في ظل غياب التطبيق العملي في معظم الجامعات السورية، أدى عدم التوازن بين التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع إلى الاعتماد على طريقة التلقين، ونظرا للعدد الهائل من الطلاب مقارنة بالعدد المحدود من المعلمين، فإن المتابعة والتفاعل مع الطلاب بات عبر ملخصات دراسية بدلا من الكتب الجامعية.

الكتب الجامعية في المستودعات

يمثل عدم إقبال معظم الطلاب على شراء الكتب، مقارنة بالتوجه إلى سوق “الملخصات” أو “النوتة” كما تعرف محليا، مشكلة كبيرة يواجهها ملف “طباعة” الكتب الجامعية في دمشق، وربما في مختلف الجامعات السورية، ما يلحق خسائر فادحة بالجامعات على حساب الأرباح التي تحققها المكتبات والأكشاك.

وبالرغم من الأوامر الرسمية التي تقضي بأن الكتاب الجامعي يجب أن يعتمده جميع الأكاديميين الجامعيين، وأن تكتب أسئلة الامتحانات من داخل الكتب المعتمدة، إلا أنها بقيت أوامر شكلية.

في تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نشر اليوم الأحد، يلوم طلبة الجامعات القائمين على طباعة الكتب؛ لفشلهم في تأمين النسخ اللازمة، ما اضطر عدد من الطلبة لطباعة نسخة من الكتاب بكلفة تصل إلى 10 آلاف ليرة سورية، فيما فندت دائرة المطبوعات تلك الاتهامات مؤكدة على انتظام حركة الطباعة، وتوجيه إدارات الجامعات باستبدال النقص الحاصل في النسخ.

 مدير الكتب والمطبوعات في جامعة دمشق منهل أحمد، كشف أن أكثر من 1.2 مليار ليرة سورية جمدت مقابل آلاف الكتب التي أنتجت منذ سنوات، دون طلب من الطلاب.

وقدم الأحمد للصحيفة، صورا لآلاف الكتب في المستودعات قائلا: “في التعليم الرسمي، هناك 330 مليون ليرة قيمة طبعات كتب جامدة موجودة حاليا في المخازن ولم يتم بيعها حتى الآن، على حساب توجه الطلبة إلى ملخصات الجامعات، وسط غياب أي التزام من الطالب لشراء الكتاب الجامعي، وبيع عدد محدود من النسخ في كل فصل دراسي، مع نسبة مبيعات لا تتجاوز 10 بالمئة”.

أكاديميون يخالفون القوانين

طوال الـ7 سنوات السابقة، لم تبع كتب في الجامعات السورية والتي بلغت تكلفتها حوالي 900 مليون ليرة سورية، ويرجع ذلك حسب أستاذ المقرر ومدى الطلب على كتبه.

وتابع الأحمد، “في حال وجود نقص في نسخ أي طبعة يتم تطبيق آلية الطباعة حسب حاجة الكلية من النسخ المطلوبة”، منوها إلى أن المديرية تخاطب جميع الكليات قبل بدء العام الدراسي لتزويدها بأي حالات نقص.

أما عن التحديات الحالية، فوفقا للأحمد، فهي عدم تسويق الكتاب الجامعي وتشجيع الطلاب على شرائه، خصوصا وأن الرابط في هذا الأمر هو أستاذ المقرر، حيث يوجد تباين بين الأساتذة الذين باتت كتبهم الجامعية مطلوبة بكثرة، وآخرين لا تلقى كتبهم أي طلب ومبيع.

وبحسب مدير المطبوعات، فإن النسخة الواحدة من الكتاب تكلف المديرية والجامعة 12 ألف ليرة، فيما تباع بـ 3 آلاف ليرة، مما يعني أن الجامعة تخسر ما بين 60 إلى 70 بالمئة من كل نسخة كتاب، مضيفا أن المبيعات الشهرية حوالي 10 بالمئة.

وحسب تصريحات أحمد، فإن حفنة من المدرسين ينتهكون بشكل واضح الخيارات المتاحة لإقرار الكتاب الجامعي، وتقييد الملخصات والحد منها.

وقال الأحمد، “لقد وصل حجم مبيعاتنا من الكتب خلال العام الماضي إلى 177 مليون ليرة، لكن تكلفة الطبع والورق بلغت في نفس العام 800 مليون ليرة”، لكن المديرية مستمرة في طباعة الكتب استجابة لطلبات الكليات، مشيرا إلى عدم وجود مشكلة في طباعة الكتب أو نقص فيها، لكن طلبات الطباعة قليلة.

ارتفاع التكاليف الجامعية

رغم التحذيرات المتكررة من تداعيات تدهور الواقع التعليمي في سوريا، لا سيما خلال السنوات الماضية، لا يبدو أن حكومة دمشق، عازمة على اتخاذ إجراءات من شأنها انتشال التعليم، الذي يرى بعض المختصين أنه وصل إلى القاع مؤخرا.

وفي إطار زيادة الصعوبات على طلاب الجامعات في سوريا، قرر مجلس الأمناء في الجامعة الافتراضية السورية رفع الأقساط والبدلات في الجامعة بنسبة خمسين بالمئة، لترتفع المادة التي كانت بـ 20 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة، بدءا من المفاضلة الجديدة لهذا الفصل، وللطلاب الجدد فقط، بينما يحافظ الطلاب القدامى على نفس الأقساط والبدلات .

وبرر رئيس الجامعة الدكتور خليل العجمي، في أيار/مايو الفائت، هذه الزيادة بأنها محاولة للحفاظ على التوازن بين الميزانية “الاستثمارية والجارية” وبين العوائد، وقال: “في كثير من الأوقات وصلنا للحد تماما ما بين الميزانية “الاستثمارية والجارية” التي نصرفها وما بين العوائد، ولأننا مضطرين للحفاظ على هذا التوازن وعلى بعض الوفر لنضمن استمرارنا، من دون أن نحتاج للخزينة العامة، ولأن الكلف ارتفعت جدا في العامين الأخيرين“.

الجدير ذكره، أن قطاع التعليم العالي في سوريا، يشهد تدني في المستوى الأكاديمي، فضلا عن الفساد المنتشر في الجامعات الحكومية في سوريا، ما يدفع بعض الطلاب إلى الاتجاه في بعض الأحيان إلى الجامعات الخاصة ذات الرسوم المرتفعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.