لمى عباس، الكاتبة السورية وأحد أبرز الموالين للحكومة السورية، ليست الأخيرة ولن تكون فيما يخص التعرض للاعتقال من قبل قوات الأمن التابعة للحكومة. هكذا يمكن وصف مشهد من ينتقد الوضع المعيشي المتردي في سوريا اليوم.

الكاتبة السورية والناشطة في “الحزب القومي السوري الاجتماعي” لمى عباس، شاركت ليل الأربعاء – الخميس الماضي، عبر صفحتها الرسمية على منصة “فيسبوك” مقطع فيديو، قالت إنه لقوات الأمن التابعة للحكومة السورية وهي تحاول اقتحام منزلها واعتقالها، وذلك عقب توجيهها انتقادات لاذعة ضد السلطات السورية في دمشق.

انتقاد لمى عباس للحكومة

نحو ذلك، كتبت لمى في منشور على صفحتها الشخصية “تم اقتحام منزلي ومحاولة اعتقالي، الساعة الثانية بعد منتصف الليل دون إذن قضائي أو أي مذكرة إحضار، سنبقى صوت الشعب، تحيا سوريا”. وأظهر المقطع المصور حالة من التوتر والجدل في منزل يحاول أهله منع جهات أمنية من دخوله.

طبقا للفيديو المنشور على صفحة لمى عباس، الذي بدا وكأنه تم تصويره بشكل سري، تجادلت ابنة عباس مع العناصر مستنكرة مداهمة المنزل ومحاولة اعتقال والدتها، وقالت بصوت غاضب “إذا اعتقلت لمى عباس في مليون لمى عباس.. بجبلك مليار لمى عباس…”، في إشارة إلى أن مَن ينتقد الحكومة السورية هم بالملايين ولكنهم لا يجرؤون على التحدث أمام العامة وعلى وسائل الإعلام.

كما وأردفت “بتفوت على البيت الساعة 2 بالليل حقي شوف مذكرة إحضار، ونحنا ببلد قانون!!!، مو من حقك تفوت على البيت بالليل وتاخد أمي أمام عيون الدنيا كلها”. وتابعت لمى عباس عن ابنتها، موجهة الكلام للقوات الأمنية الذين داهموا المنزل “ما إلكن شغل عنا.. خبروه للعقيد لؤي بدو شي من عنا بِشرّف هو بياخذه”.

تعرّض لمى عباس للاعتقال جاء بعد أن خرجت ببثّ مباشر ودعت إلى توحيد جميع السوريين والخروج ضد الحكومة السورية، لعدم توفر أدنى مقومات الحياة وتردي الأوضاع المعيشية. كما نشرت على صفحتها في إشارة إلى أن الحريق الذي حصل في حي ساروجة بدمشق والساحل السوري مفتعل.

لمى عباس، أضافت إزاء ذلك “الإيد اللي حرقت ساروجة نفسها الإيد اللي حرقت الساحل، نفس التوجّه وذات الهدف”. وتابعت في منشور آخر موجهة أصابع الاتهام للجانب الإيراني قائلة “فتّشوا مين عم يشتري الأراضي، بتعرفوا هوية مين عم يحرق الساحل”.

لمى استغربت صمت السوريين لا سيما أنهم وصلوا إلى مرحلة يُرثى لها وباتوا من دون أكل ولا شرب ولا دواء ولا تدفئة ومع ذلك ما زالوا صامتين لا يحرّكون ساكنا ضد الحكومة السورية ومؤسساتها، وأضافت “شو اللي مصبرك كمواطن شو اللي مسكتك.. مين ما كان كل المؤسسات في الدولة مجلس الشعب الحكومة مجرد ما تشوفك ساكت بتبلش بضربك بسكين بعدين بتقطعلك إيديك بعدين بتضربك بقلبك وكل ما شافتك ساكت بتتمادى أكثر”.

كما واعتبرت أن المسؤولين في الحكومة السورية لا يرون المواطن أصلا بل ويعتبرونه كالماشية ويجب عليه أن يمشي خلفهم دون أن يصدر أي صوت، مردفة “هنن معتبرينك قطيع ولازم تمشي وراهم وبس.. وإذا ما عجبك حمول حالك وانقلع هاجر”.

لمى عباس تهدد الحكومة!

تاليا، نشرت لمى توضيحا بخصوص تعرضها للاعتقال، محملة الحكومة السورية مسؤولية أمنها وأمن عائلتها، قائلة ” أنا لمى توفيق عباس، واستنادا لكل ما جرى معي بعد بثي للفيديو المؤرخ في يوم الأربعاء ٢٦/ ٧ / ٢٠٢٣، الساعة العاشرة ليلا، وفيديو محاولة اعتقالي بتاريخ ٢٧/ ٧/ ٢٠٢٣ والبث المباشر بذات التاريخ، ونظرا لكثرة الملابسات والأقاويل والإشاعات والصفحات التي تطاولت علي، من قبل مأجوريكم، بعد الفيديوهات المذكورة، فإنني أتوجه بالتالي علنا، بأن حريتي وسمعتي وكرامتي وأمني الشخصي وأمن عائلتي، أو أي تصرف يمكن أن يمسني بالأذى،.. فهو بعهدة الأمن الوطني، والأجهزة الأمنية والقضائية وعلى مسؤوليتها.. كان من الضرورة بمكان إعلان هذا التصريح على الملأ، لأن وضعي وعائلتي لم يعد آمنا”.

كما وهددت لمى الجهات الحكومية في حال تعرضها أو أحد أفراد عائلتها لأي أذى، فكتبت “اذا لم تتوقفوا أيها الحمقى، عن تجييش مأجوريكم الأقذر منكم، عن تشويه سمعتي وتهديدي بأمني خلال ساعات قليلة.. فسأخرج اليوم مساء ببث مباشر أتناولكم فيه جميعا، وأدلو بدلوي من الألف الى الياء وتعرفون أن ملفات فسادكم وعهركم جميعها لدي، وأقسم حينها ستندمون”.

لمى عباس ظهرت يوم أمس الإثنين في بث مباشر على منصة “فيسبوك” وقالت إنها بريئة من كل الإشاعات والتّهم التي تطاولها وتاريخها معروف. ووجهت خطابها للشعب السوري في الداخل والخارج، داعية إيّاهم إلى التوحد من أجل إنقاذ سوريا، من خلال الحوار ووضع كافة التوجهات السياسية والدينية جانبا، وانتقدت الحكومة بشدة. وبعبارة أخرى، قالت إن الحكومة لم ولن تقدم شيئا لهذا البلد، وحذرت من أنه إذا لم يتّحد الشعب السوري، فإن نهاية الكل ستأتي حتما.

تفاعل معها السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، فانتقدها بعضهم واعتبروها صحوة جديدة بعد أن كانت في صف الحكومة السورية ضد الحراك الشعبي في سوريا، ومنهم من أيّدها في في وجه الفساد والسلطة والحكومة والقيادة بدمشق.

الفنان السوري، عبد الحكيم قطيفان كتب على صفحته الشخصية على “فيسبوك” ردا على لمى، “من حق المسوخ، أن يصحو ضميرها إن وجد، وتنتفض على أسيادها اللاحمين عندما يقرصها الجوع والعوز.. لكن عليها الا تنسى  تاريخها.. لمى العباس نموذجا..!!”.

هذا وقد عُرف عن لمى عباس مواقفها المؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد، وإدارتها لصفحات موالية للحكومة السورية وخروجها في مظاهرات مؤيدة لبشار الأسد.

يعاني عموم السوريين اليوم من ظروف معيشية صعبة، حيث إن راتب الموظف يكاد يكفي ليومين فقط، ويعيش أكثر من 90 بالمئة منهم تحت خط الفقر، بينما تتجاهل الحكومة السورية معاناتهم، بل تتعايش على مدخراتهم والمساعدات والحوالات المالية الخارجية التي تأتي للمواطنين.

اعتقالات الحكومة للإعلاميين

خلال السنوات الماضية، اعتقلت الحكومة السورية عدداً متزايداً من الإعلاميين والصحفيين والناشطين المؤيدين لها، بسبب انتقادهم سياسة الحكومة والأوضاع المعيشية المتردية. ومن بين المعتقلين الصحفي كنان وقاف، الذي بث شريط فيديو العام الماضي، قال فيه أن قوة أمنية كبيرة اقتحمت منزله في غيابه بهدف اعتقاله وسط تهديدات، وتسببت في حالة من الذعر لزوجته وأطفاله، مضيفا أن القوة كانت مدججة بالسلاح الخفيف والمتوسط، اقتحمت منزله بهدف اعتقاله، وكأنهم أقدموا على اعتقال “داعشي” على حد وصفه.

وقاف الذي بدى عليه علامات الرعب في نفس الشريط المصورة أوصى أن تتم العناية بزوجته وأطفاله، ما أثار تفاعلا بين السوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث طالب العديد منهم بمساعدته والتضامن معه بعد وصيته المؤثرة بالاعتناء بزوجته وأطفاله.

وقاف تعرض للاعتقال، نتيجة تدوينة قد نشرها في 4 شباط/فبراير 2022، عبر حسابه على منصة “فيسبوك” انتقد فيها بشار الأسد على استقباله للفنان وائل رمضان وزوجته سلاف فواخرجي، في الوقت الذي تجاهل فيه الأوضاع الاقتصادية في البلاد، والغضب الشعبي في العديد من المناطق السورية.

هذا وتزايدت الانتقادات للحكومة السورية بسبب سوء الأوضاع الخدمية والمعيشية في سوريا، ومن بينهم ممثلين مثل بشار إسماعيل، الذي كتب منشورا على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك” في وقت سابق، وجّه فيها نقدا ساخرا لانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة مقابل نصف ساعة وصل يوميا، مضيفا بأنه لم يجد حلّا لهذا القلق والرعب، الذي تحول بفضل وزارة الكهرباء إلى شكر وامتنان.

بشار إسماعيل معروف بانتقاداته المتكررة لأداء الحكومة السورية، رغم مواقفه المؤيدة للسلطة في البلاد، لا سيما أنه في الفترة الأخيرة وجّه العديد من الانتقادات لحكومة البلاد خصوصا خلال الأزمات الاقتصادية.

تُظهر كل التقارير الحقوقية، خلال السنوات الماضية، أن مستوى حرية التعبير في سوريا في أدنى مستوياتها، حتى على المستوى العالمي، وأن حكومة دمشق لن تقوم بتغيير تعاملها الأمني وعقليتها الأمنية، أيّا كان موقف الشخص منها، سواء كان معارضا أو مواليا، فهناك خطوط حمراء يُمنع الاقتراب منها تحت أيّ مسمىً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات