القطاع الزراعي في سوريا، يتعرض منذ سنوات إلى العديد من الصعوبات والعوائق، من أبرزها تأمين المستلزمات الزراعية الأساسية للفلاحين، وعلى رأسها البذار والأسمدة التي كانت تباع لهم بأسعار مدعومة من الحكومة، والتي باتت وبسبب قرارات الأخيرة غير المدروسة المسبب الرئيسي لتراجع هذا القطاع الحيوي، وساهمت في غياب أنواع من المزارعين وحرمانهم منها.

اعتراف بالعجز

في سياق التصريحات الحكومية حول أسباب تراجع القطاع الزراعي، والعجز عن تأمين الأسمدة، قال وزير الزراعة، محمد حسان قطنا، يوم أمس الخميس، خلال زيارته لمحافظة درعا، أن الحكومة لا تستطيع تأمين الأسمدة حاليا ضمن الظروف الحالية، محاولا استخدام العقوبات كذريعة جديدة لإخفاء عجز حكومة دمشق عن تأمين مستلزمات مواطنيها، لاسيما في مجال الزراعة، بحسب موقع “سناك سوري” المحلي.

وأوضح قطنا، أن الحكومة لن تستطيع الالتزام بتأمين الأسمدة، عدا الفوسفاتية منها والتي تتيحها للجميع ولكل أنواع الأشجار المثمرة والمحاصيل والخضار، ومضيفا حول الأسمدة الآزوتية، أن الحكومة لن تتمكن من تأمينها إلا لمحصول القمح، ومبينا في الوقت نفسه أنه لم يتم تأمين الأسمدة حتى الآن وأنه في حال استمرار ذلك، فإن الفلاح سيقوم بتأمين حاجته من السوق السوداء.

وأشار قطنا، إلى أن الوزارة تسعى لدفع التجار لاستيراد الأسمدة، مؤكدا استعداد الحكومة لشرائها، بما في ذلك سماد اليوريا الآزوتي من أي تاجر بتكلفة الاستيراد ومن أرض المرفأ، ومبينا أن الحكومة طرحت 12 مناقصة داخلية وخارجية لكن لم يتقدم أحد لها.

وبحسب متابعة “الحل نت”، فإن ندرة الأسمدة من بين أبرز التحديات، التي تقف أمام الزراعة، و تنمية القطاع الزراعي في سوريا الذي تضرر من الجفاف وتداعيات حرب، فمن جهة لاتملك مصانع القطاع العام القدرة على إنتاج الكميات اللازمة من هذه المادة، وأيضا المصانع الخاصة باتت غير قادرة على تلبية السوق المحلية من الأسمدة.

وحول احتياجات بعض المزروعات من أنواع محددة من السماد، أظهرت بيانات وزارة الزراعة السورية، خلال العام الماضي 2021، أن الاحتياج الفعلي لمحاصيل القمح والقطن والشوندر السكري والتبغ في الظروف الاستثنائية من مادة اليوريا يبلغ 300 ألف طن ومن الفوسفات الممتاز، في حين أن ما توفر في المصرف الزراعي التعاوني من سماد اليوريا بلغ 29.5 ألف طن فقط، ومن الفوسفات الممتاز نحو 38 ألف طن وهي كمية قليلة للغاية.

إقرأ:السوق السوداء تسيطر على الزراعة في سوريا

وعود وبدائل

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى ارتفاع أسعار الأسمدة في موسم “التسميد” في شهر شباط/فبراير الماضي، وذلك نتيجة بيع الأسمدة الآزوتية للمحاصيل الاستراتيجية (قمح- قطن- شوندر سكري) فقط.

ورغم وعود الجهات الحكومية بتزويد جميع العاملين في القطاع الزراعي بالأسمدة، فإنه لم يصدر في حينه قرار رسمي بمنح مزارعي الأشجار المثمرة الأسمدة اللازمة، وبررت ذلك بإعطاء الأولوية لمحصول القمح، ما أثار عشرات التساؤلات عند الفلاحين حول مبررات عدم التوزيع، ولاسيما أن توزيعها في وقت لاحق لا يحقق جدوى زراعية اقتصادية.

وبحسب التقرير، فإن الأسمدة غير متوفرة في المستودعات الحكومية، بينما تتوافر بكثرة في السوق السوداء، وهذا أمر مثير للدهشة حقيقة. فليس كل المزارعين لديهم القدرة على شراء الأسمدة من السوق السوداء، وحتى لو تم شراؤها من قبل البعض فإنها ستكلف من قيمة تكلفة الإنتاج وبالتالي يتعين على المزارع أن يرفع سعر منتجاته، وهذا هو ما يضعهم في حالة صراع مع التجار في الأسواق والرغبة الشرائية للمواطنين.

كما أشار التقرير، إلى وجود مخالفات وتجاوزات تطال الجمعيات الفلاحية في توزيعها لسماد جميع المحاصيل من خلال التلاعب بمساحات الأراضي المسجلة في دفاتر الجمعية الزراعية الحكومية، والأرقام الحقيقية التي لا تصل إلى نصف تلك المساحات، بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من السماد والمتاجرة به في السوق السوداء.

ونقل التقرير عن فلاحين، ضرورة الأسمدة للمحاصيل الزراعية، خاصة خلال فتراتها المحددة، في ظل شح الأمطار، وإلا فإن عملية الإنتاج الزراعي لن تنجح ولن تؤدي إلى موسم وفير من أشجار الفاكهة إلى الخضار وانتهاءا بالقمح، موضحين أن الفلاح لا يستطيع شراء السماد من السوق السوداء، لأن سعره غالي جدا مقارنة بالقيمة الإنتاجية.

ومن جهة ثانية، يضطر مزارعون في مناطق مختلفة من سوريا لاستخدام سماد سائل يعتبر أرخص ولكنه منخفض الفعالية في رش حقولهم، خاصة بعد ارتفاع اسعار الأسمدة الكيمائية بشكل غير مسبوق.

وأيضا يلجأ الفلاحون في بعض المناطق لاستخدام السماد الحيوي، والقادم من الخارج في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، والذي يخفض تكاليف المزارع إلى النصف، ذلك أنه يُضاف بكمية 16كيلو غرام إلى مساحة هكتار من الحقل بتكلفة 112 دولارا، فيما يزيد نسبة الإنتاج بنحو 30 بالمئة.

قد يهمك:لا سماد من أجل الزراعة بسوريا.. التهاب أسعار مرتقب؟

يشار إلى أن الزراعة هي أحد أهم الموارد الاقتصادية في سوريا، ولكنها تراجعت بشكل كبير وبشكل خاص منذ العام 2018، وفي مختلف أنواع المزروعات وبالذات ما تعرف بالاستراتيجية منها، كالقمح والشوندر والزيتون، ما زاد من تدهور الوضع الاقتصادي العام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.