على الرغم من حرص جميع الدول على تأمين مادة القمح التي تشهد أزمة غير مسبوقة بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، إلا أن ما يحدث مع المزارعين في سوريا، يشير إلى أن مؤسسات الدولة لا تعي بخطر الأزمة، حيث ارتفعت أسعار القمح في الأشهر الأخيرة، مدفوعة بالحرب في أوكرانيا وارتفاع التضخم، وموجة الحر الشديدة في الهند التي أوقفت تصدير القمح هي أيضا، مما سبب قلقا من حدوث أزمة غذاء عالمية.

قمح حماة بلا حصاد

يشعر العديد من مزارعي القمح في محافظة حماة بالقلق على مستقبل محاصيلهم، إذ لا يزال على نسبة كبيرة منهم الحصول على حصصهم من مادة المازوت لحصاد الموسىم الذى بدأ منذ أكثر من عشرة أيام.

وفي شكوى نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية، ذكر عدد كبير من مزارعي القمح في المحافظة، أن عجلة الحصاد بدأت قبل عدة أيام، وعلى الرغم من تأكيدات المسؤولين في المحافظة بأن حصص وقود المازوت ستسلم لجميع مزارعي القمح قبل بدء موسم الحصاد، لم تحصل نسبة كبيرة من المزارعين في محافظة حماة بعد على “نقطة واحدة” من المادة.

وأشار المزارعون إلى أن تأخر تسليم المازوت دفع بالكثير من المزارعين إلى شراء المادة في السوق السوداء بسعر 4500 ليرة للتر الواحد، فيما بات المزارعون الذين لم يتمكنوا من شراء المازوت من السوق بسبب سعره المرتفع يخشون على مصير محاصيلهم، إما بسبب الحرائق أو تأثير العوامل الجوية على محاصيلهم، وخصوصا الرياح التي تؤدي إلى تساقط سنابل القمح

من جهته، لم ينكر عضو المكتب التنفيذي عن قطاع الزراعة في محافظة حماة، عبد الحميد العموري، معاناة العديد من مزارعي القمح نتيجة عدم حصولهم على مخصصات المازوت حتى الآن، مبينا أن توزيع المحروقات على المزارعين لا يتم “بين ليلة وضحاها”، لأن الموضوع يأخذ وقتا، وهذا يحدث بشكل يومي، اعتمادا على الإمكانات المتوفرة.

وتابع العموري قائلا: إن توصيل الوقود للمزارعين في المحافظة له أولويات، ويتم حاليا تزويد محافظة حماة بالمازوت، وبعد ذلك سيتم توزيعه على منطقة الغاب وبقية المناطق، منوها أن المازوت بغرض السقاية للمزارعين متوفر، و75 بالمئة منهم حصل على مخصصاتهم.

أزمة غذاء عالمية

بينما يؤدي تغير المناخ إلى زيادة المنافسة على الموارد المحدودة بالفعل، فإن العديد من الضغوطات غير المناخية تضع ضغطا هائلا على نظامنا الغذائي، وبحسب الخبير الزراعي، عبد المولى أبازيد، فإنه في الآونة الأخيرة، تتجه كل الأنظار إلى نقص القمح، حيث يحذر الخبراء من أنه قد يؤدي إلى أزمة غذاء عالمية.

وأشار الأبازيد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن إمدادات القمح في العالم تتعرض لضغط هائل، حيث يهدد الصراع في أوكرانيا وكذلك الأحداث المناخية المدمرة بشكل متزايد الإنتاج في جميع أنحاء العالم، مما يثير مشكلة ولكن يبقى التساؤل كيف ستتعامل سوريا مع النقص.

وعن أهمية القمح، قال الأبازيد، “يعد القمح ثالث أكثر المحاصيل شيوعا وانتشارا بعد الذرة وفول الصويا، باعتباره واحد من أقدم الحبوب وأرخصها وأكثرها تنوعا، فإنها تظل اليوم مكونا مهما للأمن الغذائي.

وهذه الحبوب المغذية ضرورية لضمان إمدادات غذائية عالمية مستدامة للأجيال الحالية والمقبلة، فلعدة قرون، كان القمح مكونا أساسيا ليس فقط في الدول الصناعية ولكن بشكل خاص في البلدان النامية، واليوم، يستخدم أكثر من 80 بالمئة من القمح في العالم للدقيق.

وعلى الرغم من انتشار القمح في جميع أنحاء العالم، إلا أن إنتاج القمح في أيدي عدد قليل من البلدان، حيث تأتي نسبة مذهلة تبلغ 86 بالمئة من صادرات القمح العالمية من سبعة بلدان فقط، بينما تمتلك ثلاث دول فقط ما يقرب من 68 بالمئة من احتياطي القمح في العالم، مع اعتماد بعض البلدان الأكثر ضعفا وفقرا في العالم عليها في أكثر من نصف وارداتها من القمح.

موسم مقبول في سوريا

مع انخفاض المساحات المزروعة بالقمح في سوريا، وجفاف عشرات الآلاف من هكتارات الأراضي الزراعية، يبدو أن البلاد مقبلة هذا العام على موسم “مقبول” من القمح، بحسب ما يؤكد مسؤولون حكوميون، وذلك بعد مواسم شهد فيه القمح تراجعا بمئات الآلاف من الأطنان.

رئيس اتحاد الفلاحين في حكومة دمشق أحمد الإبراهيم، أكيد أن الكميات الإجمالية لإنتاج القمح في المناطق المزروعة، في المواقع الخاضعة لسيطرة دمشق، ستبلغ ما بين 1 إلى 1.2 مليون طن، ومن جانبه أكد عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد أحمد الخلف، في تصريحات نهاية أيار/مايو الفائت، أن عمليات التسويق لمحصول القمح هذا العام بدأت بالفعل، مشيرا إلى أنه تم تسويق قرابة 250 طن منه إلى الآن.

وبيّن الخلف أنّ عدد المراكز التي تم افتتاحها في المحافظات السورية يقارب 47 مركزا منها 8 في حلب و3 في الرقة و5 في حمص و2 لكل من محافظات إدلب وطرطوس واللاذقية و7 في حماة و3 في دير الزور.

الجدير ذكره، أن المحافظات السورية سجلت خلال السنوات العشرة الماضية، تراجعا مستمرا في كميات محصول القمح، متأثرة بعوامل عديدة كارتفاع تكلفة الإنتاج والجفاف، إضافة إلى عجز الحكومة عن تأمين المستلزمات الضرورية للمزارعين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.