لم تنته بعد تداعيات أحداث المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد، وما شابها من صراع مسلح كاد يسفر عن انزلاق البلاد لحرب أهلية شيعية-شيعية، والجديد هو محاولة التهدئة بعد التصعيد اللفظي الآخير.

في التفاصيل، أعلن رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، في بيان رسمي له، اليوم الأربعاء، الحداد لمدة 3 أيام في مجلس النواب على “أرواح ضحايا أحداث المنطقة الخضراء” من المتظاهرين الصدريين والقوات الأمنية.

الحلبوسي بيّن، أن إعلان الحداد جاء بناء على طلب من عدد من النواب من المنتمين لمختلف الأطراف السياسية، داعيا رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، إعلان الحداد العام في البلاد.

لحنة لتقصي الحقائق

من جهة ثانية، ترأس مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، اجتماعا مع لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث المنطقة الخضراء، بتوجيه من الكاظمي، وشُكّلت اللجنة بعضوية ممثلين عن رئاسة أركان الجيش والعمليات المشتركة ووكالة الاستخبارات وجهاز المخابرات والأمن الوطني.

اقرأ/ي أيضا: الأزمة السياسية العراقية.. البداية من البرلمان والنهاية بالقصر الجمهوري

اللجنة تتولى مسؤولية تقصي الحقائق عن الأحداث التي جرت داخل المنطقة الخضراء، وتمخض عن الاجتماع  تشكيل لجان فرعية، للتحرك بشكل ميداني لتقصي الحقائق.
 
كذلك وجه الأعرجي، بأن يكون التحقيق بشكل حيادي، وعدم الميل في تقصيها إلا إلى العراق، بحسب بيان نشره مكتبه الإعلامي وتابعه “الحل نت”.

في سياق لا يبتعد كثيرا عن تداعيات الخضراء، أعلن “ابإطار التنسيقي” من خلال القيادي فيه هادي العامري، الذي يتزعم “تحالف الفتح”، الدخول في صمت سياسي، وتحنب الخطابات الهجومية، ويستمر الصمت حتى أربعينية الإمام الحسين.

سبب صمت “الإطار”

إعلان العامري، جاء بعد الهجوم الحاد لوزير الصدر، صالح محمد العراقي، صباح اليوم تجاه “الإطار التنسيقي”، ووصفه له بـ “الوقح” ويمتلك “ميليشيات وقحة”، ودعا إيران إلى “كبح جماح بعيرها في العراق”.

وأتت رسالة وزير الصدر الحادة، بعد أن قرر “الإطار” الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عقب انتهاء تظاهرات واعتصام “التيار الصدري” في المنطقة الخضراء، وما زاد من حدة الرسالة، هو اكتشاف جثث 7 متظاهرين صدريين جرى إعدامهم جماعيا قرب القصر الجمهوري، واتهم صالح العراقي ميليشيات “الإطار” بتلك الجريمة.

وشهدت بغداد أول أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

انتهاء حلم الأغلبية

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

اقرأ/ي أيضا: ماذا بعد اعتزال مقتدى الصدر.. قرار نهائي أم مناورة سياسية؟

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.