ساحة “السير” وسط مدينة السويداء، حظيت منذ بداية الاحتجاجات الشعبية في المحافظة برمزية واسعة، حيث تشهد هذه الساحة مظاهراتٌ مستمرة لليوم الـ22 على التوالي بدون توقف، وهي الساحة الأولى التي تشهد هذه الاستمرارية بالتظاهرات، حيث لم تغب الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات ليوم واحد منذ السادس عشر من شهر آب/أغسطس الماضي.

كذلك فإن المحتجين في السويداء أطلقوا عليها اسم ساحة “الكرامة” بعد الانتفاضة الشعبية المناهضة للسياسات الحكومية في سوريا، والمطالبة بالتغيير السياسي ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، فما هي قصة رمزية هذه الساحة بالنسبة لأهالي المحافظة.

رمزية ساحة “الكرامة” لم تكن في السابق مرتبطة بالاحتجاجات أو التظاهرات، بل كانت ميدانا لألعاب الفروسية، حيث كان الدروز يتغنون بفروسيتهم ويرقّصون خيولهم ويُحيون الاحتفالات فيها، كما يقيمون فيها بعض مراسم الجنازات، التي كان آخرها عام 1964، أي بعد تولي حزب “البعث” السلطة بعام واحد.

متى بدأت ساحة “الكرامة”؟

بحسب تقارير محلية، فإن ساحة الكرامة بدأت تأخذ معنى آخر منذ أن تمت تصفية قائد فصيل “رجال الكرامة” وحيد البلعوس، وهو قائد الفصيل الذي ظهر بدايات عام 2014، كحالة مسلحة منظمة مستقلة عن الحكومة والمعارضة، وتحظى بتأييد شرائح واسعة في المحافظة.

بعدها شهدت الساحة مظاهرة، تخلّلتها إسقاط تمثال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في الساحة، لتكون تلك اللحظة هي الأولى لتحوّلها للاسم الجديد ساحة “الكرامة”، وقد زاد تداول هذا الأسم بعدما شهدت السويداء خلال السنوات القليلة الماضية احتجاجات شعبية واسعة ضد سياسات الحكومة.

الاحتجاجات الأخيرة في السويداء استمرت بلا توقف، حيث تجددت المظاهرات مساء أمس الإثنين في ساحة “الكرامة” ورفع المتظاهرون لافتات تطالب برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، كما أكد المحتجون على المطلب المتعلق بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، للمضي قدما في التغيير السياسي للبلاد.

تفاصيل القرار 2254

قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق في سوريا رقم 2254، يؤكد أن الوضع سيستمر بالتدهور في سوريا، في حال استمرار غياب الحل السياسي، ويطالب أن “تتخذ الأطراف جميع الخطوات المناسبة لحماية المدنيين، بمن فيهم أفراد الطوائف العرقية والدينية والطائفية”.

القرار يحمّل السلطة السورية مسؤولية “حماية السكان”، ويشير إلى أن اتفاق جنيف المؤرخ بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2012 بصيغته التي أقرها القرار، والذي ينص على “إنشاء هيئة حكم انتقالية شاملة، يتم تشكيلها على أساس الموافقة المتبادلة”، ما يضمن استمرارية المؤسسات الحكومية.

قد يهمك: الألبسة الأجنبية تغزو بيوت السوريين “والوطني ما أله لزمة”

كذلك ينصّ  القرار على “ضرورة الالتزام بالمبادئ التي حدّدتها المجموعة الدولية لدعم سوريا، بما في ذلك الالتزامات بوحدة سوريا، والحرص على استقلالها وأمنها الإقليمي، وبُعدها عن الطائفية في تسيير المؤسسات الحكومية لحماية حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الديني”.

قرار مجلس الأمن الدولي يؤيد أيضا أن “عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، والتي من شأنها، وفي غضون 6 أشهر، أن تؤسس حكما موثوقا وشاملا وغير طائفي، يضع جدولا زمنيا لصياغة دستور جديد للبلاد”، كما ينص القرار على “إجراء انتخابات نزيهة عملا بالدستور الجديد، تُعقد في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، وتمرّ بأعلى المعايير الدولية للشفافية”.

محاولات التفاف

بحسب تقارير محلية، فإن الحكومة تسعى إلى تشكيل “هيئة روحية” للطائفة الدرزية لكلٍّ من ريف وغوطتي دمشق والقنيطرة، مركزها حي التضامن بمدينة دمشق، الذي يحوي أقلية درزية، واختيار شخصية مقرّبة من قوات “الدفاع الوطني” ليكون على رأسها.

تشكيل “هيئة روحية” من قبل دمشق، يعني أن الحكومة السورية قد تُقدم على تقديم بعض التنازلات لهذه الهيئة، لإقناع أبناء مدينة السويداء على التراجع عن التظاهرات مقابل بعض التنازلات من السلطة، إلا أنه حتى الآن لم يتم الحديث عن هذا الأمر.

الحديث عن تشكيل هيئات سياسية في السويداء كان قد بدأ قبل أيام، حيث عمدت بعض وسائل الإعلام الحديث عن تشكيل هيئة سياسية في المحافظة الجنوبية لتمثيل المحتجين، كذلك فقد تحدثت تقارير عن اتجاه السويداء لإعلان إدارة ذاتية بالتنسيق مع دمشق، وذلك كحلّ لوقف التظاهرات المستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع التي تندّد بسياسات الحكومة، وتطالب بالتغيير السياسي.

ارتفاع وتيرة الحديث عن هذه السيناريوهات، جعل المحتجون في السويداء يعلنون موقفهم خلال التظاهرات، حيث خرجت مظاهرة وصفتها وسائل إعلام محلية، بـ”أكبر مظاهرة تشهدها السويداء منذ اندلاع الاحتجاجات”، رفض خلالها المتظاهرون التّوجه لحلول تتعلق بالإدارة الذاتية، وأكدوا أن مطلبهم الأساسي يتعلق بالتغيير السياسي الشامل وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات