بعد توقفه لعدة سنوات، عاد مصنع “سكر تل سلحب” للعمل، ويبدو أن إعادة تأهيل وتشغيل المصنع جاء نتيجة لحاجة الحكومة إلى السكر ،وتقليل استيراد المادة التي أصبحت عبئا عليها، نتيجة تفاقم مشكلة إمدادات السكر في سوريا بسبب الأزمة الحالية في البرازيل، أكبر منتج للسكر على مستوى العالم، أيضا الزيادة الكبيرة الأخيرة في سعر السكر، باتت تفوق قدرة الاستهلاك المحلي، وبالتالي خسارة المستوردين، فضلا عن لجوء الحكومة إلى طرق بديلة في محاولة لسد بعض حاجات السوق المحلية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وتقليل التوريدات، وخاصة الحبوب والأعلاف.

إنتاج السكر ومواد أخرى

الشركة العامة لمعمل “سكر تل سلحب”، بدأت اليوم، باستلام محصول الشوندر السكري من المزارعين في منطقة سلحب بريف حماة الغربي.

مصدر في المعمل أكد لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم الأربعاء، أنه خلال الأسابيع الأخيرة، أجريت صيانة عامة لآلات المعمل بجهود محلية من قبل مهندسي المعمل، مما ساهم بتوفير مئات ملايين الليرات من خلال الاستغناء عن استيراد قطع تبديل جديدة.

وأردف المصدر ذاته، أنه خلال اليومين الماضيين، تم اختبار الآلات من الناحية الفنية وهي جاهزة للإقلاع، وذلك بعد استكمال استلام كامل المحصول المتعاقد عليه مع الفلاحين.

ووفق الموقع المحلي، نقلا عن ذات المصدر، سينتج المعمل خلال فترة عمله المحددة بأسبوع تقريبا، ما يقارب 16 ألف طن من السكر بواقع 3800 طن يوميا، بالإضافة إلى مادتين ثانويتين، هما التفل والتي تستخدم كعلف، والثانية المولاس التي تعتبر مادة أساسية بصناعة الخميرة، والتي تدخل في إنتاج مادة الخبز.

من جانبه، المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الغذائية إبراهيم نصرة، كان قد ذكر، أن محصول الشوندر السكري تضرر بشكل كبير خلال السنوات الماضية من ناحية الإنتاج، حيث خرجت الكثير من المعامل عن الخدمة، علما أن المساحة المزروعة بالشوندر قد بلغت 21 ألف دونم.

وزعم نصرة وفق تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، يوم أمس الثلاثاء، إن إعادة إقلاع المعمل وتصنيع الشوندر السكري، سينعكس إيجابا على توفير مادة السكر بنسبة 10 بالمئة من الشوندر والمساهمة بتخفيض سعره إلى نحو 20 بالمئة، إضافة إلى تحقيق جدوى اقتصادية بوفورات تصل إلى مليارات الليرات السورية على الخزينة.

في حين أعلن مجلس الوزراء بحكومة دمشق، مؤخرا عن منح مكافأة مالية قدرها 10000 ليرة سورية عن كل طن شوندر يرد من الفلاحين مطابق للمواصفات القياسية السورية، علما أنه يتم شراء الطن الواحد من الفلاح بسعر 260 ألف ليرة سورية، بالإضافة إلى دعم المزارع بكميات من المازوت الخاص بعملية الزراعة، والهدف الرئيسي من هذا الإجراء، هو إعادة إقلاع معمل “سكر تل سلحب” المتوقف منذ 7 سنوات، مما يعني إنتاج السكر محليا، والتخفيف قدر الإمكان من استيراد المادة، بحسب ما أوردته الموقع المحلي.

يُذكر أن الشوندر السكري يُسهم بتغطية حوالي 20 من حاجة سوريا من مادة السكر، إذ تصل نسبة استهلاك مادة السكر إلى 709 آلاف طن سنويا، بمعدل 35 كيلوغراما للفرد الواحد، وفق تصريح سابق لرئيس قسم بحوث الشوندر السكري في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية.

