مع تدهور الواقع المعيشي بالبلاد، يتصاعد الحديث عن الفشل  في التعامل مع الأزمة الاقتصادية في سوريا، ورغم فشل مؤسسات الحكومة في تنفيذ وعودها المتعلقة بتحسين الواقع المعيشي، إلا أن خبراء أكدوا في عديد المناسبات أن الفشل الاقتصادي في البلاد يتجاوز الحكومة التي يسعى البعض إلى جعلها “كبش فداء”.

بعد أن تمت إقالته من وزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، بدأ الوزير السابق عمرو سالم قبل أسابيع يوجه انتقادات لاذعة لـ “البنك المركزي” في سوريا، مؤكدا أن الفشل في التعامل مع الأزمة الاقتصادية لا يتحمله الوزراء كأشخاص، خاصة وأنهم لا يضعون السياسة الحكومية العامة.

وبالفعل منذ إقالة الوزير عمرو سالم من منصبه في آذار/مارس من العام الجاري،  زادت أوضاع الأسواق سوءا وارتفعت أسعار المواد الغذائية وزاد انتشار المواد المغشوشة، وهو أمرٌ بدأ منذ سنوات واستمر بوتيرة ازدادت حدتها في بعض الأوقات.

عمرو سالم ووزارته السابقة

الوزير سالم، عاد اليوم لتوجيه الانتقادات لعمل وزارته السابقة، حيث انتقد إطلاق المكتب الإعلامي في وزارة التجارة صفحة “فيسبوك” للشكايات التموينية، وقال، “الشكايات لا تكون على الفيسبوك”، معتبرا أنها بذلك تخالف المعايير السورية والدولية، وتنتهك خصوصية الشاكي والمشتكى عليه المصانة قانونا.

خلال منشور عبر صفحته الشخصية في “فيسبوك”، بيّن سالم أن صفحة الشكاوى هي صفحة عامة، وبالتالي يمكن لكل شخص أن يقرأ ما يرد فيها، “فهي تحمل اسم الشاكي والمشتكى عليه، ويمكن أن تستخدم الشكاوى الكيدية لتشويه مقصود لسمعة أحدهم، كما أنها قد تخلق مشاكل للمشتكي، ولا تمكن المشتكي من معرفة مصير شكواه”.

في ظل استمرار الفشل الحكومي بالتعامل مع الأزمات التي تعصف بالمواطن السوري، يبدو أن الوزير السابق عمرو سالم، أراد توجيه رسالة إلى القيادة المركزية في دمشق، مؤكدا فيها أن قرار إقالته ما كان إلا “إبرة مخدر” للسوريين، لتغطية عجز الحكومة وعدم وجود إمكانات لتقديم أي حلّ للسوريين.

في وقت سابق حمّل سالم مسؤولية استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية والتضخم الكبير الذي رافقها، لادارة “بنك سوريا المركزي” بشكل رئيسي ووزارة المالية بدرجة أقل، مشيرا إلى أن قيمة العملة المحليّة يحددها الميزان بين الوارد إلى الخزينة بالقطع الأجنبي من التصدير والتحويلات الواردة بأشكالها وبين العملة الصعبة الخارجة لاستيراد المواد المختلفة ومستلزمات الانتاج.

قد يهمك: أجرة نقل السيارة 3 ملايين.. تكاليف الإنتاج تلهب أسعار السلع الغذائية

الوزير السابق اعتبر أن “البنك المركزي”، فشل في استقطاب القطع الأجنبي من عمليات التصدير، أو من إيداعات المواطنين والمستثمرين بسبب تعقيدات إجراءاته وعدم السماح للمودّعين بسحب وتحويل إيداعاتهم، وأضاف “المركزي خنق الاستيراد دون دراسة لحاجات السوق أو الإنتاج، وأضاف تكاليف عالية جدا على الاستيراد، الأمر الذي جعل الأسعار في بلدنا أعلى من دول الجوار وأخرج الصناعة من المنافسة في الأسواق الخارجية”.

الأزمة الاقتصادية ربما لم تخلقها وزارات الحكومة بشكل مباشر، لكن الجميع مؤخرا يتفق على أن القرارات الحكومية ساهمت في تعميق مختلف الأزمات التي مرّت بها البلاد، وهنا لا يقصد الخبراء أن العلة في الأشخاص، بل إن السياسة الحكومية التي تضعها القيادة المركزية في دمشق وتكون عامل موجه لعمل الحكومية هي التي أفضت إلى انهيار الوضع المعيشي في البلاد.

لا تتوقف وزارات الحكومة السورية بشكل أسبوعي منذ أشهر، عن إصدار القرارات التي تزيد من معاناة السوريين في مواجهة متوسط تكاليف المعيشة، لا سيما تلك القرارات المتعلقة برفع أسعار المواد الأساسية وأبرزها المحروقات، التي بدورها تنعكس على معظم السلع والخدمات في البلاد.

وزارة التجارة والنقد

عادة ما يتم نشر قرارات رفع أسعار المواد الأساسية عبر المعرّفات الرسمية للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت لوزارة “التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، الحصة الأكبر من عملية نشر القرارات، الأمر الذي عرضها لسيلٍ من الانتقادات عبر صفحتها الرسمية على الـ “فيسبوك”.

لكن الوزارة عمدت مؤخرا إلى إسكات جمهورها من السوريين ووقف هذه الانتقادات، وذلك عبر حظر التعليق على القرارات الرسمية، لا سيما تلك التي تتعلق برفع أسعار المواد الأساسية، حرصا وحفاظا على “هيبة” الدولة، بحسب ما نقلت صفحات محلية.

ارتفاع الأسعار في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية سجّل تسارعا تاريخيا، إذ إن بعض السلع أصبحت ترتفع بنسبة مئة بالمئة بين اليوم والآخر، الأمر الذي جعل من مهمة التّسوق مهمة مرعبة لمعظم السوريين، الشاهدين على انهيار قوّتهم الشرائية أمام صعود متوسط تكاليف المعيشة في البلاد.

في ظل موجات الغلاء التي ضربت مختلف السلع والخدمات في سوريا، تشهد الأسواق خلال الأسابيع الماضية، حالة من الفوضى غير المسبوقة، حيث اتجهت العديد من المتاجر والمطاعم الشعبية إلى الإغلاق بشكل كامل، خوفا من البيع بخسارة، وذلك نتيجة التذبذب في التكاليف التشغيلية بين اليوم والآخر.

على الرغم من زيادة الرواتب التي أعلنت عنها الحكومة السورية مؤخرا، يجد معظم السوريين رواتبهم لا تكفي لسد تكاليف 20 بالمئة من الاحتياجات الأساسية والغذاء، وتؤكد التقارير المحلية، أن أسعار السلع والمواد الغذائية قفزت بشكل “مخيف” خلال الأيام الماضية، متأثرة بالقرارات الحكومية الأخيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات