انتشار أمني وطوق حول المدينة.. ملامح وتبعات انتقال الحراك الشعبي من السويداء إلى حلب؟

مع استمرار الاحتجاجات في محافظة السويداء للأسبوع الثالث على التوالي ضد السلطات السورية، تعمل الحكومة السورية والقوى الأمنية على ضمان عدم توسع الاحتجاجات إلى المحافظات السورية الأخرى، لا سيما المدن الكبرى كدمشق وحلب.

الخوف من انتقال التظاهرات إلى مدينة حلب، يمكن تفسيره من عدة جوانب، أولا الكثافة السكانية الموجودة في حلب، إذ إن السلطات السورية تُدرك تماما أن قواتها الأمنية لا تبدو بنفس وتيرة القوة التي كانت عليها عام 2011، حيث استطاعت حينها فرض السطوة الأمنية على حركات التظاهر في المدينة عبر نشر قوات الأمن وما يُعرف بـ”اللجان الشعبية” لقمع التظاهرات الشعبية.

خلال الأيام الماضية، عملت القوات الأمنية على فرض طوق أمني حول مدينة حلب، كذلك فإن بعض أحياء المدينة شهدت استنفارا أمنيا هو الأول من نوعه منذ سنوات، فيما يبدو استعدادا لأي حراك محتمل ضد الحكومة في المحافظة، على الرغم من أن المدينة لم تشهد أية تظاهرات منذ بدء الاحتجاجات في السويداء حتى الآن.

استنفر أمني غير مسبوق

مصادر خاصة لـ”الحل نت”، أكدت أن العديد من أحياء مدينة حلب شهدت انتشارا لعناصر قوات الأمن وما يعرفون بفرق “حفظ النظام” على شكل دوريات يومية، خصوصا الأحياء الشرقية التي كانت قد شهدت مظاهرات واسعة خلال عامي 2011 و2012 قبل أكثر من 10 سنوات.

بحسب ما أكدت المصادر، فقد نفّذت قوات “حفظ النظام” دوريات شبه يومية في أحياء الفردوس والسكري وسيف الدولة وصلاح الدين، كما ثبتت قوات الأمن العديد من نقاط التمركز في عدة مواقع في القسم الشرقي من مدينة حلب.

كذلك فقد أكدت مصادر محلية، أن السلطات عملت على فرض طوق أمني من محاور عدة، عبر نشر حواجز تفصل المدينة إلى منطقتين شرقية وغربية، حيث تتوجه الحكومة لإعادة تنظيم “اللجان الشعبية”، تحضيرا لمواجهة أي حراك محتمل في حلب خلال الفترة القادمة.

حلب هي من المدن الكبرى في سوريا، ورغم الانهيار الاقتصادي التي تعاني منه البلاد، فإن تصاعد أي توتر في حلب قد يهدد ما تبقّى من الاقتصاد السوري، لذلك فإن القوات الحكومية يبدو أنها غير مستعدة أبدا لأي احتجاجات قد تشهدها المدينة في الوقت الراهن.

قد يهمك: رغم الفقر وضعف الرواتب.. السرقات بلاء جديد على السوريين!

قبل أيام انتشرت أنباء عن دخول مدينة حلب إلى خط الاحتجاجات المناهضة للسلطة، الأمر الذي أحدث على ما يبدو إرباكا كبيرا في أجهزة الحكومة السورية، وفق ما أظهره سلوك الإعلام الرسمي في التعامل مع تلك الأخبار.

الأنباء التي تحدثت عن خروج مظاهرة ضد الحكومة السورية في حلب لم تنتشر على نطاق واسع، ولم تتبناها جهات إعلامية موثوقة، حيث انتشرت هذه الأخبار على بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك فإن بعض الصفحات أرفقت الخبر بتسجيلات مصورة تعود إلى مظاهرات سابقة ضد السلطة خرجت قبل أكثر من 10 سنوات.

لكن مؤسسات الحكومة السورية، سارعت بشكلٍ مبالغٍ فيه على نفي تلك الشائعات، وكرّست لذلك مساحة واسعة في الإعلام الرسمي، الأمر الذي قد يدل على خوف السلطات السورية من انتقال عدوى المظاهرات والإضراب من السويداء إلى مدينة حلب التي توصف بأنها “العاصمة الاقتصادية للبلاد”.

القنوات الإعلامية التابعة للحكومة السورية، نفت في نشرات الأخبار، الأنباء التي تحدثت عن خروج مظاهرات في أحياء السكري والصالحين والفردوس، كما أرسلت صحيفة “الوطن” المحلية، وفدا للوقوف على أجواء الشوارع في هذه الأحياء.

استمرار الحراك في السويداء

المظاهرات في السويداء تواصلت بلا توقف خلال الأيام القليلة الماضية، حيث توافد المتظاهرون صباح اليوم الإثنين إلى ساحة السير وسط مدينة السويداء، معلنين استمرار مطالبهم المتعلقة بالتغيير السياسي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الخاص بالانتقال السلمي للسلطة.

كذلك خرجت مجموعة من أهالي مدينة صلخد جنوب السويداء صباح اليوم بوقفة احتجاجية في ساحة المدينة، موجّهينَ رسالة لأزلام حزب “البعث” الذين يحاولون التضييق على المحتجين، وردد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية شعارات من قبيل، “كل فرع يضب الصبيان، ما منطلع من ساحتنا.. والورد بشوكو خلقان لا تمتحنوا ثورتنا.. سلمية ضد الطغيان ما منتراجع لو متنا”.

صفحات محلية بثّت خلال الساعات الاخيرة تسجيلات مصورة، تظهر تنظيم مظاهرات مسائية في عدد من قرى وبلدات المحافظة، كذلك تجمّع عشرات المحتجين في ساحة “الكرامة” الأربعاء الفائت، مطالبين برحيل الرئيس السوري، كما رفعوا لافتات تندد بفساد الحكومة وعجزها عن التعامل مع الأزمة الاقتصادية في البلاد.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

شرارة الاحتجاجات كانت متعلقة مباشرة بالوضع الاقتصادي، لكن العديد من القائمين على الاحتجاجات، أكدوا في مقابلات صحفية، أن المطالب الرئيسية متعلقة بالوضع الاقتصادي المتدهور، لكنهم أكدوا كذلك أن الأوضاع الاقتصادية مرتبطة بشكل مباشر بالوضع السياسي، فالفشل السياسي للحكومة والسلطة في دمشق، كان سببا رئيسيا في وصول الوضع المعيشي إلى حافة الانهيار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات