في ظل استمرار المساعي الإسرائيلية في تعزيز العلاقات مع دول الشرق الأوسط والدول العربية تحديدا، لأهداف عديدة ليس أبرزها ربما الملف الإيراني الذي تتقاطع فيه مصالح إسرائيل مع دول المنطقة، تحاول المغرب استغلال هذه المساعي للبت ببعض القضايا الخارجية.

أحد أبرز القضايا التي تشغل المغرب حاليا، هي قضية الصحراء المتنازع عليها، إذ تسعى الرباط من جانبها للحصول على اعتراف دولي بمغربية الصحراء، في حين برز ملف الصحراء في العلاقات المتبادلة مع إسرائيل، فهل يكون الاعتراف بمغربية الصحراء بمثابة مقابل تدفعه تل أبيب لتعزيز العلاقات مع الرباط.

شرط المغرب لاستمرار العلاقات

“المغرب يريد من إسرائيل انخراطا أقوى بشأن القضية الصحراوية “، هو العنوان الذي كتبته مجلة “لو كورييه انترناشيونال“، في مقال قالت خلاله، إنه وبعد عامين على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، طالبت المغرب إسرائيل الاعتراف بـ“مغربية الصحراء“.

طلب المغرب كان خلال الاجتماع الذي استضافته الإمارات العربية يومي الإثنين والثلاثاء من الأسبوع الجاري تحضيرا لقمة “النقب” خلال الأشهر القليلة المقبِلة بين إسرائيل وبعض دول منطقة الشرق الأوسط. إذ مثّل الاجتماع فرصة للمغرب، من أجل مطالبة إسرائيل بالاعتراف رسميا، بمغربية الصحراء الغربية المتنازع عليها.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل ياسين، لم يستبعد أن توافق الحكومة الإسرائيلية على طلب المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية، مشيرا إلى أن اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء قد يمثل مصلحة إضافية لتل أبيب.

قد يهمك: نهج الترابط الثلاثي.. تركيا تتقرب من دمشق بدعم روسي وإيراني؟

ياسين قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “أعتقد أن الحكومة الحالية بزعامة بنيامين نتنياهو، قد توافق على طلب المغرب الاعتراف بسيادتها على الصحراء الغربية، لكنها ستسعى في المقابل لابتزازها بطرق ناعمة كتعزيز العلاقات التجارية وإقناعها الإسراع بفتح سفارة لها في تل أبيب“.

المغرب تريد بشدة جمع اعتراف دولي بشأن سيادتها على الصحراء، وسيتوجب عليها إقناع إسرائيل بضرورة الإقدام على هذه الخطوة، إذ أوضح ياسين أن “أهم وسيلة يمكن للمغرب تبنيها لإقناع إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، هي التهديد بقطع العلاقات معها وإلغاء اتفاقية التطبيع، وعدم فتح سفارة في تل أبيب“.

مصلحة إسرائيلية

بالمقابل فإن إسرائيل كذلك ربما ترى مصلحتها في أكثر من جانب عَبر الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، فهي بذلك تكون قد أرضت المغرب لاستمرار العلاقات الثنائية، واستخدام ملف الصحراء كورقة ضد دول أخرى.

حول ذلك ختم ياسين حديثه بالقول، “إسرائيل تستفيد من استمرار النزاع حول الصحراء الغربية سياسيا واقتصاديا، باعتبار الاعتراف المحتمل وسيلة عقاب ضد الجزائر، بسبب موقفها ضد إسرائيل وتمسكها بضرورة حل القضية الفلسطينية، وإقامة علاقات مع تنظيمات المقاومة، ثانيا استمرار النزاع يمنح إسرائيل فرصة لعقد المزيد من صفقات الأسلحة مع المغرب“.

بحسب تقرير “لو كورييه إنترناشيونال“، فإن قضية اعتراف إسرائيل بالسيادة المغربية على الصحراء، تعود إلى اتفاق كانون الأول/ديسمبر من عام 2020، الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسمح بإقامة علاقات قوية بين المغرب وإسرائيل.

في حال موافقة تل أبيب على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، يُتوقع أن تطالب بتسريع فتح الرباط سفارة لها في تل أبيب، إذ لا يزال التمثيل الدبلوماسي للمغرب في إسرائيل يقتصر على “مكتب ارتباط” في العاصمة الإسرائيلية.

أزمة الصحراء

أزمة الصحراء بالأصل أطرافها المغرب والجزائر، إذ تشهد العلاقات بين الجانبين، توترا منذ عقود بسبب دعم الجزائر لجبهة “البوليساريو” التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، بينما يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أرضه ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته.

التوتر زاد عندما أعلنت الجزائر في آب/أغسطس الماضي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط متهمة إياها بارتكاب أعمال عدائية، منذ استقلال الجزائر في 1962.

مما زاد في توتر العلاقات بين الجانبين أيضا، عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ضمن صفقة تضمنت اعترافا أميركيا بمغربية الصحراء وافتتاح الإمارات والبحرين لقنصليتين لهما لدى المغرب في الصحراء، إضافة لإقامة الرباط علاقات مع تل أبيب في مجالات عسكرية وأمنية.

الجزائر أوقفت تصدير الغاز إلى المغرب، وأغلقت أجواء البلاد أمام الطائرات المغربية في أيلول/سبتمبر من العام 2021.

من جانبها، دعت الجزائر قبل أسابيع إلى استئناف “المفاوضات المباشرة” بين المغرب وجبهة “البوليساريو” لحل نزاع الصحراء الغربية. وجاءت الدعوة خلال لقاء المبعوث الأممي الخاص للصحراء ستيفان دي ميستورا، مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بالجزائر، حسبما ذكر بيان لوزارة الخارجية.

من المؤشرات التي تدعم احتمالية استجابة إسرائيل لمطلب المغرب، تصريحات يائير لابيد عندما كان وزيرا للخارجية في الحكومة الإسرائيلية السابقة، حيث دعم في آذار/مارس الماضي، الجهود الرامية للاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء.

لابيد، أشار في أول موقف رسمي علني داعم للسيادة المغربية وقتها إلى أن “ما نحاول بناءه هو جبهة موحدة ملتزمة بالسلام والازدهار والاستقرار ستعمل على مواجهة الهجمات ضد البحرين والإمارات العربية المتحدة، والهجمات الإرهابية ضد إسرائيل ومحاولات إضعاف السيادة المغربية ووحدة أراضيها“.

تطور العلاقات الإسرائيلية العربية

يُشار إلى أن العلاقات العربية – الإسرائيلية، شهدت تطورات لافتة خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل تقاطع المصالح الثنائية، خاصة فيما يتعلق بالملف الإيراني، فعززت تل أبيب علاقاتها مع دول المنطقة، في إطار ما بات يُعرف بـ“الاتفاقيات الإبراهيمية“، التي سمحت بوجود علاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية أبرزها المغرب والإمارات العربية المتحدة.

الولايات المتحدة الأميركية تساهم من جانبها في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودول الشرق الأوسط، حيث تسعى واشنطن لتنظيم اجتماع خلال الربع الأول من العام الجاري سيضم دولا عربية لديها علاقات مع إسرائيل، وفي مقدمتها مصر والمغرب، ومن غير المؤكد حتى اللحظة فيما إذا كان منظمو الاجتماع سيدعون السلطة الفلسطينية للحضور.

الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، يكمن في إحداث جبهة عربية موحّدة، ممكن أن تؤدي إلى تعاون مع إسرائيل على الصعيد العسكري ضد المشروع الإيراني في الشرق الأوسط.

بحسب المعلومات المتوفرة، فإن الدول العربية التي ستحضر هذا الاجتماع، هي الدول التي شاركت في “قمة النقب” في آذار/مارس الماضي، وهي القمة التي تضمنت اجتماعا عُقد في إسرائيل بحضور وزراء خارجية الإمارات، والمغرب، والولايات المتحدة، وإسرائيل، ومصر، والبحرين.

يبدو أن العلاقات المغربية الإسرائيلية على أعتاب تطور لافت، وذلك نتيجة تقاطع المصالح الواضح بين الجانبين، مما يوحي باعتراف وشيك بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، من قِبل حكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة