في ظل التطورات والمستجدات الأخيرة بشأن الاتفاق النووي الإيراني، يتضاءل التفاؤل في الأفق حول العودة للاتفاق، في ظل ظهور عقبات جديدة أمام الاتفاق النووي.

وتتمثل هذه العوائق في الهجوم الأخير الذي حصل على الكاتب البريطاني سلمان رشدي، وتوجيه الاتهام إلى الإيراني هادي مطر، إضافة إلى فضح المؤامرة الإيرانية لاغتيال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، بحسب وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية.

اتفاق مؤقت

الوكالة الأميركية، أوضحت، أن الإعلان عن نتائج المفاوضات قد يكون قريبا جدا، ونوّهت إلى أن “إدارة بايدن تواجه عقبات سياسية محلية جديدة قد تكون مستعصية أمام التوصل إلى اتفاق دائم”، في الوقت الذي تنتظر فيه أميركا، وأوروبا، رد إيران الأخير على اقتراح الاتحاد الأوروبي النهائي.

من جانبه، صعّد أعضاء في الكونغرس الأميركي، والذين تعهدوا منذ فترة طويلة بتفجير أي اتفاق بين واشنطن وطهران، بحسب تقرير الوكالة، معارضتهم للمفاوضات مع إيران، التي رفضت قيادتها التراجع عن تهديدات القتل ضد رشدي أو بولتون.

ولفتت الوكالة، إلى أن إيران، تتعهد بالانتقام لقتل إدارة دونالد ترامب السابقة جنرال إيراني (كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخري زادة) عام 2020 من خلال قتل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، ومبعوث إيران برايان هوك، وكلاهما لا يزال تحت حماية أمنية.

ووفق تقرير الوكالة، فإنه ورغم أن هذه التهديدات لا تغطيها الصفقة، التي تتعلق فقط ببرنامج إيران النووي، إلا أنها تؤكد حجج معارضي الصفقة، بأن إيران لا يمكن الوثوق بها بمليارات الدولارات في تخفيف العقوبات التي ستحصل عليها في حال إعادة إحياء الاتفاق النووي.

وتعليقا على هذا الأمر، قال الخبير في الشؤون الإيرانية في مؤسسة “كارنيجي” للسلام، كريم سدجادبور: “إتمام هذه الصفقة النووية سيكون أكثر صعوبة من اتفاق العام 2015، حيث لا توجد أوهام هذه المرة بشأن اعتدال السلوك الإيراني، أو حصول تعاون أكبر بين الولايات المتحدة، وإيران”.

وأشار سدجادبور، إلى أن الحكومة الإيرانية ستحصد “عشرات المليارات جراء تخفيف العقوبات عليها”، وشدد على أن “النظام الإيراني سيستمر في معارضة الولايات المتحدة، وسيستخدم العنف ضد منتقديه في الداخل والخارج على حد سواء”.

وحول حادثة الهجوم على رشدي، كانت إيران قد نفت أي علاقة لها بالهجوم، إلا أن وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية ومنها صحيفة “كيهان” اليومية الإيرانية المحافظة المتشددة، هنأت الرجل الذي طعن رشدي، وكتبت الصحيفة، التي يعين المرشد الإيراني علي خامنئي رئيسها “مبروك لهذا الرجل الشجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتد، والشرير سلمان رشدي”، مضيفة “لنقبل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين”.

ولطالما تغنّت الصحف الإيرانية الموالية لخامنئي بكراهية إيران الطويلة تجاه رشدي، منذ نشر كتابه “آيات شيطانية” عام 1988، والذي على إثره أصدر المرشد الإيراني الأول الخميني، فتوى بإهدار دم رشدي.

اتفاق قريب جدا

في المقابل، قال ميخائيل أوليانوف، الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، إنه يمكن التوصل إلى اتفاق لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مع إيران “في الأيام المقبلة”.

وأردف أوليانوف، خلال إفادة عبر الإنترنت، يوم أمس الجمعة: “شعوري أنه يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن استعادة الوضع اعتبارا من عام 2016 في الأيام المقبلة”.

وتابع أنه “إذا تم، على سبيل المثال، التوصل إلى اتفاق بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بحلول الأول من أيلول/سبتمبر، أي في الأيام المقبلة، كما يود المرء أن يأمل، سنعود إلى الحالة السابقة فقط في وقت ما في منتصف شباط/فبراير المقبل”، وفق تقارير صحفية.

قد يهمك: تفاؤل حذر بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني.. ما فرص نجاحه؟

ما فرص النجاح؟

إيران، أعلنت أنها قدّمت ردها المكتوب على مقترح قدمه الاتحاد الأوروبي بشأن إحياء الاتفاق النووي، وأكدت طهران، إنه سيتم استئناف الاتفاق النووي، إذا كان الرد الأميركي “واقعيا ومرنا”، بحسب وكالة “إرنا” الإيرانية، فجر الثلاثاء الفائت.

وقال الاتحاد الأوروبي من جانبه، إنه “يدرس” رد إيران، على مسودة الاتفاق المقترح. وأضاف المتحدث باسم جوزيف بوريل، مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الذي نسّق المحادثات لإعادة إيران، والولايات المتحدة إلى اتفاق 2015، إن الاتحاد تلقى الرد الإيراني، في وقت متأخر من يوم الإثنين. وأضاف، “ندرس الرد ونتشاور بشأنه مع المشاركين الآخرين في خطة العمل المشتركة الشاملة (اتفاق 2015)، والولايات المتحدة بشأن المضي قدما”.

ولم تفصح وكالة “إرنا”، عن تفاصيل بشأن الرد، لكنها أفادت بأن نقاط التباين المتبقية “تدور حول ثلاث قضايا، أعربت فيها أميركا عن مرونتها اللفظية في حالتين، لكن يجب إدراجها في النص”، في حين ترتبط الثالثة “بضمان استمرار تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق)، والتي تعتمد على واقعية أميركا لتأمين (التجاوب مع) رأي إيران”.

ضمن هذا الإطار، يرى الأكاديمي والباحث في الشأن الإيراني، مسعود إبراهيم حسن، أن هناك ردود فعل إيجابية من الأطراف المفاوضة سواء من الجانب الأميركي، أو الإيراني تجاه الاقتراح الأوروبي، والجانب الأوروبي قدّم العديد من الامتيازات لإيران، وتنازلت الأخيرة بدورها في هذا الإطار، بما في ذلك التنازل عن شطب “الحرس الثوري الإيراني”، من قائمة الإرهاب.

ووفق اعتقاد حسن، الذي تحدث في وقت سابق لموقع “الحل نت”، هناك ملفات أخرى لم تظهر للنور، أهمها الوجود الإقليمي لإيران، وملف الصواريخ الباليستية، وهذين الملفين مهمان للغاية بالنسبة لإيران.

وأردف حسن، في حديثه، أن إسرائيل ترفض رفضا قاطعا لإتمام الاتفاق النووي الإيراني، لأن هذا الاتفاق يعطي شرعية وقوة لإيران لتنفيذ مشاريعها الإقليمية، وتوسعها في المنطقة. لذلك تسعى إسرائيل، وفق رأي حسن، بكل جهودها لإفشال هذه المفاوضات ووقف رفع العقوبات عن طهران، لأن تل أبيب تسعى لإضعاف طهران، ورفض منحها الشرعية لتوسعها الإقليمي في المنطقة.

ومع ذلك، إذا كانت هناك شروط قوية في الاتفاقية الجديدة تحدّ من قدرات إيران، وتحجم توسعها بالمنطقة، فإن إسرائيل ستسعى للتكيف مع الأمر، تماما كما فعلت إسرائيل، دائما وأبدا وحتى بعد اتفاق 2015 تركت الباب مفتوحا أمام العمليات العسكرية مع إيران، من خلال عمليات صغيرة، مثل اغتيالات العلماء النوويين الإيرانيين، أو العمليات السيبرانية ضد المفاعلات النووية، لذلك حتى بعد توقيع اتفاقية جديدة حول الملف النووي، ستبقي إسرائيل الباب مفتوحا لمواصلة عملياتها العسكرية ضد إيران، سواء في الأراضي الإيرانية أو في الداخل السوري، على حدّ تعبير الباحث في الشأن الإيراني.

وتشير المعلومات التي تلقتها قناة “إيران إنترناشيونال”، إلى أن الرد الإيراني المكتوب على النص الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي لن يكون على الأرجح قادرا على إرضاء الأطراف الأخرى لا سيما الولايات المتحدة.

ووفق تقارير غربية، فإن إتمام الاتفاق النووي سيؤدي إلى رفع مؤقت للعقوبات، ضمن فترة تمتد لغاية 2025 لاختبار امتثال إيران للاتفاق، وهذا من شأنه تحرير ما يزيد عن 100 مليار دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة، وبالتالي سيظل الموقف الإيراني من مفاوضات فيينا، رهن الخطوات التي تضمن لطهران الخروج من أزمتها الاقتصادية الراهنة.

قد يهمك: بعد الرد الإيراني.. ما مصير الاتفاق النووي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.