خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار.. إصرار حكومي على خداع السوريين؟

في كل مرة تشهد فيها الأوضاع المعيشية انحدارا في سوريا، يخرج مسؤولو الحكومة السورية ويطلقون الوعود لتحسين الواقع المعيشي، فخلال الأشهر الماضية كانت الحكومة تردد أسطوانة زيادة الأجور والرواتب لتحسين الوضع المعيشي في البلاد.

زيادة الرواتب والأجور كانت بمثابة قنبلة فجّرت أسعار السلع والخدمات خلال الأسابيع القليلة الماضية، إذ إن الزيادة بنسبة مئة بالمئة على الرواتب، كانت انعكاساتها مضاعفة على الأسواق، حيث شهدت معظم السلع ارتفاعا وصل إلى 200 و300 بالمئة، فضلا عن القرارات الحكومية الخاصة برفع الدعم عن بعض المواد الأساسية.

مع هذا التدهور الجديد في الواقع المعيشي السوري، عاد بعض المسؤولين الحكوميين إلى الحديث عن وجود خطة من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف بعض السوريين، حول حدوث انهيار جديد في الأوضاع المعيشية بالبلاد.

خطط لتحسين المعيشة؟

رئيس “اتحاد العمال” في سوريا جمال القادري، دعا إلى تسريع إقرار جميع أنظمة الحوافز في سوريا لكل الجهات هذا العام. لافتا إلى أن “سياسة الدعم مستمرة كذلك إيصاله لمستحقيه” حسب قوله، كذلك اعتبر أن أنظمة الحوافز ستساعد العمال على مواجهة صعوبات المعيشة، وأضاف “طبقتنا العاملة كانت وستبقى متراسا أساسيا من متاريس صمود الوطن”.

القادري أكد في تصريحات نقلها موقع “سناك سوري” المحلي، أن “هناك خطوات قادمة لتضييق الفجوة بين الدخل والأسعار لأدنى حدّ ممكن”، وهو ذاته الذي كان قد دعا الشباب قبل نحو عامين إلى عدم السفر والهجرة، واعدا إيّاهم بانفراجات كبيرة وقريبة.

هذه التصريحات أصبحت تستفز السوريين وتثير مخاوفهم أحيانا، حيث علّق سامر فتاح على تصريحات المسؤول الحكومي قائلا، “طالما في وعود بانفراجات قريبة معناها الوضع رايح للأسوأ، يمكن لو الحكومة ما تشتغل شي أبدا على الأقل الوضع بيضل على حاله مع الأسف”.

في حين أضافت نسرين عبد الحميد، “ما منسمع غير الوعود والخطط لتحسين الوضع المعيشي، وكل مالنا رايحين لأسوأ، ما بعرف هالمسؤولين من وين بجيبو الثقة، من كل عقلك حوافز رح يساعدوا العمال؟، أديش حتكون يعني الحوافز وشو رح تعمل مقابل هالغلاء بكل السلع والمواد”.

قد يهمك: حمى الأسعار تواصل الارتفاع بسوريا.. مشتقات العجين والحليب تنافس المحروقات

لم تعُد هناك قائمة أسعارٍ مستقرة في سوريا، فلا يكاد يمرّ يوم على السوريين خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلا ويتم تعديل أسعار قسمٍ من السلع والخدمات في البلاد، وبالطبع هذا التعديل يكون برفع الأسعار، وهذه العملية ناتجة بالدرجة الأولى عن قرارات الحكومة برفع أسعار المواد الأساسية.

قرارات حكومية سلبية

منذ بداية العام الجاري، كثيرا ما تحدثت الحكومة عن وجود خطة للتعافي الاقتصادي في سوريا، وتحسين أسعار السلع الأساسية في الأسواق، لكن مع كل قرار حكومي جديد متعلّق بالأوضاع المعيشية في البلاد، كان الأمر يزداد سوءا، حتى بات السوريون يطالبون الحكومة بعدم إصدار أية قرارات تتعلق بتحسين الواقع المعيشي، لأن هذه القرارات غالبا ما تكون معكوسة الاتجاهات.

الحكومة السورية كانت قد أصدرت سلسلة من القرارات تزامنا مع زيادة الأجور والرواتب، تنصّ على إلغاء الدعم عن البنزين بشكل كامل، كذلك قررت رفع أسعار المشتقات النفطية بخمسة قرارات.

على الرغم من زيادة الرواتب التي أعلنت عنها الحكومة السورية الأسبوع الماضي، يجد معظم السوريين أن رواتبهم لا تكفي لسد تكاليف 20 بالمئة من الاحتياجات الأساسية والغذاء، وتؤكد التقارير المحلية، أن أسعار السلع والمواد الغذائية قفزت بشكل “مخيف” خلال الأيام الماضية، متأثرة بالقرارات الحكومية الأخيرة.

هذه الارتفاعات في تكاليف المعيشة تتزامن مع تخفيض القيمة الحقيقية للأجور في البلاد، فبينما كان الحد الأدنى للأجور بداية عام 2023 92.970 ليرة قادرا على تغطية حوالي 2.3 بالمئة من وسطي تكاليف المعيشة، أصبح الآن وبعد ارتفاعه رسميا بنسبة 100 بالمئة، 185.940 ليرة، غير قادر بنتيجة الارتفاعات المبدئية للأسعار التي لم تنتهِ وتستقر بعد سوى على تغطية 1.7 بالمئة من وسطي تكاليف المعيشة.

في السياق ذاته، ارتفع الحد الأدنى لتكاليف الغذاء الأساسية الشهرية لأسرة مكونة من خمسة أفراد من 2.460.067 ليرة في بداية تموز/يوليو 2023، إلى 3.893.817 ليرة حاليا، وذلك بالاعتماد على وسطي أسعار هذه المكونات في الأسواق الشعبية بالعاصمة دمشق، علما أن الأسعار شهدت تخبطا وارتفاعات متباينة بين منطقة وأخرى، وبشكلٍ أكبر بين المحافظات السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات