أزمة المواصلات في عموم المدن السورية وتحديدا في العاصمة دمشق، هي أزمة قديمة جديدة فشلت الحكومة السورية على مدار 20 عاما في حلّها أو التخفيف من حدتها، فمع كل هزة أو مشكلة مرورية تعاني منها أي منطقة سورية، يشهد قطاع المواصلات انهيارا على الفور.

خلال الأيام الماضية ومع بدء العام الدراسي في البلاد، شهدت العاصمة دمشق تفاقما لأزمة المواصلات، واشتكى مئات المواطنين من صعوبة الحصول على مقعد في وسائط النقل، لا سيما خلال الأوقات التي تسبق بدء الدوام المدرسي، وأوقات انتهاء دوام المدارس والروضات، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول علاقة المدارس بتصاعد وتيرة الأزمة.

تقارير محلية أكدت توجه العشرات من أصحاب وسائط النقل العامة، إلى التعاقد مع المدارس للعمل على نقل الطلبة من وإلى مدارسهم، الأمر الذي يجبرهم على ترك العمل في خطوط النقل خلال عملهم في توصيل التلاميذ، ما ينعكس سلبا على قطاع المواصلات لا سيما في مدينة دمشق.

وسائط نقل متسربة

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، نقل شكاوى المواطنين لمحافظة دمشق والجهات الرقابية المعنية بضرورة التشدد في الإجراءات المتخذة لضبط السرافيس وباصات النقل الداخلي “المتسربة” من خطوطها، رغم تأكيد مسؤولي المحافظة حرمان أي سرفيس لا يلتزم بتخديم المواطنين من مادة المازوت.

بحسب تقرير الصحيفة المحلية، فإن تصاعد وتيرة أزمة المواصلات في دمشق، مرتبطٌ بتعاقد قسم من السرافيس مع الروضات والمدارس الخاصة لنقل الأطفال والطلاب، كذلك عملهم مع بعض المعامل لنقل الموظفين، الأمر الذي من شأنه أن يخلق أزمة حقيقية بتسرّب عدد من وسائل النقل عن خطوط سيرها، وخاصة في أوقات الذروة، حيث تكون معظم السرافيس في المدارس لنقل طلابها.

مواطنون حمّلوا الحكومة المسؤولية عن الفوضى التي تعاني منها خطوط المواصلات، مطالبين بإيجاد حلٍّ للثغرة التي يتركها السائقون أثناء توجههم لأعمالهم الخاصة، إذ إنه وعلى الرغم من تعميم المحافظة خلال العام الماضي بمنع تعاقد السرافيس مع المدارس لنقل الطلاب والمدرسين، إلا أنه تم التراخي بهذا الشأن وسُمح لبعض الوسائل بالعمل على تخديم هذه المدارس والروضات.

قطاع المواصلات، شهِد في بعض المناطق السورية فوضى غير مسبوقة، وذلك بعد قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات، حيث أفادت منصة “غلوبال نيوز” المحلية، بأن “عدوى عدم الالتزام بالتعرفة تنتقل لخطوط المحافظات”.

بحسب تقرير المنصة، فإن شكاوى المواطنين المتعلقة بـ “عدم التزام السائقين بالتعرفة الرسمية لم تعد تقتصر على خطوط النقل الداخلية، فبعد صدور التعرفة الجديدة يشتكي الكثير من المسافرين عبر خطوط المحافظات من عدم التزام شركات نقل البولمان بالتسعيرة الرسمية”.

قد يهمك: عمرو سالم يعود للواجهة.. انتقادات حادة لوزارته بسبب الأزمات

السائقون يبررون من جانبهم عدم الالتزام بالتعرفة الرسمية، بأن الأخيرة لا تراعي التكاليف المترتبة عليهم، إن كان فيما يتعلق بأسعار المحروقات المرتفعة، أو التكاليف التشغيلية المتعلقة بصيانة آلياتهم، والتكاليف الدورية المتضمنة تغيير الزيت والإطارات وغيرها.

أزمة مستمرة

خلال السنوات القليلة الماضية زادت أسباب تفاقم أزمة المواصلات، وذلك نتيجة ندرة المواد النفطية وارتفاع أسعارها، فضلا عن الآليات العديدة التي أقرّتها الحكومة لتوزيع المحروقات بأسعار مدعومة لأصحاب آليات النقل العامة، الأمر الذي أفضى إلى ظهور مشاكل جديدة في عمل سائقي وسائط النقل.

منذ أكثر من عام والحكومة السورية تعمل على ضبط عمل وسائط النقل العامة، وقد كرّست لهذا الهدف العديد من كوادرها فضلا عن تشكيل اللجان للخروج بأفضل آلية تضمن تشغيل وسائل المواصلات، للتخفيف من حدّة الأزمة التي تعيشها المدن السورية وتفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية.

آليةٌ لمراقبة عمل السائقين عبر تركيب أجهزة على سيارات النقل، هي أبرز ما توصلت إليه الجهات الحكومية لضبط وسائل النقل، حيث كانت الحكومة تسعى لضمان استمرارية عمل السائقين الذين يحصلون على المحروقات بأسعار مدعومة، من أجل تزويد آلياتهم وبالتالي أسعار المواصلات العامة تكون مدعومة من قِبل الحكومة.

بعض السائقين لجؤوا إلى الحصول على المحروقات وبيعها في السوق السوداء دون العمل على السيارة، الأمر الذي أفضى إلى إنشاء آلية تقوم على تركيب أجهزة على وسائط النقل من أجل مراقبة عمل السائقين، إلا أن تلك الآلية تعرضت للخرق، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول جدوى الآليات الحكومية في ظل إهدار الجهد والمال الحكومي فضلا عن استمرار أزمة المواصلات التي تؤثر على حياة السوريين.

سائقو وسائل النقل أكدوا أن تطبيق آلية التّتبع لم يساهم في حصولهم على كميات كافية من المحروقات، إذ يضطرون لشراء الكميات الباقية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وبالتالي رفع التعرفة على المواطنين، الأمر الذي يُدخلهم باستمرار في مشادات كلامية مع الزبائن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات