رغم أن القطاع المصرفي في سوريا يواجه عددا كبيرا من القضايا المالية التي تؤثر على المواطنين، والتي برزت عبر حوادث منتظمة، حيث يتم القبض على المديرين والموظفين بتهمة الاختلاس، فضلا عن الاحتيال، وغسل الأموال، إلا إن قرار خصخصة البنوك العامة، هو رهان غير آمن من قبل الحكومة.

قانون لزيادة أرباح المواطنين

في تحول جديد، أصدر الرئيس السوري، بشار الأسد، أمس الأحد، القانون “رقم 24” لعام 2022 لرفع سقف نسبة الحوافز الإنتاجية في المصارف العامة.

وأصبح بموجب القانون الجديد، بالإمكان توزيع نسبة تصل إلى 10 بالمئة من الربح الصافي للمصرف على العاملين فيه، بينما تضبط حصص العاملين والمشمولين بالحوافز الإنتاجية مجموعة من التعليمات التنفيذية الخاصة بكل مصرف.

وينص التشريع الجديد، على إمكانية زيادة نسبة الحوافز الإنتاجية لموظفي المصارف العامة من 2.5 بالمئة إلى 10 بالمئة، بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية من وزير المالية.

وبحسب وكالة الأنباء السورية “سانا”، فقد صادق مجلس الشعب السوري، على مشروع قانون في 22 أيار/مايو الجاري، يتضمن إمكانية رفع سقف النسبة المئوية لحوافز الإنتاج المحددة، بموجب أحكام “المادة 3” من المرسوم التشريعي “رقم 59” لعام 2007، بالنسبة للجهات المشمولة بأحكامه من 2.5 إلى 10 بالمئة.

ووفقا لمشروع القانون، تمنح الحوافز الإنتاجية بمعدل لا يتجاوز 10 بالمئة من صافي الأرباح، وتوزع على العاملين في الكيانات المشمولة بأحكام المرسوم التشريعي رقم 59 لعام 2007، على أساس شهري أو فصلي أو نصف سنوي، حسب طبيعة عملهم في الكيانات المحددة في المرسوم.

البنوك السورية نحو الخصخصة؟

مشاكل عديدة تواجهها المصارف السورية منها تأمين القروض ومنحها للمواطنين، فضلا عن الأزمات التي تواجه المصارف كما هو الحال لباقي القطاعات الاقتصادية، فلماذا يصدر الأسد هذا القانون، وهل هناك احتمالية لخصخصة المصارف العامة، وما هي الحلول للتغلب على مشاكل السيولة والتمويل فيها.

الرؤية الشمولية العامة لخصخصة القطاع المصرفي، هي أنها ستؤدي إلى فقدان الوظائف وإغلاق الفروع والاستبعاد المالي، بحسب الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي.

ووفقا لحديث الحمصي، لـ”الحل نت”، اليوم الاثنين، فإن المراد من القرار الجديد، جعل العتبة الأعلى هذه البنوك أكثر جاذبية للمستثمرين، وسيتطلب ذلك تعديل هذا الأخير بالإضافة إلى تغييرات عرضية في قانون تنظيم البنوك، إلا أن ذلك يعتمد مدى بيع الأسهم على اهتمام المستثمرين وظروف السوق، وهذا لا ينطبق في القطاع المصرفي السوري، لأن الاستثمار الأجنبي يقتصر على 20 بالمئة، في بنوك القطاع العام.

وأوضح الحمصي، أن الفكرة الكاملة وراء خصخصة البنوك هي إزالة قيود السياسة التي تفرض حقوق التصويت بنسبة 10 بالمئة من حقوق التصويت لمساهم غير حكومي، بغض النظر عن المساهمة، وقبل أن ترسل الحكومة دعوة استثمارية لخصخصة البنوك، فهي تخطط الآن لحد أدنى من التواجد في القطاع الاستراتيجي للاقتصاد، والذي يتضمن حتما وجود البنوك.

وعلاوة على ذلك، فإن خصخصة البنوك السورية لها عواقب وخيمة على المواطنين، فطبقا لحديث الحمصي، فإن البنوك المملوكة للحكومة أسست لأن يكون لها هدف اجتماعي كبير، فهي المسؤولة بشكل أساسي عن تقديم القروض للفئات الأكثر ضعفا في المجتمع السوري، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى طبقات محدودي الدخل، ولكن مع انتقال المصرف إلى الخصخصة، فإنها ستصدر تعليمات صارمة لتقديم قروض، وبأسعار فائدة أعلى، وهذا سيقف عائق أمام الطبقات الفقيرة من المجتمع، وسيخلق طبقتين فقيرة وغنية، وستنقرض الطبقة المتوسطة.

واقع المصارف السورية

يبدو أن المصارف السورية خلال السنوات السابقة، كانت تصوب أعينها على المصارف اللبنانية وما حل بها من أزمة مالية أوصلت بعضها في نهاية الطريق إلى الإغلاق، وأخرى إلى إعلان الإفلاس وعدم قدرتها على دفع الأموال للمودعين.

ونتيجة لذلك، عزفت المصارف السورية، عن دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك أهمية استثمار الأموال في مشاريع التنمية الاقتصادية، لأن الفرص في الاقتصاد السوري عديدة، بحسب مسؤولين سابقين في الحكومة السورية، بسبب قلة الإنتاج وتعطش السوق.

وأثارت الزيادة في ودائع البنوك السورية الخاصة وهي 11 بنكا، والحسابات الجارية في البنوك الإسلامية الخاصة، خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، تساؤلات حول ما إذا كان لدى المواطنين مدخرات للإيداع فيها، أو ما إذا كانت القصة عبارة عن خداع رقمي. لا سيما وأن غالبية السكان يعانون من الفقر وتأثير الأزمة الاقتصادية عليهم.

وبحسب وزيرة المالية السابقة، لمياء عاصي، فإن السبب وراء تراكم السيولة النقدية في المصارف، هو فشل الحكومة في تبني برنامج واضح ومعلن لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، وتزويدها بتسهيلات حقيقية من حيث إجراءات التأسيس والتمويل، فضلا عن تعرضها للضرائب والرسوم، وبالإضافة إلى صعوبة البيئة الخارجية التي تتواجد فيها المشاريع والتي تتميز بانخفاض الطلب بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وما ينتج عنها من ضعف كبير في القوة الشرائية.

وخلال الأعوام السابقة، تقلصت القيمة الحقيقية لأصول ودائع البنوك الخاصة، واتخذت الكيانات الأجنبية التي لها شراكات استراتيجية في القطاع نهجا سلبيا في الغالب، بينما سعى البعض إلى قطع جميع العلاقات مع سوريا، مما أدى إلى استكمال عمليات السحب من البلاد في بعض الحالات.

الجدير ذكره، أن المصارف السورية، نأت بنفسها عن الأزمة الاقتصادية في سوريا، حيث تفاقمت مع استمرار ارتفاع نسب التضخم في البلاد، فضلا عن انهيار العملة المحلية، الذي أطاح بقيمة رواتب الموظفين، ليعجز الراتب حتى عن تغطية أجور المواصلات للموظف إلى مقر وظيفته.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.