الاحتجاجات في محافظة السويداء تدخل أسبوعها الرابع على التوالي، فلا يكاد يمرُّ يومٌ في السويداء، إلا وتشهد المحافظة في نقاط عدة أبرزها مدينة السويداء، مظاهراتٍ يشارك بها عدة مئات من الأهالي، مندّدين بالسياسات العامة للحكومة ومطالبين بالتغيير السياسي في البلاد وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

حتى الآن لا يبدو أن الحكومة اتخذت قرارا بمواجة التظاهرات بشكل أمني، إلا أن دمشق يبدو أنها تسعى لاختراق الاحتجاجات بوسائل عدة، للالتفاف على مطالب المحتجين وإيقاف التظاهرات في المحافظة، وذلك تخوفا على ما يبدو من امتدادها إلى المحافظات الأخرى.

في البداية حاولت الحكومة عبر وسائل الإعلام اتهام المحتجين بـ”الانفصالية”، الأمر الذي فشل على ما يبدو، مع إصرار المحتجين على رفض أية شكل من أشكال الانفصال، ورفعوا لافتات عديدة أكدت على هذا الأمر، ما دفع الحكومة لاتخاذ استراتيجية جديدة من أجل إنهاء الاحتجاج.

محاولات التفاف

بحسب تقارير محلية، فإن الحكومة تسعى إلى إلى تشكيل “هيئة روحية” للطائفة الدرزية لكل من ريف وغوطتي دمشق والقنيطرة، مركزها حي التضامن بمدينة دمشق، الذي يحوي أقلية درزية، واختيار شخصية مقرّبة من قوات “الدفاع الوطني” ليكون على رأسها.

تشكيل “هيئة روحية” من قبل دمشق، يعني أن الحكومة السورية قد تُقدم على تقديم بعض التنازلات لهذه الهيئة، لإقناع أبناء مدينة السويداء على التراجع عن التظاهرات مقابل بعض التنازلات من السلطة، إلا أنه حتى الآن لم يتم الحديث عن هذا الأمر.

الحديث عن تشكيل هيئات سياسية في السويداء كان قد بدأ قبل أيام، حيث عمدت بعض وسائل الإعلام الحديث عن تشكيل هيئة سياسية في المحافظة الجنوبية لتمثيل المحتجين، كذلك فقد تحدثت تقارير عن اتجاه السويداء لإعلان إدارة ذاتية بالتنسيق مع دمشق، وذلك كحلّ لوقف التظاهرات المستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع التي تندّد بسياسات الحكومة، وتطالب بالتغيير السياسي.

قد يهمك: الألبسة الأجنبية تغزو بيوت السوريين “والوطني ما أله لزمة”

ارتفاع وتيرة الحديث عن هذه السيناريوهات، جعل المحتجون في السويداء يعلنون موقفهم خلال التظاهرات، حيث خرجت مظاهرة وصفتها وسائل إعلام محلية، بـ”أكبر مظاهرة تشهدها السويداء منذ اندلاع الاحتجاجات”، رفض خلالها المتظاهرون التوجه لحلول تتعلق بالإدارة الذاتية، وأكدوا أن مطلبهم الأساسي يتعلق بالتغيير السياسي الشامل وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

تأكيد على المطالب

كذلك فقد خرج أهالي السويداء بمظاهرة يوم أمس الأحد في ما يُعرف بـ”ساحة الكرامة” وسط المدينة، ندّدوا خلالها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، كما رفعوا لافتات كُتب عليها عبارات من قبيل “لا للإدارة الذاتية، لا لسلطة الأمر الواقع”.

خلال المظاهرات اليومية في المحافظة الجنوبية، كان لافتا المشاركة النسائية الواسعة في الاحتجاجات، حيث لم يغيب العنصر النسائي عن مشاهد المظاهرات في الساحات بشكل يومي، بالإضافة إلى مشاركتهنّ في تنظيم التظاهرات ورفع اللافتات المطالبة بالتغيير السياسي.

لا يبدو أن السلطات السورية تملك أبسط الأدوات للتعامل مع مطالب المحتجين، لذلك فهي بدأت تلجأ لأساليب عديدة بهدف إنهاء الاحتجاجات عبر استمالة بعض وجهاء محافظة السويداء، أو حتى استخدام العنف بأيادي غير حكومية، فما الذي تسعى إليه السلطة في دمشق.

هذه الانتفاضة المفاجئة تأتي في ظل تدهور اقتصادي، زاد من حالة الغضب والإحباط لدى سكان المحافظات السورية، الذين يشعرون بالإهمال والظلم من قرارات السلطات. فما هي خلفية هذه التطورات، وما هو دور المجتمع المدني والفعاليات الشبابية في تنظيمها، وما التداعيات المحتملة على المشهد السوري بشكل عام.

شرارة الاحتجاجات كانت متعلقة مباشرة بالوضع الاقتصادي، لكن العديد من القائمين على الاحتجاجات، أكدوا في مقابلات صحفية، أن المطالب الرئيسية متعلقة بالوضع الاقتصادي المتدهور، لكنهم أكدوا كذلك أن الأوضاع الاقتصادية مرتبطة بشكل مباشر بالوضع السياسي، فالفشل السياسي للحكومة والسلطة في دمشق، كان سببا رئيسيا في وصول الوضع المعيشي إلى حافة الانهيار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات