مسلسل “الزند – ذئب العاصي”، الذي عُرض خلال موسم دراما رمضان 2023، حظي بنسبة مشاهدة عالية جدا على مستوى الوطن العربي وسوريا تحديدا، واتجهت معظم آراء الجمهور في سوريا نحوه، ويؤدي الممثل السوري الوسيم تيم حسن دور البطولة فيه.

المسلسل تعرّض للعديد من الانتقادات، نتيجة أدائه بلهجة أهل الساحل السوري، والتي يصعب فهمها بشكل عام في الدول العربية، وأثناء الحوار المتواصل مع مخرج المسلسل، سامر البرقاوي، فقد صرّح في أول لقاء له مع منصة “إي تي بالعربي” حول ذلك وقال إنها كانت بمثابة “مغامرة” لكنها نجحت.

تحدي لهجة مسلسل “الزند”

“الزند” أعاد تيم حسن للتصوير بسوريا بعد غياب 13 عاما، لتضيف خصوصية أماكن التصوير سحرا خاصا على الصورة النهائية، واكتملت هذه اللوحة الدرامية بتقديم العمل بلهجة المناطق نفسها في ذلك الزمن، لكن هذه اللهجة كانت نقطة الانتقاد الأبرز الذي وجّه للعمل من بعض المتابعين، ممن عانوا صعوبة في فهم بعض الكلمات.

في سياق الانتقادات التي طالت لهجة المسلسل، وهذا ما دفع منصة “شاهد” لإضافة ترجمة لبعض الحوارات في المسلسل. وسألت المنصة الفنية البرقاوي عما إذا كان يخشى تحدي لهجة المسلسل، فأجاب الأخير أن المشروع بأكمله كان عبارة عن سلسلة من التحديات وأشبه بالمغامرات.

أما بالنسبة للهجة المسلسل، فقد كانت مغامرة حقيقة، وأضاف البرقاوي “لكن دعونا نسأل الجمهور، هل تتخيلون اليوم أن يتكلم عاصي الزند بلهجة بيضاء أو لهجة أخرى في المسلسل”. لافتا إلى أن خصوصية الشخصية من حيث اللهجة، والبيئة، والمكان تتطلب ذلك، وأردف البرقاوي “أعتقد أننا أردنا صناعة عمل يشرح فيه المنطقة ولكي نكون صادقين في تقديمها ولكي يتم تصديقها أيضا، يجب تقديمها بمثل هذا النوع من المغامرة”.

مسلسل “الزند” يُعتبر بمثابة عودة قوية للمسلسلات السورية، وفي هذا الجزء يعلّق سامر على المشهد الذي قدمه ممثلا في هذا العمل، والذي يعتبره بمثابة التوقيع أو الذكرى في هذا المشروع، حيث قال “عندما وصلنا لقراءات النص للحلقات الأخيرة ظهرت معنا شخصية تعمل تحوّل وجذب لأحداث المسلسل، وكنا غير قادرين نجيب فيه اسم جديد لأنه هو عبارة مشهد أو مشهدين فقط، وخطرت لي فكرة القيام بالدور والفريق أيضا تحمس لي وهي في نفس الوقت متل التوقيع أو للذكرى بتركها في هذا المشروع”. وفي الحقيقة المشهد الذي ظهر فيه البرقاوي في المسلسل لاقى صدى واسع بين الجمهور والمشاهدين.

مغامرة ناجحة؟

وقال البرقاوي في لقائه إنه سعيد بتهنئة الفنانين والممثلين من الوسط الفني في معمله، قائلا “لا شيء أحلى من تهنئة الزملاء والأصدقاء من الوسط الفني، لأنهم أبناء المهنة و يدركون جيدا حجم الجهد الذي نبذله في العمل المتعب هذا حتى يتم إنجازه ويحقق النجاحات”.

قد يهمك: سر وراء تحقيق مسلسل “الزند” نجاحاً جماهيرياً.. ما هو؟

البرقاوي أشار إلى أن الشركاء “الصبّاح” للإنتاج الفني ذهبوا ورائه إلى مغامرة من هذا النوع. وسوريا تعتبر دولة خارجة جديدا من حرب دموية وكانت ثمة صعوبات عديدة في تصوير المسلسل، فهذا النوع من الصناعة يحتاج للوجستيات من نوع كبير ولكن استطاعت الشركة أن تلبي هذا النوع من المغامرة والتحديات والإمدادات عن جدارة وحتى المواد المفقودة التي استطاعوا إحضارها من خارج سوريا.

خصوصية مواقع التصوير، أضافت سحرا ورونقا خاصا على صور ومشاهد المسلسل. ويقول البرقاوي إن الأماكن في سوريا “ساعدتني وأعطتني أكثر مما كنت أتوقع، وأذهلني الجمال الذي كنت أكتشفه تباعا خلال فترة التحضير. على سبيل المثال، نواعير المياه في حماة التي نادرا ما نراها في الدراما السورية، استطعت إظهارها وكانت لمسة مميزة”.

هذا وتربع مسلسل “الزند” على محرك البحث “غوغل”، ولا سيما في كل من الإمارات ولبنان والأردن، والعمل من بطولة تيم حسن، دانا مارديني، فايز قزق، أنس طيارة. ويمكن القول إنه الأكثر مشاهدة وجمهورا في موسم رمضان 2023، بحسب عدة تقارير وعموم آراء التواصل الاجتماعي. ويدور العمل في إطار اجتماعي سياسي خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى، مُسلّطا الضوء على عائلة “عاصي الزند”، تيم حسن، الذي يعود من الخدمة العسكرية فإذا به قد تورّط في مكيدة تحيكها مجموعة من أهم الشخصيات ذات السطوة في الشام، الأمر الذي يضعه أمام تحديات شديدة الصعوبة.

“اللهجة كانت الأجمل”

في المقابل، كانت مجمل آراء الشارع السوري وفق تقارير محلية مصورة مؤخرا، اجتمعت حول مسلسل “الزند”، وأنه الأفضل ويشاهدونه في موسم دراما رمضان 2023، رغم اختلاف بعض الناس حول الأفكار التي تدور في العمل، فيما يتعلق بأعمال قطاع الطرق وغيرهم. لكن المسلسل من وجهة نظرهم يقدم نوعا جديدا من الدراما ويروي حكاية شعبية تاريخية معينة، وباللهجة المحلية “الساحلية”، وهذا ما شدّهم وجذبهم للمتابعة.

كذلك، ربما لكون فكرة المسلسل مستوحاة من قصة حقيقية حدثت في القرن الماضي، فأثار اهتمام المتابعين وحقق نسبة عالية من المشاهدات، وما يميز المسلسل أيضا أنه باللهجة المحلية “الساحلية” التي ينتمي إليها الممثل تيم حسن، والذي تعود أصوله إلى قرية “الشيخ بدر” في ريف مدينة طرطوس، إضافة إلى تمكّن تيم حسن من تقمّص ذات شخصية السكان المحليين للمنطقة الساحلية من خلال إتقان اللهجة، وتربية شاربه، وطريقة مشيته، وفق بعض الآراء.

هذه اللهجة الساحلية رغم صعوبة فهمها من قِبل المشاهد في الوطن العربي، لاقت قبولا واسعا، وخير دليل على هذا الرأي هو مسلسل “ضيعة ضايعة” المسلسل الكوميدي السوري الساخر الذي كان بلهجة أهل الساحل السوري في اللاذقية ودارت أحداثه في ضيعة بسيطة وفقيرة اسمها “أم الطنافس الفوقا”، الذي حقّق نجاحا باهرا.

النّقاد يعتقدون أن المسلسل حقق نسبة مشاهدة عالية لأنه أول مشاركة لتيم حسن في عمل مختلف عن مسلسل “الهيبة” منذ سنوات، ولأنه يظهر من خلاله في دور جندي سابق يحاول تصحيح أخطاء ماضيه وردّ الحقوق لأصحابها، فضلا عن تناول العمل في إطاره الأساسي، حقبة الإقطاعيين خلال الحرب العالمية الأولى، ونضال الفلاحين لاستعادة أراضيهم، وأنه يروي معاناة الطبقة الكادحة من القهر والظلم وهو ما يعبّر عن آلام وأوجاع المشاهدين في الوطن العربي ولا سيما سوريا ولبنان.

كما استحوذت شارة “الزند” على قلوب المشاهدين لأنها مستوحاة من ثقافة أحد مكونات المجتمع السوري؛ الساحل السوري، ولكونها من “العتابا الساحلية” القديمة والمتداولة حتى اليوم.

