ليلة يعلوها النار عاشتها مدينة البصرة الواقعة في أقصى الجنوب العراقي، على إثر اشتباكات مسلحة بين فصيل “سرايا السلام” التابع إلى الصدر وميليشيا “عصائب أهل الحق” بزعامة الخزعلي الموالية لإيران، جرت في مركز المدينة، وسط قلق وخوف كبير لدى الناس، فما الذي جرى؟

بدأت القصة، عقب مقتل قيادي في “سرايا السلام” وإصابة 2 آخرين معه على يد ميليشيا “العصائب” في وقت متأخر من ليلة الأربعاء على فجر الخميس، حسب مصادر “الحل نت” الخاصة.

عقب ذلك، انتشر مسلّحو “سرايا السلام” وهاجموا ميليشيا “العصائب”، وقتل 2 من الميليشيا الموالية لإيران، واستمرت الاشتبامات حتى الصباح، بعد هجوم “السرايا” على مقرات “العصائب”.

انتهت الأحداث صباحا بتدخل القوات الأمنية واعتقالها لمن قتلوا القيادي في “السرايا”، وكانت الحصيلة النهائية، هي 4 قتلى بعد أن فارق الحياة أحد المصابين من “السرايا”، بحسب مصادر “الحل نت”.

اليوم، وبعد أحداث البصرة، غرّد وزير مقتدى الصدر، صالح محمد العراقي، بهجوم حاد ضد زعيم ميليشيا “العصائب”، قيس الخزعلي، واصفا إياه بـ “الوقح”.

إغلاق مكاتب “العصائب”

وزير الصدر قال: “أحذرك يا قيس، إذا لم تكبح جماح ميليشياتك الوقحة، وإذا لم تتبرأ من القتلة والمجرمين التابعين لك، أو تثبت أنهم لا ينتمون إليك فأنت أيضًا وقح”.

وأضاف العراقي: “كفاك استهتارا بدماء الشعب أيا كانوا، فإن أعطيت لنفسك الولاية بقتل أتباعك مثل (أبا ذر)، فلا يعني أنك تنصب نفسك جلادا لكي تغتال كلابك المسعورة، الأسود. الحشد براء منك أيها الوقح”.

عقب تغريدة وزير الصدر، غرد الخزعلي عبر “تويتر”، بتوجيهه نداء لأتباعه بطلبه منهم أن لا يردوا على أي رد سلبي على الإساءات التي توجه إليه شخصيا، وأنه يحتسب الإساءة بحقه “عند الله”.

ووجّه الخزعلي، بغلق كافة مكاتب “عصائب أهل الحق”، بدءا من اليوم وإلی إشعار آخر، “وأي مكتب يراد حرقه فليحرقوه ولا تهتموا لذلك، فسيعوضكم الله عن ذلك عوضا كبيرا لا تتوقعونه”.

ختم الخزعلي تغريدته بخطاب إلى وزير الصدر عبر آية قرآنية بقوله: “لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لقتلك. إني أخاف الله رب العالمين”.

ظهر اليوم، وبعد أحداث البصرة والأحداث الأخيرة في المنطقة الخضراء، قرر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وفق بيان مقتضب له، نقل تصفيات آسيا لكرة القدم للشباب من البصرة إلى دولة أخرى سيحددها لاحقا.

صراع مسلّح

ما يجب قوله، إنه كان من المفترض أن تقام تصفيات المجموعة الرابعة لتصفيات آسيا للشباب بين يومي 14 أيلول/ سبتمبر الجاري و18 من ذات الشهر، ويتواجد في المجموعة، العراق والكويت والهند.

يجدر بالذكر، أن العاصمة بغداد شهدت، الاثنين الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

عقم سياسي

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.
 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.