من جديد، تؤكد واشنطن رفضها دعم التطبيع مع حكومة دمشق، من منطلق أن الحكومة السورية ارتكبت العديد من الفظائع، وأنه إذا لم يتغير سلوكها، فإن واشنطن لا تنوي تطبيع العلاقات معها ولا تدعم جهود الدول الأخرى، بهذا الشأن بأي شكل من الأشكال.

أسباب عدم التطبيع

 ضمن سياق التطبيع مع حكومة دمشق، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، يوم أمس الجمعة، أنها لا تنوي دعم أي جهود للتطبيع أو إعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد، داعية إلى محاسبة الأسد ومسؤوليه على جرائمهم بحق السوريين.

وجاء هذا الرفض ضمن تغريدة نشرتها السفارة الأميركية في سوريا على منصة “تويتر”، حيث قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، السفيرة باربرا ليف: “أريد أن أوضح ما لم نفعله في سوريا، وما لن نفعله، هو دعم جهود التطبيع، أو إعادة تأهيل بشار الأسد بأي شكل من الأشكال”.

وبيّنت ليف أن الولايات المتحدة، لن ترفع العقوبات عن الحكومة السورية، ولم تغير موقفها المعارض لإعادة الإعمار في سوريا حتى يتم تحقيق تقدم حقيقي ومستمر باتجاه الحل السياسي الشامل، مضيفة: “ويبقى بشار الأسد والحاشية من حوله العائق الأوحد والكبير لتحقيق هذا الهدف”.

كما وضمن سياق متصل، دعت ليف إلى محاسبة حكومة دمشق على جرائمها المرتكبة بحق المدنيين السوريين: قائلة: “يجب أن يحاسبوا وسيحاسبون”.هذا وتسارعت، منذ تموز/يوليو عام 2021، خطوات تطبيع دول عربية مع دمشق، لا سيما من جانب الأردن والإمارات ومصر والبحرين وعمان، متمثلة في لقاءات متبادلة واتفاقات وتفاهمات اقتصادية.

وتعتبر الإمارات أول دولة عربية تُطبّع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وتفتح سفارتها في دمشق في عام 2018، بعد إغلاق استمر سبع سنوات بعد عام 2011.

قد يهمك: هل تقطع ثروة عائلة الأسد الطريق على التطبيع مع دمشق؟

القرار النهائي يعود لواشنطن

الولايات المتحدة الأميركية، ومن ورائها دول الاتحاد الأوروبي، سعت مؤخرا لإعادة ملف السلطة الحاكمة في سوريا، وذلك في طريقها لقطع الطريق على بعض الدول التي بدأت تروج لعودة العلاقات مع دمشق، من بوابات عدة أبرزها البوابة الاقتصادية.

وبعد التحذيرات الأميركية من محاولات إعادة تعويم حكومة دمشق، أكد دبلوماسي فرنسي في وقت سابق لوسائل الإعلام، إن باريس وشركائها الأوروبيين “يعوّلون على مسار حقيقي لعدم التطبيع مع الأسد، وفرض العقوبات عليه ورفض إعادة الإعمار طالما بقي موقفه على حاله“، مشيرا إلى أن مصر والسعودية وقطر ترفض عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

من جانبه، قال الباحث السياسي صدام الجاسر في حديث سابق لـ”الحل نت”، أنه كان هناك مسارين لعودة العلاقات مع دمشق، وهما المسار العربي والأوروبي، لكنهما تعطلا بتحرك من الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا.

وتابع الجاسر في حديثه، “المسار العربي كان يمتلك هدف وحيد وهو فك ارتباط النظام بالجانب الإيراني، بعض الدول العربية كانت تظن أن عودة علاقاتها مع النظام السوري سوف تؤدي إلى فك الارتباط مع إيران، لكن في النهاية ثبت عدم صحة هذا الأمر”.

وأضاف: “المسار الأوروبي كان ينتظر من سوريا تقديم مغريات، أو تقديم إصلاحات حقيقية من أجل عودة اللاجئين وحل بعض الأمور في الشرق الأوسط، من أجل الانفكاك ولو بشكل محدود عن إيران، لكن أيضا الدول الأوروبية تفاجأت بعدم مقدرة النظام على هذا الأمر”.

ووفق اعتقاد الجاسر أن الجانب الأميركي هو صاحب القرار، بالانفتاح على حكومة دمشق من جديد، ويقول: “الانفتاح على النظام ليس قرار عربي ولا أوروبي.. في فترة من الفترات كانت الدول تسعى لأخذ هذا القرار بدون موافقة واشنطن، شاهدنا بعض الزيارات لمسؤولين عرب إلى سوريا، وأوروبيين أيضا بشكل سري”.

ويختم الجاسر حديثه بالقول: “الأميركان ينظرون للنظام السوري حاليا بأنه حليف لروسيا، ولا يمكن الوثوق به ولا يجب الانفتاح عليه، فيجب التضييق عليه وتحميل روسيا أعباء إضافية.. لذلك في هذه الفترة ،وطالما أن الإدارة الأميركية، لا ترغب بأي انفتاح على النظام السوري، لن نشاهد هذا الانفتاح وسيكون طي النسيان”.

ويرى محللون ومتابعون للشأن السوري، أن التقارير الأخيرة والتسريبات، تهدف إلى إعادة جرائم الحرب المرتكبة في سوريا إلى الواجهة الدولية من جديد، ما يعني قطع الطريق على أية جهود تحاول إعادة تعويم النظام الحاكم في سوريا، من قبل بعض الدول التي بدأت مؤخرا بإعادة علاقاتها مع دمشق.

قد يهمك: التطبيع مع حكومة دمشق: هل يؤدي التوتر مع الأردن إلى إنهاء مساعي إعادة تعويم الأسد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.