يبدو أن الفساد مشكلة تجذرت في عمق العراق بكل جوانبه ومفاصله، ولم يقتصر على السياسة فقط، بل اجتاح القطاعات العامة والخدمية منها، وآخرها شركة “الخطوط الجوية العراقية”، فما الحكاية؟

نبدأ القصة تنازليا، فقد أصدرت وزارة النقل العراقية، اليوم الأحد، أمرا وزاريا يقضي بسحب يد مدير عام “شركة الخطوط الجوية العراقية”، عباس عمران موسى، لمدة لا تتجاوز 60 يوما.

القرار جاء وفق وثيقة صادرة عن وزارة النقل، تلقى “الحل نت” نسخة منها، “من أجل ضمان سير التحقيق” في قضية خروج 22 طائرة تابعة لشركة “الخطوط الجوية العراقية” عن الخدمة.

قبل 3 أيام، تحديدا يوم الجمعة الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، أصدرت وزارة النقل أوامر إدارية، قضت بإنهاء تنسيب مدير وموظفي مدير مكتب الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية.  

“فساد كبير”

قرار الوزارة جاء حسب وثائق صادرة عنها، بناء على مطالعة مقدمة من فريق العمل المشكل لمتابعة توقف 22 طائرة من أسطول شركة “الخطوط الجوية العراقية”. 

في 18 آب/ أغسطس المنصرم، خاطبت وزارة النقل العراقية، شركة “الخطوط الجوية العراقية”، بشأن طائرات متوقفة بسبب خلل فني دون إصلاحها.  

جاء في وثيقة صادرة عن الوزارة حينها، أن “هناك 22 طائرة متوقفة بسبب خلل فني دون إصلاحها، وهذا يؤشر أن هناك فسادا كبيرا”، على حد تعبير الوزارة العراقية.

في سياق لا يبتعد كثيرا عن الحركة الجوية العراقية، كانت “هيئة النزاهة” العراقية، أعلنت أواخر الشهر الماضي، صدور أمر استقدامٍ بحقِ مسؤولَينِ سابقَينِ في وزارة النقل العراقية، لإحداثهما الضرر العمدي بالجهة التي كانا يعملان فيها.

بيان لوزارة النقل قال، إن “محكمة تحقيق الرصافة المختصة بقضايا النزاهة، أصدرت أمر استقدامٍ بحقِ مدير الشركة العامة لخدمات الملاحة الجويَّة الأسبق، والمدير العام الأسبق لدائرة العقود والتراخيص فيها”.

عقوبة المادة 340

إصدار أمر الاستقدام، جاء جراء المخالفات المرتكبة في العقود المبرمة مع إحدى الشركات الأجنبيَّة للملاحة الجويَّة وهي شركة “سيركو” البريطانية التي تراقب الحركة الجوية العراقية.

البيان أضاف، أن أمر الاستقدام صدر وفق أحكام المادة 340 من قانون العقوبات العراقي، وآنه “جاء جراء المخالفات المرتكبة في التعاقدات كافة بين الشركة العامة لخدمات الملاحة الجويَّة وشركة سيركو البريطانية”.

المادة 340 من قانون العقوبات العراقي، تنص على السجن مدة لا تزيد عن 7 سنوات أو بالحبس لكل موظف أو مكلف بخدمة عامة، أحدث عمدا ضررا بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهود بها إليه.

كان عقد العراق مع شركة “سيركو” البريطانية يتمدد منذ انتهاء مدته بداية عام 2014، حتى أبلغت السلطات العراقية شركة “سيركو” بأنها ليست بحاجة إلى العقد مع انتهائه بنهاية العام 2020.

مطلع العام الماضي، أخبرت مصادر من “شركة الملاحة الجوية العراقية”، بوجود مساعٍ حثيثة للفريق الفني لمنع التعاقد مجددا مع شركة “سيركو” لعدم فائدتها.

تدخلات

لكن تدخلات تمت “عن طريق شراء ذمم بعض أصحاب المناصب، ابتداء من بعض أعضاء هيئة مستشاري رئاسة الوزراء (…) أدّت إلى عدم إنهاء العقد مع الشركة البريطانية”، حسب موقع “ألترا عراق”.

“ألترا عراق”، قال إن المصادر ذكرت أسماء لأصحاب مناصب من مديرين عامين في وزارة النقل العراقية، أحدهم هو “المروج الحقيقي” لشركة “سيركو” البريطانية، يقفون وراء عدم إلغاء العقد، غير أنه تحفظ عن نشر الأسماء لدواعٍ قانونية.

عضو “تيار الحكمة” جاسم بخاتي، قال في وقت سابق، إن شركة “سيركو” تستلم الأموال دون الرجوع الى الحكومة العراقية.

وفق بخاتي، هناك أكثر من 200 طائرة تعبر أجواء العراق يوميا، وتُدفع 3 آلاف دولار لكل طائرة وشركة “سيركو” هي التي تتصرف بها، فضلا عن أن عائدات الأجواء العراقية “تنزل في حساب بريطاني”.

يجدر بالذكر، أن مطار بغداد الدولي، المطار الرئيسي في العراق والذي تتخذ منه “الخطوط الجوية العراقية” مكانا أساسيا لها، تسيطر عليه، وفق العملية المحاصصاتية في البلاد، “منظمة بدر” التابعة إلى زعيم “تحالف الفتح”، هادي العامري المقرب من إيران.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.