

وفيما يتعلق بالطلب وبنود الضمانات، ذكر البيطار، أن أغلبية المشاريع التأسيسية التي منحها الصناعي خلال الفترة السابقة كانت في إطار ضمان المشروع نفسه، حيث يتم التمويل على مراحل ترادفا مع معدلات تنفيذ المشروع، وكلما ارتفعت معدلات التنفيذ، ارتفعت قيمة المشروع.

المنشآت المدمرة لا تشملها القروض

وعلى ضوء هذا القرار، وأكدت الصحيفة، أن القرار مهم من حيث تأمين التمويل للمشاريع الصناعية، لكن الصناعيين يطالبون بتوسيع لائحة المشاريع التي يشملها القرار، خصوصا المشاريع والمنشآت الصناعية التي دمرت خلال السنوات الماضية، بما يتيح تأهيلها وتشغيل خطوط إنتاجها، كما طالبوا بضرورة تقديم تسهيلات فيما يتعلق بالحصول على الضمانات وعمليات الموافقة.

ومن جهته، أوضح بيطار، أن 65 بالمئة من القروض الممنوحة من المصرف الصناعي كانت للصناعيين، مشيرا إلى أن قرار مصرف سوريا المركزي يتماشى مع التوجهات الحالية لحكومة دمشق نحو دعم القطاع الصناعي، حيث يأتي هذا القرار نتيجة التنسيق بين اللجنة الاقتصادية والمصرف المركزي السوري والوزارات المعنية لإعادة منح التسهيلات، حيث تم وضع قوائم المشاريع التي يغطيها التمويل بالتعاون مع وزارات الصناعة والزراعة والإصلاح الزراعي، لضمان أن تؤخذ أولويات ومعايير ومحددات المشاريع التي سيتم تمويلها.

وتضمن القرار، جملة من الضوابط المتعلقة بهذا الموضوع، وأهمها إتاحة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وإعداد الأصول وفق المعايير المثلى لدراسة الجدوى، وإثبات قدرة المشروع على استيعاب التدفقات النقدية القادرة على تحمل أعباء الديون، ومنح التسهيلات على مراحل تتعلق بمراحل تنفيذ المشروع، وتحديد نسب تمويل المشروع من خلال الربط مع القيمة المضافة التي يحققها منتج المشروع، إضافة إلى الحصول على ضمانات تغطي قيمة التسهيل الممنوح بنسبة 100 بالمئة كحد أدنى.

الأزمة الاقتصادية أنعشت المصارف؟

أبرزت ظروف ارتفاع الأسعار وتدني الوضع الاقتصادي ومستوى الدخل إلى مستويات غير مسبوقة، توجه جديد بدأ بالظهور لدى شريحة كبيرة من المواطنين السوريين، وهو اللجوء للحصول على قروض شخصية من المصارف وشركات التمويل في سوريا.

ففي شباط/فبراير الماضي، أعلنت عدة مؤسسات في وزارة المالية السورية، عن حزمة قرارات تتعلق ظاهريا بتمرير كتل مالية أكبر لمصلحة المقترضين من المصارف الحكومية، حيث تم رفع سقف القروض الشخصية من قبل “المصرف التجاري السوري” ورفع سقف القروض الممنوحة لذوي الدخل المحدود من قبل “مصرف التوفير”، وذلك وسط تدهور الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، حسب متابعة “الحل نت”.

ورفع المصرف التجاري السوري، سقف القرض الشخصي إلى 25 مليون ليرة سورية، بضمانة عقارية بدلا من 20 مليون ليرة سورية، كما قرر رفع سقف القرض إلى 10 ملايين ليرة بضمانة رواتب كفلاء موظفين بدلا من 5 ملايين ليرة، بينما يشمل هذا القرار التجاري كل من العسكريين والمدنيين العاملين في وزارة الدفاع.

أما مصرف التوفير، فقام بإصدار عدة حزم قرارات جديدة تم بموجبها رفع سقف القروض وتخفيض عدد الكفالات، وتعديل طريقة احتساب الفائدة وتسهيل فتح الحسابات المصرفية، أبرزها رفع سقف القروض الممنوحة لذوي الدخل المحدود مدنيين وعسكريين لنحو 5 ملايين ليرة سورية بدلا من 2 مليون ليرة، وفق متابعة “الحل نت”.

وفي أحدث أنواع القروض المعروفة بالقروض”الشخصية”، أعلنت نقابة المعلمين في الـ9 من أيار/مايو الجاري، عن البدء بمنح قرض نقابي بقيمة مليون ليرة سورية للمعلمين اعتبارا من تاريخ العاشر من الشهر الحالي وفق شروط محددة.

وأوضحت النقابة، أنه يستفيد من القرض المعلم القائم على رأس عمله على ألا يكون مستفيدا من أي قرض نقابي سابق، إضافة إلى ضرورة أن يكون بريء الذمة من تسديد كامل الأقساط المترتبة عليه من قرض سابق، كما يجب أن يكون المعلم المستفيد منه مشتركا في صندوق المساعدة الفورية عند الوفاة.

الجدير ذكره، أن المؤسسات الحكومية تتبع أسلوبا مغايرا لما يتم الإعلان عنه، فعند تقدم المواطنين، مدنيين أو عسكريين للحصول على قروض شخصية، ترفع أمام المواطنين سقف القروض لإيهامهم بأنها ترغب بدعمهم، ومن ناحية ثانية تضع شروطا قاسية فلا يحصل سوى فئة قليلة جدا على القروض، وفوق ذلك تكون الضمانات كافية في حال التخلف عن السداد لاسترداد ما أعطته بيد، أضعافا باليد الأخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.