بالنظر إلى أن القائمين على المسلسل جددوا الشارة وأعطوها بريقا آخر بإضافة لمسات موسيقية جديدة إلى جانب أداء الفنانة اللافت، فإن هذا ما ميزتها عن باقي شارات الأعمال الدرامية الأخرى ربما. كما ولا يمكن التغاضي عن جمال كلمات الشارة التي توحي بوجود قصة ظلم وحب كبيرين تقف وراءها.

لا جزء ثانِ لـ”الزند”

بعد إسدال الستارة عن نهاية مسلسل “الزند” في حلقته الأخيرة التي استحوذت على اهتمام واسع من جماهير دراما رمضان، حتى اعتبرها البعض أنها أفضل نهاية لمسلسل درامي هذا الموسم بين مسلسلات رمضان، الأمر الذي جعل الجماهير تنتظر جزء ثاني للمسلسل رغم أن النهاية لم تؤكد أو توحي بذلك.

جمهور الدراما في رمضان، أشاد بنهاية مسلسل “الزند”، الذي نجا منفردا ربما من “المطمطة”، وانتهت الحلقة الأخيرة بكم هائل من مشاعر الحزن والكدر والخسارات المعنوية على الرغم من أن بطل الحكاية بقي سالما وحظي بكثير ممّا أراد.

بالحديث عن إمكانية تصوير جزء ثاني من المسلسل، أكد الممثل الفرزدق ديوب، أن الشركة المنتجة لـ”الزند”، اتخذت قرارا بعدم إنتاج جزء ثاني للمسلسل، وذلك رغم النجاح الكبير والأصداء الإيجابية التي حققها خلال عرضه في رمضان.

ديوب الذي أدى دور عبد الرحمن وهو أحد أصدقاء عاصي بطل المسلسل وشاركه في كل المهام التي أداها، أضاف في تصريحات إذاعية عبر “المدينة إف إم”، “المسلسل حقق نجاح كبير، في حال قرروا إنتاج جزء ثاني، فسيحتاج العمل سنة كاملة للكتابة فقط وبالتالي خرج من السباق الرمضاني القادم”.

كما أكد البرقاوي لمنصة “إي تي بالعربي” أنه لا جزء ثانِ من مسلسل “الزند”، ولكنه قال أنه ثمة مشروع جديد ومختلف مع تيم حسن ومن نفس شركة الإنتاج، وأنه سيتم غالبا تصويره في سوريا.

كذلك أكد أن الشركة المنتجة تشاورت مع كادر العمل، وتم اتخاذ قرار بالتوجه لإنتاج عمل جديد وبقصة جديدة، مؤكدا أن الكادر قادر على إنتاج عمل جديد وبنفس السّوية خلال الموسم القادم.

من جهته شوّق المنتج صادق الصباح مدير شركة “الصبّاح”، الجمهور مؤكدا أنه يجري التحضير  لعمل جديد يحقق بصمة درامية عربية أخرى، وقال في رسالة موجهة إلى فريق عمل “الزند”، “تحية من القلب لكل فريق مسلسل الزند على النجاح الباهر، الذي حققه العمل على صعيد العالم العربي والإجماع الجماهيري والإعلامي الذي حظي به”.

الصباح كشف عن انطلاقة جديدة لعمل جديد الموسم القادم، وبالتالي نهاية مسلسل “الزند” بجزء واحد فقط، والذي لعب فيه تيم حسن دور البطولة، وأخرجه سامر البرقاوي. تيم حسن من جانبه كشف عن مسلسل جديد يليق بالتطلعات بعد تأكيده أن مسلسل “الزند” كان محطة كبيرة وهامة من حياته المهنية، وأضاف “نتمنى أن نكون قد قدّمنا لكم ما يرضيكم. اتجه والشركاء صادق الصبّاح سامر البرقاوي عمر أبو سعدة وزيّاد الخطيب إلى مسلسل جديد ورحلة جديدة تليق بتطلّعاتكم إن شاء الله. شكرا للجمهور الحبيب، أنتم زادنا وزوادنا”.

بحسب آراء الشارع السوري ورواد وسائل التواصل الاجتماعي، يُعتبر مسلسل “الزند” الأفضل والأكثر مشاهدة خلال السباق الرمضاني الفائت، بالإضافة إلى كونه ضمن المسلسلات الـ 10 الأكثر مشاهدة لهذا العام على المنصات الإلكترونية، مثل منصة “شاهد”. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات