5 أشهر مرت على حادثة الاغتيال التي هزت الرأي العام في العراق، ليتم أخيرا الحكم على أحد مستهدفي قاضي ميسان أحمد فيصل، مع بقاء 2 لم يتم إصدار أي حكم بحقهما بعد.

“محكمة جنايات ميسان”، أصدرت حكما بالسجن 15 عاما على أحد مستهدفي دار القاضي أحمد فيصل، حسب بيان نشره “مجلس القضاء الأعلى” في العراق، اليوم الأربعاء.

البيان قال، إن الحكم صدر بحق المجرم “ص. ع”، عن جريمة اشتراكه مع متهمَين اثنين بالتخطيط وتفجير دار المقتول القاضي أحمد فيصل، قبل ارتكاب جريمة الاغتيال.

“المجرم ص.ع اعترف بقيامه بالتخطيط المسبق ورمي العبوة الناسفة على باب دار القاضي المغدور بدوافع إرهابية”، وفق بيان “مجلس القضاء الأعلى” العراقي.

تفاصيل الجريمة

مطلع شباط/ فبراير الماضي، أطلق مسلحون النار على القاضي المختص بجرائم المخدرات في ميسان، أحمد فيصل في وسط المحافظة وأردوه قتيلا.

اغتيال قاضي ميسان، كان هو الاعتداء الرابع على منزله منذ تسنمه قضايا المخدرات والمؤثرات العقلية في المحافظة التي تقع جنوبي العراق، قبل سنتين من الآن.

وقعت حادثة الاغتيال حينئذ، إبان تواجد القاضي في سيارته بمنطقة “حي المعلمين” وسط مدينة العمارة مركز محافظة ميسان، وتحديدا قرب مقر قيادة شرطة ميسان.

كان رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، زار عائلة القاضي أحمد فيصل، وأكد أن القاضي كان له دور كبير في التصدي للجريمة المنظمة وملاحقة عصابات المخدرات داخل ميسان.

كما شدد الكاظمي وقتئذ، على أن دم الراحل لن يذهب سدى، متعهدا حينها، بالوصول إلى منفذي الجريمة “وإنزال أشد القصاص بهم”، حسب بيان رسمي نشره مكتبه الإعلامي آنذاك.

وتشهد ميسان، انتشار المخدرات وعصابات الجريمة المنظمة والاغتيالات والنزاعات العشائرية بشكل كبير، فقد شهدت 12 عملية اغتيال في أسبوع واحد في شباط/ فبراير المنصرم.

وبحسب عدد من المراقبين، فإن ما يجري في ميسان، تصفية صراعات سياسية بين الأحزاب المتنفذة، وخاصة بين “التيار الصدري” والميليشيات الموالية لإيران.

ميليشيات تتاجر بالمخدرات

محافظة ميسان، تعد من حصة “التيار الصدري” وفق المحاصصة السياسية في العراق، ومحافظها علي دواي يمسك بالمنصب منذ 12 سنة وهو من أعضاء “التيار”.

قبالة ذلك، تنتشر في ميسان عدة ميليشيات مسلحة موالية لإيران في المحافظة، الأمر الذي يدفع لوقوع اشتباكات بين فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر وتلك الميليشيات.

تقرير سابق لـ “الحل نت”، بين أن سبب كل ما يجري من اغتيالات ونزاعات عشائرية هو انتشار المخدرات وخاصة “الكريستال” في ميسان بشكل غير طبيعي.

بحسب التقرير، فإن تجارة المخدرات في ميسان، تقوم بها شخصيات تجارية متنفذة ومرتبطة بميليشيات وأحزاب سياسية، وتمتلك عصابات جريمة منظمة.

مقتل القاضي أحمد فيصل، جرى بسبب إصراره على متابعة ملف تجارة المخدرات وملاحقة الجهات التي تقف خلفها في ميسان، كما ورد في التقرير.

ولفت التقرير، إلى أن عصابات الجريمة المنظمة المرتبطة بتجار المخدرات، تقتل من يهدد استمرار تجارتها بالمخدرات، وبغطاء سياسي، خاصة من قبل ميليشيا “العصائب” الموالية لإيران.

التقرير أوضح، أن المخدرات يتم استيرادها من إيران، وعلى وجه التحديد من منفذ الشيب الذي يربط ميسان بإيران، وعادة ما توفر الميليشيات “الولائية” ومنها “العصائب” الغطاء الأمني لاستيراد المواد المخدرة إلى المحافظة.

نصف الشباب يتعاطون المخدرات

إحصائية سابقة لوزارة الداخلية العراقية، بينت أن العراق شهد منذ مطلع عام 2022 الحالي، إلقاء القبض على أكثر من 5 آلاف شخص متورط بعملية الإتجار بالمخدرات وتوزيعها.

أما في عام 2021 المنصرم، فقد اعتقل 11 ألفا من المتاجرين والمتعاطين والمروجين للمخدرات في العراق، بحسب إحصائية أخرى لوزارة الداخلية العراقية أيضا.

تلك الإحصائية، أشارت إلى أن الفئة الأكثر استهدافا في تعاطي المخدرات بالعراق، هي الفئة العمرية المحصورة بين 15 و25 عاما، أي فئة الشباب.

تقارير سابقة أنجزها موقع “الحل نت”، أكدت أن معظم المخدرات تدخل إلى العراق عبر المنافذ الحدودية البرية مع إيران وسوريا، من خلال محافظات البصرة وميسان وواسط والأنبار.

نهاية عام 2021، كشف مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية “مكافحة المخدرات” التابعة لوزارة الداخلية العراقية، بلال صبحي في تصريح صحفي، أن 60 بالمئة من المعتقلين في ذلك العام وهم 11 ألفا، هم تجار مخدرات.

صبحي أوضح حينها، أن محافظتي البصرة و ميسان تعتبران الاولى بتهريب وتعاطي المخدرات في العراق والمحافظات الجنوبية على وجه الخصوص، بينما تتصدر الأنبار المحافظات الغربية بتعاطي وتجارة وتهريب المخدرات.

قبل ذلك، كان وزير الداخلية العراقي، عثمان الغانمي، قال في حوار مع التلفزيون العراقي في تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، إن نصف الشباب العراقي “يتعاطون المخدرات”.

من ممر إلى مستهلك

في آيار/ مايو 2021، أكدت “لجنة الأمن والدفاع” النيابية، أن العراق تحول في السنوات الأخيرة إلى نقطة مهمة في حركة المخدرات بالشرق الأوسط.

ولفتت اللجنة في تصريح صحفي وقتئذ، إلى أن، ثلث المخدرات التي تدخل إلى العراق، تذهب للاستهلاك والتعاطي الداخلي.

غالبية المواد المخدرة، يتم تهريبها للداخل العراقي ولخارجه من خلال إيران، إذ تهرب طهران مخدراتها بوساطة تجار يتعاملون معها في العراق، عبر المنافذ البرية التي تربطها بمحافظات الجنوب العراقي.

وتقف الميليشيات المسلحة الموالية إلى إيران، خلف عمليات تهريب وترويج المخدرات، كما تعد تجارتها أحد أهم مصادر تمويل “الجماعات الولائية”.

وفق تقديرات كشف عنها القضاء العراقي في أيار/ مايو 2021، فإن نسبة الإدمان على المخدرات بين الشباب العراقي، قد تصل إلى 50 بالمئة.

يجدر بالذكر، أن العراق كان يعد ممرا لعبور المخدرات من أفغانستان وإيران إلى أوروبا ودول الخليج العربي، على مدى العقود الماضية، خصوصا إبان حكم نظام صدام حسين.

بعد سقوط نظام حسين في 2003، تحول العراق إلى مستهلك لمختلف أنواع المخدرات، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية غير المستقرة في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.