الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا، والذي يتزامن مع انخفاض مستوى الدخل لأدنى مستوياته، والقلة في فرص العمل، دفع الكثير باتجاه مزاولة التسول، والتي باتت ظاهرة تزداد مع استمرار تردي هذه الأوضاع.

الظروف دافع للتسول

تقرير لجريدة “البعث” المحلية، اليوم الأربعاء، أشار إلى تزايد أعداد المتسولين في الشوارع في سوريا، مبينا أن انتشارهم أصبح في كل مكان، وموضحا أن هناك تقصيرا من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، داعيا إيّاها لإيجاد حلول من خلال التعاون مع المجتمع الأهلي، الذي تواجه مؤسساته أيضا صعوبات جمّة، نتيجة الواقع المعيشي الصعب، ما انعكس سلبا على فاعلية هذه المؤسسات، وبالتشارك مع المؤسسات الحكومية الأخرى ذات الصلة ،والتي لم تعُد مؤسساتها ذات نفع.

وأشار التقرير إلى استياء شريحة من المواطنين من الإلحاح الذي يواجهونه من قبل المتسولين، رغم تعاطفهم معهم وخاصة الأطفال منهم، ومبيّنين أن غالبية الرجال المتسولين بحالة صحية تسمح لهم بالعمل، وسط تساؤل عما يمنعهم من العمل.

وبيّن التقرير، أن معظم الأطفال المتسولين يتم إجبارهم من قبل الأهل على ذلك، فيما هناك البعض الآخر لا معيل له، ولم يجد سبيلا غير ذلك للعيش.

ونقل التقرير، عن الدكتور في علم النفس، سمير رستم، أن هناك أشخاصا يستغلون الأطفال، ويدفعونهم للتسول، وهذه الظاهرة في غاية الخطورة، وآثارها تنعكس سلبا على المجتمع، وعلى الطفل نفسه لما تلحقه بشخصيته من تشوه، وتجعله فريسة سهلة للمجرمين الذين يستغلون ظروفه بكل أشكال الانحراف.

وأوضح رستم، أن القسم الأكبر من المتسولين هو من الإناث، ومن فئات عمرية مختلفة، وهذا ما يعرضهن للكثير من التحرش والكلام السيء، إضافة لمحاولة استدراجهن بمغريات مختلفة، واستخدامهن بأعمال منافية للأخلاق، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الأبحاث ،والتقارير التي تؤكد هذه المعلومات، وهذا كله ينعكس سلباً على التكوين المجتمعي، حيث يؤدي ذلك لظهور فئات مجتمعية تعمل على استقطاب الشباب الفتي نحو الانحراف، والابتعاد عن القيم الأخلاقية.

إقرأ:تزايد ظاهرة التسول في سوريا.. الشتائم حاضرة لمن لا يدفع!

التسول ظاهرة لا تطاق

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أوضح أن ظاهرة التسول في سوريا لم تعد تطاق، خاصة أن معظم المتسولين يستخدمون الأطفال للتسول لإثارة التعاطف، والشفقة ولجمع أكبر مبلغ ممكن.

كما بيّن التقرير ابتكار المتسولين أساليب عديدة، كاستخدام تقارير طبية ممهورة بأختام وتواقيع، تؤكد حاجة أبنائهم لعمليات جراحية باهظة التكاليف، أو وصفات طبية، لا يستطعن شراء الأدوية المدونة فيها كونها غالية الثمن، وخاصة المتسولات.

قد يهمك:ازدياد عدد شرائح الفقراء في سوريا

مافيات تشغل المتسولين

تقرير سابق لـ”الحل نت”، بيّن أن عدداً كبيراً من الأطفال المتسولين، هم من أدوات العصابات، والمافيات الذين يديروهم ويتعاملون معهم بأسوأ الألفاظ، ويأخذون منهم ما كسبوه أثناء التسول طوال اليوم.

وأوضح التقرير، أن ظاهرة التسول باتت منتشرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة التسول في مختلف المحافظات السورية، فإن ظاهرة تسول الأطفال، والنساء والشيوخ، تنامت إلى حدّ كبير في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الفقر وغلاء المعيشة، وتدني مستوى الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية من جهة، ومن جهة أخرى، عدم توافر الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأطفال؛ بسبب فقدانهم الأب، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قبل الجمعيات، والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجيات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة، حتى ولو بنسبة قليلة.

وأشار إلى أنه في ظل الفوضى الأمنية، والتهاون القضائي في المؤسسات الحكومية في هذه القضايا، اندفعت بعض العصابات والمافيات لاستغلال عدد كبير من الأطفال، الذين ليس لديهم معيل أو مسؤول، عبر تشغيلهم في مهنة التسول، مقابل إعطاء الطفل أو الطفلة مبالغ ضئيلة جدا، وتأمين أكله وإقامته ونومه.

إقرأ:“مافيات” في دمشق تجبر الأطفال على التسول

وكانت مديرية الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، قد أصدرت قرارا في منتصف آذار 2021 القاضي بخطوات العمل، والأدوار الجديدة المعتمدة لمعالجة ظاهرة التسول، والتشرد بتكليف قيادات الشرطة في كل محافظة بضبط المتسولين، والمتشردين بالتعاون بين الشرطة، والشرطة السياحية، وتخصيص خطوط ساخنة للتواصل مع الشرطة “غرف العمليات”، للإبلاغ عن أي حالة تسول، أو تشرد ومكان وجودها مع اتباع الإجراءات التالية: الرصد والإبلاغ، الضبط، الإحالة والمعالجة القضائية، وأن يقوم مكتب مكافحة التسول بإجراءات عرض الحالات على المحامين العامين، ليقوموا بدورهم بالإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى دور الرعاية المعتمدة، مع اتخاذ العقوبات اللازمة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.