قبل ثمانية أعوام، وبمثل هذا اليوم في العاشر من حزيران/يونيو 2014 احتل تنظيم “داعش” مدينة الموصل، تاريخ بعده بأيام سيعلن التنظيم قيام ما وصفها بـ”لخلافة الإسلامية” ويسيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، قبل أن يتمكن العراق من دحر التنظيم بعد معارك ضارية أمتدت لثلاث أعوام. 

إلا أن قصة سيطرة التنظيم على الموصل مركز محافظة نينوى التي تضم ثلاث فرق عسكرية والآلاف من منتسبي الشرطة وأجهزة الاستخبارات، في غضون ساعات ظلت محيرة حتى الآن، لتبقي باب السؤال مفتوحا عما إذا كان ذلك مخططا مسبق، وما علاقة رئيس الوزراء نوري المالكي به حينها؟ 

اقرأ/ي أيضا: الصراع على مدينة الموصل: حرب الإرادات والمكاسب في “الممر الإيراني إلى المتوسط”

سياق النكبة

في العودة إلى السياق الزمني للكارثة التي ستلازم العراق وسوريا فيما بعد لسنوات، كان العراق قبل سيطرة التنظيم بسنوات يمر بحالة من الاستقطاب السياسي والمذهبي، حيث شهد مرحلة من الاقتتال الطائفي إبان سنوات 2005-2007 في عهد الولاية الأولى للمالكي. 

وما لبث أن تخلص نسبيا من الحرب الطائفية حتى بدأ فصلا جديدا من التدافع السياسي بين القوى السنية والشيعية ليبلغ أشده في العام 2010، حينها كان المالكي المقرب من إيران قد فاز بولاية ثانية من الحكم، لتنطلق مرحلة جديدة عبر خلالها السنة في العراق عن تعرضهم للاضطهاد والتهميش، في حين كانت منظمات دولية وتقارير تتحدث عن آلاف المعتقلين والإقصاء الممنهج للسنة. 

جاء ذلك في وقت كان المالكي قد أطلق يد ميليشيا “عصائب أهل الحق” بقيادة قيس الخزعلي في مدن السنة وبغداد، وهي الجماعة المصنفة إرهابيا والمتهمة بإنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. 

بالمقابل، استمرار المالكي بالتجاهل وانشغل في تصفية خصومه السياسيين السنة وهذا ما فاقم من نقمة الشارع السني٫ لاسيما بعد ملاحقة طارق الهاشمي الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية وقتها والحكم عليه بالإعدام غيابيا، فضلا عن إصدار مذكرة قبض بحق وزير المالية حينها رافع العيساوي دفعته لمغادرة البلاد سنوات٫ سيتبين لاحقا إن الأحكام صدرت استنادا على تهم كيدية٫ بعد أن برأ القضاء العراقي العام الحالي العيساوي٫ ونفى الإنتربول صحة الاتهامات بحق الهاشمي.

لكن ذلك جاء متأخرا، إذ كان العراق قد دخلة مرحلة من الصدام المباشر، بعد أن خرج الشارع في المحافظات السنية بتظاهرات حاشدة في 25 كانون الأول/ديسمبر 2012، تحولت بعدها إلى اعتصامات مفتوحة استمرت لعام كامل، بدى المالكي حينها في مأزق كبير، خصوصا وأنه لم يتبقى سوى عام واحد يفصله عن حلم الولاية الثالثة.

وصف المالكي الحالة حينها، بأن ما يحدث عبارة عن “فقاعة”، وأرسل قوات أمنية لساحة اعتصام الحويجة بمحافظة كركوك لترتكب مجزرة مروعة في 23 نيسان/أبريل 2013، قتل على إثرها عشرات النساء والأطفال والشيوخ والشباب من بينهم عوائل بأكملها، فضلا عن اقتحام ساحة مظاهرات الرمادي واحراق خيام المعتصمين. 

أحداث زادت المشهد تعقيادا بعد استهداف ساحة تظاهرات محافظة ديالى، بعبوة ناسفة أثناء صلاة الجمعة تسببت بمقتل عشرات المصلين، فضلا عن اغتيال شخصيات مؤثرة بمدينة الفلوجة والموصل، لتبدأ في بدايات عام 2014 صفحة جديدة من المواجهات المسلحة خرجت فيها الفلوجة والكرمة ومناطق من الرمادي عن سيطرة الحكومة، مطالبين بسحب الجيش من مناطقهم وإصلاح العملية السياسية وإلغاء قانون الإرهاب، قبل أن يسيطر “داعش”. في يونيو/حزيران من العام نفسه على الموصل ويعلن فصله. 

اقرأ/ي أيضا: لأول مرة من فلسطين إلى الموصل.. مسيحيون عراقيون يستقبلون “النار المقدسة”

تورط المالكي

وبالرغم من أنه كان ينتظر موقفا حاسما من قبل المالكي بوصفه رئيسا للوزراء والمتهم الأول من قبل الجماهير، ذهب المالكي باتجاه التلويح إلى حالة الطوارئ، وهذا ما فسره مراقبون أنها محاولة للبقاء في السلطة. 

بالتالي أن “احتلال الموصل لم يكن بشكل عفوي، بل كان بتدبير مسبق واستعدادات كاملة كان يرصدها التنظيم خلال الفترة الماضية، من جانب آخر الثغرات الكبيرة التي كانت تعاني منها الدولة العراقية في القطاع الأمني كلها كانت أسباب تربص بها التنظيم للانقضاض على المحافظات”، كما يرى الباحث والمحلل السياسي علي أغوان. 

 ويقول أغوان لموقع “الحل نت”، إن “ذلك كان بالإضافة إلى الفشل السياسي الذي كان يعم في كل العراق، لا سيما فيما يتعلق برئاسة الوزراء كان رئيس الوزراء بتلك الفترة لديه مشكلة كبيرة مع الموصل سياسية وربما حتى مذهبية وهذه المشكلة انعكست على أداء القوات الأمنية”. 

ويضيف أنه “كان هناك تعامل طائفي لمعاقبة أهالي الموصل من خلال المؤسسة الأمنية التي كانت موجودة في تلك الفترة، وهذا ما أدى إلى استخدام القمع والقوة في بعض الأحيان من قبل المؤسسة العسكرية مع المواطنين، ما خلق فجوة كبيرة بين المجتمع وهذه المؤسسة، بالتالي استطاع التنظيم أن يستغل هذه الفجوة، وأن يكتسب الكثير من المميزات التي أهلته للسيطرة على المحافظة بتاريخ 10 حزيران 2014”.

“رئيس الوزراء في تلك الفترة كان يبحث عن محاولة لعقاب أهل الموصل بشكل مباشر من خلال السلوكيات التي كانت موجودة في تلك الفترة لكن هذه السلوكيات أدت إلى خروج ثلث العراق عن سيطرة الدولة”.

من جانبه يقول الناشط المدني علي الموصلي أن “خمسة أعوام مرت على تحرير المدينة، لكنها ما تزال مدمرة، فضلا عن أن حركة الإعمار فيها تسير بفساد مطلق”.

وأشار إلى أن “الهيئات الاقتصادية التابعة للميليشيات الموالية لإيران، المسيطرة في الموصل هي من يتحكم في المشهد وهي من يتصرف بقضية الإعمار، بالتالي من الطبيعي ستكون عجلة الإعمار مدمرة”

اقرأ/ي أيضا: جربه على البشر.. تحقيقات دولية تؤكد استخدام “داعش” لأسلحة كيميائية بالموصل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة