في سبيل تحركاتها للتخلص من بقايا تنظيم “داعش” في درعا، حاصرت قوات تابعة للجان المركزية يوم أمس الثلاثاء قائد التنظيم الإرهابي في محافظة درعا المعروف بـ”أبو سالم العراقي”، في أحد المنازل في بلدة عدوان بريف درعا الغربي، حيث كان يحتجز عددا من الرهائن في المنزل، ونتيجة لتضييق الحصار ومطالبته بتسليم نفسه قام العراقي بتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف كان يرتديه، ما أدى لمقتله وأحد مقاتلي الفصائل، وأحد الرهائن وجرح آخرين.

“أبو سالم العراقي”، المعروف باسم عبدالله البائع، ينحدر من محافظة الأنبار العراقية، قدم إلى سوريا بعد سقوط النظام العراقي السابق، واستقر في مخيم اليرموك بدمشق، حيث كان يعمل في التجارة، ومع دخول تنظيم “داعش” للمخيم في العام 2014 انخرط العراقي فيه ليترقى ويصبح القائد العسكري للتنظيم حيث أصيب في قدمه بإحدى المعارك، وفي العام 2018 انتقل بموجب تسوية مع القوات الحكومية إلى منطقة تلول الصفا في بادية السويداء، بينما انتقل قسم آخر للرقة.

ومن تلول الصفا عُين العراقي قائدا للتنظيم في محافظة درعا، ليتنقل بين مدن وبلدات المحافظة بشكل مستمر، حتى مقتله يوم أمس.

فصائل محلية تسعى للخلاص من “داعش”

الفصائل المحلية التابعة سابقا للمعارضة العسكرية في درعا، تدرك أن حكومة دمشق والميلشيات الإيرانية باتت تستثمر في تنظيم “داعش” منذ سقوط التنظيم في العام 2018، أكثر من أي وقت مضى، حيث قامت دمشق بإطلاق سراح عدد من قيادات ومقاتلي التنظيم بشروط محددة أبرزها تنفيذ عمليات اغتيال بحق المعارضين لصالح دمشق والميليشيات، وقد تمكن هؤلاء العناصر من تنفيذ عدد كبير من عمليات الاغتيال خلال السنوات الماضية.

الصحفي السوري، حسام البرم، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن ما تبقى من فصائل محلية في درعا، لا تزال تحافظ على فكرة عدم التعايش مع تنظيم “داعش” من جهة ومع القوات الحكومية من جهة أخرى، ولذلك يشكل العامل الأمني الأولوية لهذه الفصائل وأكثر ما يهدد الأمن هو العمليات التي ينفذها التنظيم.

وأضاف البرم، أن هناك قرارا لدى هذه الفصائل بملاحقة قيادات وعناصر التنظيم والخلاص منهم، ومن القوات الحكومية على حد سواء، لذلك يُلاحظ بشكل خاص في الريف الغربي أن هناك استهدافا مستمرا لعناصر “داعش” وللقوات الحكومية من خلال استهداف سيارات الجيش السوري خلال مرورها في بلدات الريف الغربي.

أبو محمد، قيادي سابق في المعارضة، وقائد أحد المجموعات التي تكافح التنظيم في درعا، بين خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه تم ومنذ فترة طويلة اكتشاف التنسيق بين قيادات تنظيم “داعش” في درعا وبين الأجهزة الأمنية والميليشيات الإيرانية، من أجل اغتيال وتصفية المعارضين.

وبالتالي وقف أهالي المحافظة مع الفصائل في ملاحقة عناصر وقيادات التنظيم للخلاص منهم، لسببين، الأول الحد من عمليات الاغتيال التي ينفذها هؤلاء، والثاني سحب ذريعة دمشق بوجود عناصر وقيادات من التنظيم في درعا ما يجعلها حجة دائما لشن هجمات عسكرية في المحافظة.

إقرأ:قتل على طريقة داعش في درعا.. ماذا يحصل؟

من يقف خلف التنظيم وما هو مستقبله بدرعا؟

العديد من المؤشرات الواضحة، منذ العام 2020 تشير إلى دعم دمشق والميليشيات الإيرانية لـ”داعش” خاصة بعد عمليات الإفراج عن معتقلين منهم، كان آخرهم بعد العفو الرئاسي الأخير، حيث أُفرج عن قائد عسكري في التنظيم وهو شقيق مؤسس جيش “خالد بن الوليد” التابع لـ”داعش” في درعا، محمد سعد الدين البريدي.

وفي هذا السياق، يرى الصحفي سمير السعدي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه من المهم توضيح كيف استطاع هؤلاء القادة وعلى رأسهم العراقي، وقادة وعناصر آخرون التسلسل إلى درعا وريفها، خاصة أن معظمهم كان قد اعتقل في 2018 ثم أُعيد إطلاق سراحهم، ما يؤكد أن الداعم الرئيسي لهم هي الأجهزة الأمنية السورية.

من جهته، حسام البرم، أشار إلى أن هناك معلومات مؤكدة حول تلقي تنظيم “داعش” في درعا دعما لوجستيا بالسلاح والمال من دمشق، وقد تعززت هذه الأدلة بعد تمكن الفصائل المحلية من اعتقال عدد من عناصر التنظيم في فترات سابقة.

أما أبو محمد القيادي السابق في المعارضة العسكرية، فقد أكد أن هناك صلة تربط قيادات التنظيم في درعا بشعبة الاستخبارات العسكرية، مشيرا إلى وجود صلة بين أبو سالم العراقي ومكتب رئيس الشعبة كفاح ملحم.

وأوضح أبو محمد، أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيدا ضد قيادات وعناصر التنظيم، بعد أن عاثوا فسادا وقتلا في المحافظة، ولن تتوقف الفصائل حتى الخلاص منهم.

أما السعدي، فيرى أن إغلاق ملف تنظيم “داعش” في الجنوب، يحمل ناحيتين، إيجابية تتمثل بالخلاص من التنظيم والجرائم التي يرتكبها، وسلبية هي بداية السيطرة الكاملة للميليشيات الإيرانية على المنطقة، حيث تقوم هذه الميليشيات بمساعدة دمشق بتحريك التنظيم ويتخذون من وجوده ذريعة لتحركهم ضد الفصائل المعارضة للوجود للإيراني.

ودلل السعدي على نية الميلشيات ودمشق، باستمرار التصعيد تجاه مدينة طفس والسعي لاقتحامها، مضيفا أن طفس لن تكون الهدف الأخير، بل سيتم الانتقال بعدها لدرعا البلد، بصرف النظر عن بيان العشائر يوم أمس الذي تحدث عن نبذ أهالي درعا البلد لأي تواجد غريب بينهم في إشارة لعناصر”داعش”.

قد يهمك:تعزيزات جديدة للميليشيات الإيرانية في درعا.. ماذا يحصل؟

استمرار التصعيد في طفس

صباح اليوم الأربعاء، عادت القوات الحكومية للتصعيد مرة أخرى ضد مدينة طفس بريف درعا الغربي، بحجة أنها لم تتأكد أنه تم إخراج المقاتلين الـ6 الذين أكدت الفصائل في المدينة أنها أخرجتهم.

حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين صباح اليوم في السهول الجنوبية للمدينة، بحسب مصدر لـ”الحل نت”، في الوقت الذي حاولت التقدم نحو المدينة من الجهة الجنوبية على طريق درعا – طفس، تحت غطاء ناري كثيف، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

وأشار المصدر، أن القوات الحكومية، مدعومة بقوات “العرين” التابعة للحرس الثوري الإيراني، استهدفت الأحياء الجنوبية بقذائف الدبابات والهاون وعربات الشيلكا، ما أدى إلى إصابة مدنيين بجروح متفاوتة.

وأكد المصدر، أن القصف الشديد دفع عددا كبير من الأهالي للنزوح خارج مدينة طفس، تخوفا من تصاعد عمليات القصف والاستهداف على منازل المدنيين.

إقرأ:“منطقة آمنة” في الجنوب السوري.. ما الاحتمالات؟

بات من الواضح أن دمشق وطهران تسعيان لتثبيت سيطرتهما بشكل كامل وعلني على المحافظة، تحت ذرائع مختلفة من بينها وجود عناصر تابعين لتنظيم “داعش”، حيث تعمل قوات “العرين” بشكل علني لأول مرة في ريف درعا، بعد أن كانت تعمل سابقا تحت ستار الفرقة الرابعة وغيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.