ضربات عديدة تلقتها سوق العقارات في سوريا خلال السنوات الماضية، حيث تشهد ركودا غير مسبوق مؤخرا، وصل إلى حد إجراء عمليات بيع في سوريا لمنازل بأسعار أقل من تكلفة بناء منزل جديد، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول طريقة تقييم العقارات خلال عمليات البيع والشراء في البلاد.

رغم الارتفاع الكبير بأسعار العقارات مؤخرا، إلا أن قلة الطلب عليها، تؤكد أن الأسعار الحالية أقل من الأسعار الحقيقية، خاصة مع ارتفاع تكاليف البناء والاكساء، إذ تؤكد المؤشرات أن تكلفة اكساء منزل بشكل متوسط يمكن أن تصل إلى أرقام أعلى من سعر العقار.

كذلك فإن تقارير صحفية أشارت إلى أن الفوضى في تسعير العقارات، أدت إلى خلل في نظام القروض البنكية، إذ تطلب البنوك في الضمانة العقارية، تقديم عقار قيمته تساوي 200 بالمئة من قيمة القرض، لكن انخفاض أسعار العقارات وعدم تقييمها بشكل “عادل”، عطل العديد من القروض البنكية خلال الفترة الماضية.

التقييم العقاري

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، تحدث عن أهمية التقييم العقاري وضرورة تخمين العقارات المُعدّة للتأجير والبيع وفق القيمة الرائجة، حيث قال الخبير العقاري عامر لبابيدي، إن الاستفادة من خبراء التقييم العقاري في تخمين العقارات المُعدّة للإيجار موجودة في جميع دول العالم من أجل تحديد الرسوم العادلة المستحقة للخزينة.

لبابيدي، اعتبر في تصريحات للصحيفة المحلية، أن سوريا ليس فيها تقييم عقاري حقيقي، بل هناك استئناس بقيمة العقار من أجل تسجيل الرسوم، مشيرا إلى  أن العلاقة بين المؤجر والمستأجر تحكمها مقولة “شو معك تدفع” وحسب العرض والطلب، وهناك الكثير من الاستغلال في عقود التأجير والبيع.

كنتيجة طبيعية لانهيار العملية المحلية خلال الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت أسعار العقارات في سوريا، وداخل العاصمة دمشق ارتفعت الأسعار ضمن المناطق المصنّفة درجة ثالثة ورابعة أكثر من المصنفة درجة أولى لأن هذه المناطق لم تعد تحمل رفع أسعار في الظروف الراهنة فمثلا سعر المتر السكني الجاهز في منطقة كفرسوسة والمالكي بحدود 33 مليون ليرة، بينما في باب شرقي سعر المتر 14 مليون ليرة، وهذه الأسعار بناءً على عقود البيع المسجلة لدى مكاتب الوساطة العقارية.

قد يهمك: تكاسي في سوريا متوقفة عن العمل.. الأسباب صعوبة الحال في البلاد!

من جهتها، دعت مديرة عام “هيئة الإشراف على التمويل العقاري” انتصار ياسين، إلى الاعتماد على خبراء التقييم العقاري في تحديد بدلات الإيجار وخاصة في المناطق التي فيها بدلات إيجار مرتفعة جدا، ونشر ثقافة الاعتماد على خبير تقييم عقاري من أجل تحقيق العدالة بين المستأجر والمؤجّر وتحقيق إيراد عادل لخزينة الدولة.

بشكل خاص في المدن السورية الكبرى كدمشق وحلب، أصبح إيجاد منزل للإيجار بمثابة مهمة مستحيلة، وحتى مع وجود منزل، فإن الأسعار المعروضة تفوق قدرة السواد الأعظم من الباحثين عن سكن بعدما وصلت نسبة الارتفاع في إيجار العقارات منذ بداية العام الجاري إلى نحو مئة بالمئة.

متوسط سعر إيجار الشقة في دمشق، بحسب تقرير نشرته صحيفة “البعث” المحلية، وصل إلى نحو مليون ليرة شهريا في “الأحياء الراقية”، في وقت ارتفعت أسعار الإيجارات في الأحياء الأخرى إلى 500 ألف ليرة شهريا.

معاناة المستأجرين وأصحاب المكاتب

أصحاب المكاتب العقارية اشتكوا بدورهم من معاناتهم في إيجاد منازل للإيجار في ظل ارتفاع معدلات الطلب عليها، إذ إن النسبة المتوفرة من المنازل لا تصل إلى 30 بالمئة من حجم الطلب على منازل الإيجار، فضلا عن الارتفاع المستمر للأسعار.

تقرير الصحيفة المحلية نقل عن صاحب مكتب عقاري، تأكيده عدم وجود قانون في سوريا، يحدّد مستوى الإيجار، حيث إن تأجير العقارات المُعدّة للسكن بعد عام 2001 تخضع لإرادة المتعاقدين، مشيرا إلى أن المادة الأولى من القانون رقم 6 لعام 2001، نصّت على أن تأجير العقارات المُعدّة للسكن أو الاصطياف أو السياحة أو الاستجمام، أو المأجورة من الدوائر الرسمية أو المنظمات الشعبية أو النقابات على مختلف مستوياتها تخضع لإرادة المتعاقدين. 

كما نصّت المادة السادسة من هذا القانون على أن ادّعاء المستأجر بالغبن أو غلاء الإيجار لا يعفيه من دفع المبلغ الواجب دفعه للمؤجّر، كما يسمح القانون للمستأجر الذي يدّعي الغبن بالأجرة بالتظلم مرة واحدة كل 3 سنوات، ويسمح له بالادّعاء بالفترة التي تبدأ من تاريخ العقد أو من تاريخ الاتفاق الخطيّ على تعديل الأجرة.

نتيجة الارتفاع والفوضى في أسعار الإيجارات، فإن كثيرا من المستأجرين فضّلوا العودة إلى مناطقهم والسكن في منازلهم بغضّ النظر عن واقعها الخدمي السكني، وخاصة مع الارتفاع المستمر بقيمة الإيجارات، هذا عدا عن قصر فترة الإيجار لثلاثة أشهر وذلك لحرص المؤجّر على مواكبة الواقع المعيشي وارتفاع الأسعار.

سوق العقارات في سوريا يشهد منذ سنوات حالة من الركود نتيجة ارتفاع الأسعار وقلة الطلب على الشراء، ففي وقت يحتاج فيه سوق العقار إلى دفعة لإخراجه من حالة الركود التي يعيشها منذ سنوات، ساهمت القرارات الحكومية الخاصة بتنظيم عمليات بيع وشراء العقارات بزيادة معاناة التجار، فضلا عن الانهيار المتواصل لقيمة الليرة السورية، الأمر الذي تسبب بخوف لدى البائعين والمشترينَ على حدّ سواء من إتمام عمليات البيع.

تزامنا مع الركود الحاصل، فإن سوق العقارات يشهد فرقا كبيرا بين العرض والطلب، حيث أن المعروض من العقارات يتجاوز بأضعاف ما هو مطلوب، وهو أحد الأسباب الرئيسية للركود، حيث امتنع معظم البائعين عن البيع بأسعار السوق، خاصة وأن بعض العقارات تم عرضها بسعر أقل من تكلفتها الحقيقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات