خلال يومين شهدت سوريا، سقوط طائرتين من الطراز الحربي التي يستخدمها الجيش السوري منذ زمن، في محافظتي السويداء وحماة، إحداهما سقطت ضمن حي سكني، وفيما بررت وزارة الدفاع، أن سقوطهما راجع لعطل فني، إلا أن الصناديق السوداء التي من شأنها ذكر الأسباب الحقيقة وراء الخلل في الطائرتين، ذكرت عكس ذلك، على الأقل في واحدة.

كفاءة القوات المسلحة السورية حتى بعد المساعدات التي قدمتها روسيا منذ تدخلها عام 2015، وقبلها الدعم الإيراني، يبدو أنه بلا نتيجة، على الرغم من أن تطوير الجيش يعد أولوية قصوى للحكومة السورية وحلفائها، فكيف باتت قدرات الدفاع الجوي السوري؟

طائرات لا تصلح للنقل

الحالة السيئة الحالية للقوات الجوية المسلحة في سوريا ناتجة عن خطوات غير مدروسة خلال السنوات السابقة عمل عليها الجيش من أجل البقاء، وحتى مع توقف الأعمال العسكرية في العديد من المناطق داخل البلاد مما يجعل من الممكن تبسيط وإصلاح القوات المسلحة، إلا أن عقبة جلب المعدات كانت السبب الأبرز وراء توقفها.

خلال 48 ساعة، سقط طائرتين حربيتين في سوريا، الحادثة الأولى كانت في يوم الجمعة الفائت، حيث سقطت طائرة حربية نوع ميغ 21، في محيط بلدة الخالدية بريف السويداء، ما أسفر عن أضرار مادية، فيما تبنت الحكومة رواية العطل الفني، لتبرير الحادثة.

مصدر في الجيش السوري، قال لـ”الحل نت”، أن الطائرة من ملاك مطار خلخلة العسكري بريف السويداء، وكان يقودها عقيد طيار قفز منها قبل تحطمها، وهذا النوع من الطائرات الروسية مشهور عنها بالتحطم وكثرة أعطالها، وتعرف داخل الجيش بمسمى “التوابيت الطائرة”.

وبحسب عقيد في غرفة عمليات الإشارة التابعة لوزارة الدفاع السورية، فإنه منذ عام نصف تحطمت ستة طائرات من النوع ذاته بسبب الأعطال الفنية، رغم الإصلاحات المتكررة التي جرت على هذا النوع.

أما الحادثة الثانية التي أدت مقتل أربعة من طاقم الطائرة أحدهم العقيد الطيار طوني غنام، المقرب من سهيل الحسن الملقب بـ”النمر”، فذكر العقيد، أن الصندوق الأسود، أثبت عكس الرواية التي تبنتها وسائل الإعلام الرسمية، حيث ذكرت الأخيرة، أن “روحية عسكرية صباح الأحد الفائت شمال شرق مدينة حماة خلال مهمة تدريبية نتيجة عطل فني، ما أدى إلى مقتل طاقم المروحية”.

سقوط المروحية في منطقة دوار الأربعين السكنية بمدينة حماة، أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أكد المصدر العسكري، أن انفجار المروحية فوق الأحياء السكنية بمدينة حماه، كان بسبب الحمولة اللي كانت بداخلها، إذ كانت تحمل مواد غازية ومتفجرة ومحروقات للوحدة 700 بمطار حماة العسكري، وبسبب سوء التحمل والتخزين والمواد الحافظة، والذي ترافق مع ارتفاع حرارة الطقس، مما تسبب بانفجار المواد مع انخفاض الطائرة في الجو.

حالة الجيش السوري

وفقا للقائد الأول للقوات العسكرية الروسية في سوريا، العقيد ألكسندر دفورنيكوف، بحلول صيف عام 2015، كانت القوات المسلحة السورية قد استنفدت نفسها تماما، وتحطمت معنويات الأفراد، وأظهرت الإحصائيات أن معدات القوات المسلحة انخفضت حتى على مستوى الكفاءة.

طبقا لما قاله الخبير العسكري، العقيد زياد الحريري، لـ”الحل نت”، فإن الغالبية العظمى من المعدات العسكرية السورية صناعة سوفيتية، ونتيجة للحرب الممتدة منذ سنوات تم تدمير العديد من المركبات وقطع المعدات الثقيلة أو الاستيلاء عليها. ونتيجة لذلك، من المستحيل معرفة الأرقام الدقيقة للمعدات الموجودة في مخزون الجيش السوري.

ووفقا للحريري، فإن سوريا هي أكبر مستورد للأسلحة الروسية الصنع في الشرق الأوسط، وصممت قوتها الجوية على أساس مجموعة من الطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر الهجومية. وقبل عام 2011، كان السلاح الجوي يحتوي على 450-750 طائرة حربية ثابتة الجناحين، و170-210 طائرة ذات مروحية، منها 70-80 مروحية هجومية.

وحاليا وتبعا لما ذكره الحريري، فإن حوالي 453 وحدة إجمالي مخزون الطائرات النشط في سوريا بين قتالي وتدريب ونقل، ولتغطية المهام الخاصة، وأنواع الدعم العام، في حين أن غالبية هذه هياكل هذه الطائرات متهالك وفي المستقبل إذ لم يتم شراء هياكل الطائرات المذكورة، قد تكون صالحة للخدمة في العام القادم.

الجدير ذكره، أنه خلال السنوات السابقة وبحسب المصادر المفتوحة، فإن التقديرات تشير أنه تم إسقاط ما يزيد عن 200 طائرة مقاتلة للجيش السوري، وقتل طاقمها أو أصيب، وحتى روسيا لم تكن أفضل حالا مع طائراتها في سوريا، فبين عامي 2015 و2018، خسرت القوات الجوية الروسية ما لا يقل عن 19 طائرة (11 مروحية و8 طائرات).

الجيش على وشك التعطل؟

على مدى سنوات كانت الخسائر والاستنزاف والانشقاقات، تفتت الجيش السوري إلى أن أصبحت عدد الجيوش الأجنبية والميليشيات التي تفوقهم عددا، يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة.

كان ينظر إلى الجيش السوري تاريخيا على أنه أحد أكبر القوات المقاتلة في الشرق الأوسط. وسواء كان هذا صحيحا في الوقت الحاضر أم لا ، فليس من الواضح أن الجيش السوري بات كالماضي، لا سيما مع عدم إبرامه لأية صفقة عسكرية منذ عام 2008.

في عام 2011، كان عدد أفراد الجيش 220 ألف، إلا أن التقديرات الحالية تشير إلى أن أكثر من 100 ألف منهم بات بين قتيل أو جريح، وما تبقى من أفراد الجيش على وشك تركه.

مع بداية عام 2011 ، بالكاد كان لدى الجيش السوري أكثر من ثلاثة آلاف دبابة، ومن المثير للاهتمام أن ما يقرب من نصف الدبابات كانت من طراز “تي 72″، وهي دبابة روسية أكثر حداثة مقارنة بأساطيلها القديمة، لكن بين عامي 2012 و2018، فقد الجيش أكثر من 2000 دبابة.

تشير تقديرات الخبراء، أنه في المستقبل القريب، ومع تدهور البنية التحتية العسكرية، لن يتمكن الجيش السوري من استخدام وحداته العسكرية الحالية سواء الميكانيكية أو الثقيلة، كما إن تحديثها يتطلب تعزيزا كبيرا للاقتصاد والاستقرار السياسي، وهذا الخيار لا يلوح في الأفق حتى الآن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.