في دراسات علم الاجتماع، فإن النوبات القلبية هي أكثر الأسباب شيوعا للظروف الاقتصادية الخانقة التي يواجهها الأفراد في المجتمع، ونظرا للتوتر والكآبة المتزايدين اللذين يعاني منهما الشباب نتيجة لشعورهم بالعجز في مواجهة مشاكلهم، فإن انتشار أمراض القلبية بين الشباب ظاهرة تعد الأخطر طبيا على البلاد.

الموت يداهم الشباب

في سوريا، هناك تحذيرات متزايدة من ارتفاع عدد مرضى القلب من فئة الشباب، وخاصة الذين يتعرضون للجلطات، وفي هذا السياق، أكد  الدكتور صافي فلوح، أخصائي القلب، ارتفاع حالات الإصابة بأمراض القلبية بين الشباب في الثلاثينات وحتى الخمسينات من عمرهم.

ووصف فلوح، في تصريح لموقع “هاشتاغ” المحلي، اليوم الاثنين، الضرر بأنه خطير في هذه السن، مشيرا إلى أن السبب قد يكون مرتبطا بضغوطات حياة السوريين القاسية.

وقال فلوح، إن القسطرة القلبية التى يمكن الوصول إليها في البلاد ذات النوعية الممتازة، تصنعها شركات أجنبية، إلا أن شراء القساطر في القطاع العام محصور بالمناقصة المركزية، ما حد من مرونة حصول القطاع على القساطر مقارنة بالقطاع الخاص، مشيرا إلى أن السعر هو من أهم العوامل الذي يلعب الدور النهائي بين أنواع القسطرة التي ترسى عليها المناقصة.

الأسعار رفعت أعداد الوفيات؟

جودة الرعاية المقدمة في المستشفيات العامة جيدة، لكن حرية الحصول على مواد القسطرة القلبية في القطاع الخاص، تتيح القدرة شراء موارد من العديد من الشركات أو إختيار أفضل العروض، وفقا لطبيب القلبية.

وأشار فلوح، إلى أن الفروق في أنواع القسطرة تكون أكثر وضوحا في الحالات التي تشكل الإصابة فيها 5 إلى 10 بالمئة، فهذه الحالات تحتوي على الكثير من التكلس الشرياني وتحتاج إلى شبكة أكثر مرونة من غيرها.

ونظرا لتكلفتها الباهظة والتي تتراوح ما بين 600 إلى 700 ألف ليرة، أكد فلوح أن عدد عمليات القسطرة التي تتم في المستشفيات الخاصة قد انخفض بشكل كبير، وأنه قد يمر أسبوع أحيانا دون أي عملية قسطرة للقلب، حيث اضطر المواطنون إلى الذهاب إلى المستشفيات العامة بسبب الرسوم المرتفعة في القطاع الخاص.

هروب من العلاج النفسي

الضغط النفسي، برأي الأطباء النفسيين في مشفى “المواساة” بدمشق، هو المسبب الرئيسي لانتشار هذه الجلطات بين الشباب، مؤكدا أن أقسام القلبية في المشافي تشهد انتشار كبير لأمراض والجلطات القلبية بين الشباب “نتيجة الضغط النفسي، جراء الضغوطات المتزايدة يوم بعد يوم لاسيما الاقتصادية“.

مدير مشفى “ابن سينا” للأمراض العقلية في دمشق أيمن دعبول، كشف في وقت سابق عن قلة الأخصائيين النفسيين في سوريا، حيث أكد أن عدد الأطباء في سوريا حاليا يبلغ 45 طبيبا في كافة أنحاء البلاد، لافتا إلى أن حاجة البلاد إلى الأخصائيين النفسيين، “تصل إلى 10000 طبيب نفسي بالحد الأدنى، وذلك بالنظر إلى عدد السكان“.

وتحدث دعبول عن تفاقم المشاكل النفسية لدى السوريين، مشيرا إلى أن الإقبال على العلاج النفسي يعتبر “ضعيف” في سوريا، وذلك “بسبب الوصمة الاجتماعية كما الوصمة على المريض النفسي، والناجمة عن عمل الطبيب حيث يصور الطبيب النفسي دائما، على أنه شعر منكوش ولباس معين” حسب قوله.

ومن أحد أهم القضايا التي تسبب الضغط النفسي للسوريين، هو الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، واستمرار الأزمات المعيشية الناتجة بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار مختلف السلع والخدمات الأساسية.

الجدير ذكره، أنه في صيف العام الفائت، صدر عن مركز “السياسات وبحوث العمليات”، دراسة استقصائية شملت 600 عائلة مقيمة في أحياء متنوعة من دمشق مراعية عدة زوايا بينها: الجنس، العمر، والتعليم.

ووفق النتائج، قسمت الدراسة الطبقات الاجتماعية، من خلال توزيع العينات على 3 أحياء، فقيرة، متوسطة، ومتوسطة إلى مرتفعة، فلاحظت أن معدل ساعات العمل الأسبوعي للعاملين بدوام كامل تصل إلى 52.5 ساعة أسبوعيا لتكون دمشق من الأعلى عالميا بهذه النسبة، ومع ذلك، تعيش أكثر من 83 بالمئة من العائلات تحت خط الفقر الدولي، والذي يقدر بـ1.9 دولار يوميا للفرد الواحد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.