القطاع الزراعي في سوريا، يعاني من زيادات متتالية على التكلفة العامة للإنتاج، والتي جاءت نتيجة لسياسات حكومية غير مدروسة، أضرت كثيرا بهذا القطاع، ودفعت بالمزارعين في كثير من المواسم إلى بيع إنتاجهم بسعر التكلفة أو بخسارة.

الكلفة العالية لمستلزمات الإنتاج وغياب البنية التحتية المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى زيادة أجور النقل بشكل كبير، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود؛ أثر أيضا على مستويات الإنتاج نتيجة لاعتماد الري في الزراعة على مادة المازوت بشكل رئيسي، والتي باتت نادرة كمادة مدعومة، ما دفع المزارعين للجوء للسوق السوداء.

المازوت الأسود يروي الزراعة

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، يوم أمس الأحد، أشار إلى تعرض القطاع الزراعي في موسم 2021 ـ 2022 إلى كم كبير من الصعوبات والمعوقات، وفي مقدمة هذه المعوقات تأمين مادة المازوت الأساسية لري محاصيل الحبوب والقطن والشوندر والحمضيات والخضار والفواكه.

وفي هذا السياق، كشف وزير الزراعة حسان قطنا، في الشهر الماضي أن كمية المازوت بالسعر المدعوم المباع لقطاع الزراعة في الموسم الحالي بلغ 47.6 مليون ليتر من إجمالي الكمية التي تحتاجها الزراعة والبالغة 221 مليون ليتر وفق ماهو مخطط من قبل الوزارة أي بنسبة 21.5 بالمئة فقط.

وبحسب التقرير، فإن النسبة أو الكمية كبيرة جدا وهي مؤشر على أن الدعم لقطاع الزراعة كان محدودا جدا، مشيرا إلى أن الآليات الحكومية غير فاعلة، فالكميات المصادرة من المازوت تقدر بالأطنان وليس بآلاف اللترات، ولو كانت الجهات المكلفة بتوزيع المادة جادة بإيصالها إلى المنتجين وليس لتجار السوق السوداء عبر آليات فعالة تمنع تسربها، لكان القطاع الزراعي ارتوى بنسبة أكبر من المازوت المدعوم.

إقرأ:الزيتون خارج قائمة الدعم في سوريا على حساب الحمضيات

خطط غير قابلة للتنفيذ

التقرير يوضح أن أي خطة زراعية لا تؤمن لها المحروقات الضرورية لتشغيل محركات ضخ المياه للمساحات المروية لن تجد طريقها للتنفيذ، والدليل أنه في عام القمح لم تتمكن الحكومة من شراء أكثر من 400 ألف طن من القمح.

كما أن المحروقات ضرورية لمحاصيل أخرى كالقطن والشوندر السكري والتبغ فهي تؤمن المادة الأولية لدوران عجلة الإنتاج في معامل القطاعين العام والخاص، ولا تقل أهمية المحاصيل الأخرى عن الإستراتيجية كالشعير والذرة الصفراء (لتغذية قطاع الدواجن والثروة الحيوانية) والبطاطا والحمضيات والبندورة.

قد يهمك:في موسم حصاد القمح.. الشلل يصيب الآلات الزراعية بسبب نقص المازوت

أسباب تراجع الإنتاج الزراعي

يعاني القطاع الزراعي السوري من تحديات توفير مستلزمات الإنتاج ومن تسويق منتجاته، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، والذي أكد فيه خبراء أبرز الأسباب تعود إلى التكلفة الكبيرة للإنتاج مقابل سعر المبيع الزهيد، وغياب دور السلطات منذ عقود في توفير منافذ بيع خارجية دائمة، لتسويق إنتاج المزارعين، علاوة على ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الزراعة، ولهذا السبب توقف الكثير من المزارعين عن الزراعة.

وبالإضافة لذلك، فإن غياب التيار الكهربائي الدائم أعاق المزارعين في تشغيل مضخات المياه لري زراعتهم، وأيضا ندرة الوقود واللجوء للسوق السوداء ما يجعل تكاليف الإنتاج مرتفعة للغاية.

لقد شكلت أسعار المحروقات في سوريا خلال السنوات الأخيرة، هاجسا ومعاناة كبيرة للسوريين، تزامنا مع الارتفاع الدوري لأسعارها من جهة، وسحب الدعم الحكومي بشكل تدريجي من جهة أخرى، مما انعكس بشكل سلبي على كافة السلع والخدمات في البلاد.

أما بالنسبة لأسعار القمح، فقد حددت وزارة الزراعة سعر طن القمح في وقت سابق من الشهر الجاري 1.7 مليون ليرة سورية ما يعادل 680 دولارا، مع منحة بقيمة 120 دولارا عن كل طن يتم تسليمه في المناطق الآمنة، و160 دولارا عن كل طن يتم تسليمه في المناطق غير الآمنة.

من جهة ثانية، على الرغم من نمو زراعة الزيتون هذا العام، إلا أن هناك نسبة عالية من التعدي وتقطيع الأشجار في عدة مناطق، وفق مكتب الزيتون بوزارة الزراعة.

وبالتزامن مع ذلك، فإن مزارعي الزيتون يجدون صعوبة في تسويق إنتاجهم من زيت الزيتون زيت الزيتون رغم كل النقص في أنواع الزيوت والسمون النباتية وارتفاع أسعارها منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

ففي الساحل لم يسوق المزارعون أكثر من 10 بالمئة من إنتاجهم، ما تسبب بمشاكل كبيرة بالنسبة لهم لعدم توافر السيولة بين أيديهم ولصعوبة حفظ الزيت في منازلهم، على الرغم من أن زيت الزيتون تقل أسعاره عن الزيت النباتي، الذي تتسابق الناس للحصول على عبوة منه، بحسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:الزراعة في سوريا.. قطاع رابح دمرته سياسات فاشلة لعقود وعصفت به الحرب

يشار إلى أن القطاع الزراعي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في سوريا، والذي اعتاد السوريون على العيش من منتجاته وعائداته لسنوات طويلة، لكن العامين الأخيرين كانا الأسوأ بتاريخ هذا القطاع إذ شهد تراجعا كبيرا زاد من انهيار الاقتصاد السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.