لا تزال حكومة دمشق، تقدم التنازل تلو الآخر في السماح لإيران بالاستحواذ على مختلف القطاعات الاقتصادية، تحت مسميات الاتفاقات الثنائية، وذلك في ظل الانشغال الروسي بغزو أوكرانيا الذي أعطى لطهران حرية التمدد في سوريا، اقتصاديا وعسكريا.

استثناءات من قوائم منع الاستيراد

في سبيل تسهيل انسياب السلع بينهما، وضع مجلسا إدارة الغرفة التجارية السورية الإيرانية المشتركة خطة عمل سنوية لتسهيل انسياب السلع بين سوريا وإيران تتضمن إنشاء شركة نقل وإقامة معارض بيع مباشر.

وبحسب موقع “أثر برس” المحلي، فإن الملتقى السوري الإيراني الذي عقد في مدينة طهران في 30 أيار/مايو الفائت، والذي يعد الأول بالنسبة للجانب السوري بعد ترميم مجلس إدارة الغرفة السورية الإيرانية، فإن المشاركين ناقشوا خطة عمل الغرفة السنوية، وتم التأكيد على بذل كل الجهود من مجلسي الغرفة بالتعاون مع الجهات الحكومية لتنفيذ الخطة وفق برامج زمنية محددة.

خطة العمل التي سيتم العمل على متابعة تنفيذها مع كل الجهات تشمل العديد من النقاط، منها السعي المشترك مع الجهات الحكومية في البلدين من أجل خفض تعرفة الرسوم الجمركية من نسبة 4 بالمئة حاليا إلى 0 بالمئة على البضائع بين البلدين.

وبهدف تسهيل انسياب السلع بين البلدين، تم التأكيد على ضرورة استثناء كل بلد للبلد الآخر من قوائم منع الاستيراد، ومساعدة المنتجات السورية للدخول إلى إيران، إضافة إلى ضرورة حل مشكلة التحويل المالي بين البلدين، وذلك من خلال اعتماد بنك خاص في كلا البلدين مع شركتين معتمدتين مرخصتين للصرافة تكونا الضامنتين لتحويل الأموال وفتح حسابات تجارية وكفالة حقوق الأطراف في أي تعاقد تجاري.

قد يهمك:تسهيلات جديدة لإيران في سوريا.. هل أحكمت طهران قبضتها على الاقتصاد؟

خط بري وشركات وسياحة دينية

خلال الملتقى، تم الاتفاق على أن تتضمن خطة العمل إحداث شركة نقل مشتركة بين رجال أعمال البلدين تعتمد خطا بريا بحريا يسهم بخفض كلف الشحن وزيادة المبادلات التجارية، بالإضافة إلى تأسيس 3 شركات مساهمة مشتركة بين البلدين خلال 3 أشهر وستكون الشركة الأولى للاستثمار الزراعي الواعد في سوريا والذي تملك إيران خبرة كبيرة فيه، والشركة الثانية صناعية والشركة الثالثة تجارية.

وأيضا تم الاتفاق على تأسيس مركز التحكيم التجاري في البلدين لتسوية الخلافات التجارية بين الفعاليات الاقتصادية في البلدين، وإقامة معارض بيع مباشر لمنتجات البلدين، وإقامة ملتقيات اقتصادية وتجارية واستثمارية، وإقامة مركز تجاري للمنتجات السورية في إيران بمساعدة الجانب الإيراني للغرفة.

كما تم الاتفاق على توسيع صناعة السياحة بين البلدين، سيتم العمل على دعم جهود شركات ومكاتب السياحة، على أن تشمل كافة أنواع السياحة (الدينية، العلاجية، المعارض والمؤتمرات، الثقافية) وزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين.

إقرأ:حضور إيراني جديد في مناطق الروس بسوريا.. ما علاقة الفوسفات؟

سوريا مستباحة إيرانيا

لم تترك حكومة دمشق بابا مغلقا أمام التغلغل الإيراني في الاقتصاد السوري خلال السنوات الماضية، ففي نهاية الشهر الفائت، بحث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، مع السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني، آلية استحواذ إيران على عمل المطاحن والصوامع في سوريا، إضافة إلى تنفيذ العديد من المشاريع في هذا المجال.

وأكد سالم، عقب المباحثات، استعداد الوزارة لتقديم كل التسهيلات اللازمة التي تضمن تنفيذ أعمال شركة “أرد ماشين” الإيرانية، في بناء وتأهيل المطاحن وفق أفضل الشروط والمواصفات العالمية.

من جهته، قال الباحث الاقتصادي رضوان الدبس، لموقع “الحل نت” في وقت سابق، أن دمشق مجبورة على تقديم هذه التسهيلات لإيران، لا سيما بعد فتح الخط الائتماني من إيران لحكومة دمشق، وهو قرض بفائدة ميسرة، ومع عجز الحكومة عن سداد هذا الخط فكان لا بد من هذه الإجراءات.

وأوضح الدبس أن إيران، بعد فتح الخط الإئتماني، ستحصل بالتأكيد على مقابل كبير، وبالتالي من الطبيعي والمنطقي أن تبدأ إيران بالحصول على مكاسب اقتصادية من سوريا، فهي تعلم أن الحكومة في سوريا عاجزة عن سداد أي شيء بشكل نقدي، وبالتالي تدخل هي وتعمل بيدها للحصول على المكاسب ودمشق تدرك هذا الأمر تماما لذلك تفتح سوريا بمصراعيها أمام الإيرانيين.

ومن جانب آخر، قال الدكتور كرم شعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن الخط الإئتماني الإيراني في سوريا هو غطاء لحجم التدخل الحقيقي الإيراني في سوريا اقتصاديا، وأن الأرقام التي تُذكر عن هذا الخط متضاربة، لكن تشير بعض المصادر إلى أن الرقم يتجاوز 4 مليار دولار.

وأضاف الشعار،، أن هذا الرقم “4 مليار دولار”، هو رقم متواضع جدا للتدخل الإيراني في سوريا، وهذا لا ينفي وجود خط إئتماني في الأساس ولكن الغرض منه التشويش على التكلفة الحقيقية للتدخل الإيراني في سوريا، بالإضافة لإيهام الداخل الإيراني أن تكلفة هذا التدخل منخفضة جدا، مشيرا إلى أن فكرة الخط الإئتماني الإيراني في سوريا، ليست سوى تفصيل صغير في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، فالصورة الكبرى لهذه العلاقات تظهر أن حجم التدخل الإيراني في سوريا قد يتجاوز 20 ضعفا عن المبالغ المتداولة إعلاميا.

قد يهمك:إيران تتغلغل في قطاع التعليم السوري.. توسّع التنافس الروسي الإيراني؟

من الجدير بالذكر، أنه لم يعد يخفى على أحد وجود إيران وهيمنتها على الساحة السورية، فهي تعمل بعد الهيمنة الأمنية والعسكرية على قوننة وشرعنة وجودها في سوريا، وذلك عبر مشاريع اقتصادية، واتفاقات تمويلية بين الطرفين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.