ومطلع شهر شباط/فبراير الماضي، اشتكى مزارعو الشوندر السكري بمنطقة الغاب، الذين أبرموا عقودا مع شركة “سكر تل سلحب” لتوريد محصولهم له بغية إنتاج السكر، عدم إنبات بذار الشوندر الذي تسلموه من المصارف الزراعية لتاريخه.

وعزوا ذلك لسوء البذار رقم 4000 و4001، مؤكدين أنها من نوعية رديئة، وانباتها لا يتجاوز الـ10 في المئة، رغم أنهم زرعوا من تاريخ (7/12) بالعام الماضي، وفقا لوسائل الإعلام المحلية

وتضررت معامل السكر الستة في سوريا، وهي شركة “سكر حمص” وشركة “سكر تل سلحب” وشركة “سكر دير الزور” وشركة “سكر الرقة” وشركة “سكر مسكنة” وشركة “سكر الغاب” وجميعها تابعة إلى “المؤسسة العامة للسكر” السورية.

يذكر أن منطقة الغاب كانت تحتل المركز الأول بإنتاج السكر على مستوى سوريا بواقع 300 إلى 400 طن سنويا، وفق وكالة “سانا” المحلية، اليوم الأربعاء.

قد يهمك: ارتفاع جديد في سعر السكر بسوريا

ارتفاع سعر السكر

تواصل أسعار السلع، والمنتجات في الأسواق السورية بالارتفاع دون رقابة أو تدخل من الحكومة، ومؤخرا ارتفع سعر السكر مرة أخرى في سوريا، منذ أواخر الشهر الفائت، إذ بات يباع عبر البطاقة التموينية “البطاقة الذكية” بنسبة 100 بالمئة للسكر.

المثير للدهشة، أن دمشق أدرجت مؤخرا مادة السكر لبيعها مباشرة بدون رسالة نصية وبموجب “البطاقة الذكية”، إلا أن السوق السورية شهدت مؤخرا ارتفاعا جديدا في سعر السكر، رغم عدم توافره منذ أيام في صالات “السورية للتجارة”.

وبحسب تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، فقد ارتفع سعر الكيلو غرام من السكر في السوق المحلية وسطيا إلى 4500 ليرة سورية بالتوازي مع عدم توفره المباشر في صالات “السورية للتجارة” منذ أيام، ليكون المبرر من مديري بعض الصالات، بعدم تزويدهم بالمادة حاليا.

وضمن هذا الإطار، أكد مدير السورية للتجارة زياد هزاع في وقت سابق للصحيفة المحلية، أن المادة متوفرة وموجودة، وترتبط بالعملية الإنتاجية والتوريدات إلى المؤسسة، ومن المعمل إلى المنتَج المحلي.

كما أن الحكومة السورية لم تتخذ أي خطوات في الأشهر الأخيرة لمعالجة التأثير المحتمل لغزو روسيا لأوكرانيا، والذي أدى إلى وقف إمدادات السلال العالمية، وضمان امتلاك البلاد لمخزونات كافية من محصول السكر، وغيره من السلع الأساسية، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السكر.

تاليا، وبعد عودة معمل “سكر تل سلحب” للعمل من جديد بعد سنوات عديدة، نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، يبدو أن دمشق في حاجة ماسة لتشغيل مثل هذه المصانع التي يمكن أن تسد بعض الثغرات في اقتصادها المتهالك. ولكن يجدر التساؤل هنا ما إذا كان إنتاج هذا المصنع كافيا للإنتاج المحلي، وهل سيستكمل المعمل عمله وسط الأزمات المتتالية التي تشهدها البلاد، وخاصة قطاعي الصناعة والتجارة، نتيجة لشح المازوت وموارد الطاقة، وهل تشهد السوق السورية ارتفاعا جديدا في أسعار السكر، قريبا.

قد يهمك: أزمة في تمويل المستوردات إلى سوريا.. ما علاقة ارتفاع السكر والزيوت؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.