“الحكومة في عالم آخر“.. الأطعمة الشعبية تباع بضعفي تسعيرة التموين بسوريا

في ظل الانهيار الاقتصادي التي تعيشه الأسواق السورية وبلغت ذروته خلال الأشهر القليلة الماضية، يأتي ارتفاع تكاليف إنتاج مختلف السلع ليعقد الموقف أكثر في الأسواق، حيث بات واضحا أن الحكومة عجزت مؤخرا عن مواكبة ارتفاع التكاليف، فأصبحت قوائم التسعير الصادرة عن الجهات المعنية بعيدة كل البعد عن الأسعار الحقيقية.

قفزات تاريخية شهدتها أسعار السلع والمواد الغذائية في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية، متأثرة بارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار المواد الأولية والمحروقات، الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار السلع، حتى أصبح التسوق بمثابة مهمة الرعب بالنسبة لمعظم السوريين.

تقرير لشبكة “غلوبال نيوز” المحلية، طالب لجنة تحديد الأسعار في محافظة دمشق، التي تضع الأسعار الجديدة للمطاعم الشعبية والمقاهي، بضرورة إضافة ملحق يتضمن قائمة بأسماء وأماكن انتشار المطاعم  التي ستلتزم هذه الأسعار “لكي توفر على المواطن عناء الدهشة والحيرة بين أسعارها على الورق وأسعار السوق على أرض الواقع”.

أسعار متفاوتة

فأسعار المأكولات الشعبية المتوفرة في الأسواق، غالبا ما تكون غير مطابقة لقوائم التسعير الصادرة عن الحكومة، وقد زيد بنسبة مئة بالمئة أو أكثر، تبعا لارتفاع التكاليف، أو التسعير الكيفي الذي تلجأ إليه بعض المطاعم بعيدا عن أي توجيهات تموينية من الحكومة.

“إذا ما منبيع هيك فالأفضل نسكر المطعم”، قال عماد الأسعد وهو صاحب مطعم للمأكولات الشعبية في العاصمة دمشق، مؤكدا أن ارتفاع أسعار المأكولات الأولية، أصبح يشكل عبئا ثقيلا على أصحاب مختلف النشاط التجاري وليس فقط المطاعم، في وقت فإن الحكومة تصدر القوائم ولا تقدم أي آلية مناسبة لتنفيذ ما يرد فيها.

الأسعد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “بالتأكيد فإن التجار من مصلحتهم أن تكون الأسعار مستقرة ومنخفضة لتحقيق أعلى نسبة مبيعات، لكن المشكلة في التكاليف، القرارات الحكومية جعلت التكاليف تحلق عاليا، لا سيما عند رفع أسعار المحروقات، صناعة الأطعمة تعتمد بشكل أساسي على المحروقات والكهرباء، إذا أردنا الالتزام بقوائم الدولة، فلنغلق مطاعمنا ونجلس في منازلنا أفضل”.

ووفقاً للتسعيرة الرسمية لأسعار المطاعم الشعبية والمقاهي في دمشق،  فقد حددت الحكومة سعر كيلو المسبحة بـ 24 ألف ليرة، وكيلو الحمص المسلوق بـ11 ألف ليرة، والفول المسلوق بـ11 ألف ليرة وسعر قرص الفلافل بـ 250 ليرة، وسندويشة الفلافل بين الـ 4000 – 5500 ليرة حسب نوع الخبز.

قد يهمك: خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار.. إصرار حكومي على خداع السوريين؟

أما الأسعار في المحلات فقد تجاوز سعر كيلو المسبحة الـ 30 ألف ليرة، وكيلو الحمص المسلوق بـ 22 ألف ليرة، والفول المسلوق بنفس السعر، وكل 3 أقراص فلافل بألف ليرة، وأقل سندويشة فلافل الصغيرة تجاوزت الـ 5 آلاف ليرة.

“المواد مو غالية بس المصاري ما عاد إلها قيمة”، بهذه العبارات يعبّر بعض السوريين عن الحال الذي وصلت إليه الأسواق السورية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف إنتاج جميع السلع والمواد لا سيما الغذائية منها، إذ إن ارتفاع أسعار المواد الأولية أرهق المنتجين، كما أفضى إلى إغلاق العديد من أصحاب المتاجر لمحالهم وإيقاف عملية البيع.

بعد ارتفاع أسعار المحروقات، ارتفعت أجور النقل بنسبة لا تقل عن مئة بالمئة، وبحسب تقارير محلية ، فقد بلغ أجرة سيارة نقل من اللاذقية إلى دمشق 3 ملايين ليرة سورية، بعد أن كانت بحدود مليون ونصف قبل قرار رفع أسعار المحروقات.

زيادة الرواتب والأجور كانت بمثابة قنبلة فجّرت أسعار السلع والخدمات خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ إن الزيادة بنسبة مئة بالمئة على الرواتب، كانت انعكاساتها مضاعفة على الأسواق، حيث شهدت معظم السلع ارتفاعا وصل إلى 200 و300 بالمئة، فضلا عن القرارات الحكومية الخاصة برفع الدعم عن بعض المواد الأساسية.

مع هذا التدهور الجديد في الواقع المعيشي السوري، عاد بعض المسؤولين الحكوميين إلى الحديث عن وجود خطة من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف بعض السوريين، حول حدوث انهيار جديد في الأوضاع المعيشية بالبلاد.

خطط لتحسين المعيشة؟

رئيس “اتحاد العمال” في سوريا جمال القادري، دعا إلى تسريع إقرار جميع أنظمة الحوافز في سوريا لكل الجهات هذا العام. لافتا إلى أن “سياسة الدعم مستمرة كذلك إيصاله لمستحقيه” حسب قوله، كما اعتبر أن أنظمة الحوافز ستساعد العمال على مواجهة صعوبات المعيشة، وأضاف “طبقتنا العاملة كانت وستبقى متراسا أساسيا من متاريس صمود الوطن”.

القادري، أكد في تصريحات نقلها موقع “سناك سوري” المحلي، أن “هناك خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار لأدنى حدّ ممكن”، وهو ذاته الذي كان قد دعا الشباب قبل نحو عامين إلى عدم السفر والهجرة، واعدا إيّاهم بانفراجات كبيرة وقريبة.

هذه التصريحات أصبحت تستفز السوريين وتثير مخاوفهم أحيانا، حيث علّق سامر فتاح، على تصريحات المسؤول الحكومي قائلا، “طالما في وعود بانفراجات قريبة معناها الوضع رايح للأسوأ، يمكن لو الحكومة ما تشتغل شي أبدا على الأقل الوضع بيضل على حاله مع الأسف”.

لم تعُد هناك قائمة أسعارٍ مستقرة في سوريا، فلا يكاد يمرّ يوم على السوريين خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلا ويتم تعديل أسعار قسمٍ من السلع والخدمات في البلاد، وبالطبع هذا التعديل يكون برفع الأسعار، وهذه العملية ناتجة بالدرجة الأولى عن قرارات الحكومة برفع أسعار المواد الأساسية.

منذ بداية العام الجاري، كثيرا ما تحدثت الحكومة عن وجود خطة للتعافي الاقتصادي في سوريا، وتحسين أسعار السلع الأساسية في الأسواق، لكن مع كل قرار حكومي جديد متعلّق بالأوضاع المعيشية في البلاد، كان الأمر يزداد سوءا، حتى بات السوريون يطالبون الحكومة بعدم إصدار أية قرارات تتعلق بتحسين الواقع المعيشي، لأن هذه القرارات غالبا ما تكون معكوسة الاتجاهات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات