في سابقة أخرى من المشهد السوري البائس وعن غلاء الأسعار بشكل “خيالي” لدرجة أنه يصبح حديثا ساخرا في كل مرة يتداوله السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، وآخر هذه المشاهد هو أسعار بطاقات حفل “عيد السيدة” بوادي النصارى بريف حمص، الأمر الذي أثار استياء وغضب الكثير من السوريين، حيث كان لافتا أن ثمن بعض البطاقات بلغ نصف مليون ليرة سورية.

أسعار “خيالية”

صفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، انتشرت فيها إعلانات ترويج للحفلات التي ستقام في 14 من آب/أغسطس الجاري، في وادي النصارى بريف حمص الغربي، لمغنين سوريين ولبنانيين.

وبحسب ما تم تداوله، تتدرج البطاقة للحفل الواحد من 200 ألف إلى 400 ألف و500 ألف لنجوم لبنانيين وسوريين، أما حفلات المطربين الشعبيين، تبدأ من 75 ألفا إلى 250 ألف ليرة سورية، في وقت شهدت جميع فنادق المنطقة حجوزات مكتملة قبل موعد العيد بأسبوعين.

ومن بين الفنانين اللبنانيين المشاركين في الحفلات، فارس كرم ورامي عياش وزياد برجي، ووصلت سعر بطاقة حفلة كرم إلى 500 ألفا، أما عياش وبرجي فتباع بـ350 ألفا. أما الفنانين والمغنين السوريين، وفيق حبيب وعلي الديك وأخوه حسين الديك، ووصلت سعر بطاقة حفلة وفيق إلى 400 ألفا، أما علي الديك إلى 275 ألفا، و حسين الديك فتباع أعلى فئات بطاقات حفلته بـ 350 ألف ليرة سورية.

تعليقات ساخرة من المعيشة

في المقابل، تفاعل كثير من السوريين مع هذه الإعلانات بتعليقات ساخرة وغاضبة ويائسة، حيث كتب حساب أحدهم: “يشتري المرء شوال من السكر، وكم علبة متة، وبزيد معي”، وأضاف آخر بشكل ساخر من رواتب الموظفين: “على أساس الشعب السوري طفران وفقير ومامعو ياكل، اذا سعر البطاقة لأقل واحد بنص راتب الموظف أو يمكن هني مابدهم الموظفين..”.

وجاءت تعليقات أخرى مختلفة على أسعار البطاقات، ومنهم قال: “معقول في حدا بيدفع نص مليون ليحضر وديع الشيخ”، وقال آخر: “نعم في هذا الزمن.. في قلب الأزمة الاقتصادية.. في بلد يرزح أكثر من 90 بالمئة من قاطنيه تحت خط الفقر، تجد هذا الكم الهائل من الحفلات الخيالية!”، وعلقت سيدة: “يعني الواحد بدو راتب نص سنة لحتى يحضر فارس كرم؟؟ كل عام والشعب السوري بألف خير”.

بينما جاء تعليق إحداهن: “على حسب معلوماتي عيد السيدة، هو عيد ديني مو مناسبة للرقص والحفلات، وحتى لو بدهم يعملوا حفلات ما يستغلوا الناس بهالطريقة عمتعطوا صورة كتير بشعة”، وأشار آخر في تعليقه إلى أن “الحفلات للمغتربين بغيروا جو، أما نحنا مبسوطين كل يوم”.

كما ودعا العديد من المعلقين شركة “تكامل”، المنفذة لمشروع “البطاقات الذكية”، والذي يحدد مقدار الكمية التي سوف يحصل عليها كل مواطن من المواد الأساسية مثل الغذاء والمحروقات، دعوها إلى حضور الحفلات لتأخذ الإجراءات المناسبة في حق الحاضرين.

وكتب أحد المتابعين، أنه على شركة “تكامل” رفع الدعم عن جمهور هذه الحفلات، كونهم مقتدرين ماديا، عوض استبعاد المرضى والمتقاعدين والذين دمرت بيوتهم، والموظفين الذين لا يتجاوز راتبهم 70 ألف ليرة.

ودعا حساب آخر، كلا من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ووزارة الاتصالات والتقانة، وهما الجهتان المسؤولتان عن إعلان رفع الدعم، لحضور الحفلات واستبعاد جمهورها من الدعم، عوض حرمان أولئك الذين يملكون سيارات “سوزوكي” موديل 1970.

قد يهمك: زيادات مستمرة.. لماذا ترتفع الأسعار يومياً بسوريا؟

ما دور مديرية السياحة؟

في سياق متصل وحول السعر المرتفع لبطاقات بعض الحفلات قالت مديرة السياحة بحمص ملك عباس، “حفلات عيد السيدة مشهورة على مستوى سوريا يأتي لحضورها الناس من كل المدن السورية”، مشيرة إلى أنه أشبه بمهرجان سنوي بقرى وادي النصارى، وفق ما أورده موقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الإثنين.

ونوّهت عباس، إلى أن دور مديرية السياحية يقتصر على إعطاء التراخيص للمنشآت السياحية بهدف إقامة الحفلات، مبيّنة أن سعر بطاقة الحفل يعود إلى صاحب المنشأة، والسياحة لا تتدخل بسعر بطاقة الحفل وهناك من يأتي لحضور هذه الحفلات، وهنا أشارت عباس، إلى أن الترخيص يقتصر على اسم الفنان دون تفاصيل أخرى لمزايا الحفل من عشاء ومشروب، التي يعلن عنها صاحب المنشأة في الإعلانات.

وأشارت مديرية سياحة حمص، إلى أن كل الحجوزات في الفنادق وفق تسعيرة وزارة السياحة وتخضع لرقابة ولم تصل أي شكوى، وزعمت عباس، إلى أن هذا الموسم السياحي شهد عددا لا بأس به من المغتربين، الذين ساهموا في تنشيط الحركة السياحية كونهم يؤقتون زيارتهم إلى سوريا بفترة “عيد السيدة”.

وتحتفل الطوائف المسيحية في كل أرجاء العالم بالخامس عشر من آب كعيد لانتقال “السيدة العذراء” إلى السماء، ولهذه الاحتفالات أشكال متنوعة وفي سوريا وبالتحديد في مدينة حمص يكون للعيد نكهة مختلفة، فالطقوس رائعة والاهتمام كبير ورائع أولها الكرنفالات العديدة التي تقام في المدينة وقرى “وادي النصارى” ككرنفال “مرمريتا” و”رباح” و”كفرة” وغيرها.

مهرجان قلعة دمشق

فعاليات مهرجان “ليالي قلعة دمشق” انتهت في 24 تموز/يوليو الفائت، وامتد الحفل 4 أيام غنّى فيها كل من ناصيف زيتون، وجوزيف عطية، وسيف نبيل، إضافة إلى حسين الديك.

والمهرجان، كان برعاية وزارة السياحة ووزارة الثقافة السورية، ومحافظة دمشق وشركة “سيرتيل”، أما التنظيم فكان من شركة “مينا للفعاليات الثقافية والفنية” التي تقوم بتنظيم هذا الحفل منذ 2018.

وتراوحت أسعار البطاقات بين 25 – 35 ألف ليرة سورية تبعا لصف الحضور، ووصلت إلى 150 ألف ليرة لدرجة الـVIP، لكن ووفق تقارير صحفية سابقة، فقد وصل سعر بطاقة ناصيف زيتون في السوق السوداء بأكثر من 200 ألف للحضور بالصفوف الأخيرة التي سعر تذكرتها 25 ألف ليرة.

وبشكل عام، فإن أسعار تذاكر مهرجان “ليالي قلعة دمشق” وحفلات “عيد السيدة” بعيدا عن متناول شريحة كبيرة من السوريين، الذين لا يتجاوز راتبهم الشهري 165 ألف ليرة سورية، ما يعني أن هذه الأسعار تتجاوز قدرة معظمهم، إذ يعيش قرابة 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، وتقتصر هذه الأجواء على الطبقة الثرية والمغتربين الذين يعيشون خارج البلاد (دول الخليج).

قد يهمك: الاقتصاد المتدهور في سوريا.. الأسباب الحقيقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.