أجور الطبابة في سوريا.. بين الأوضاع المعيشية المتدهورة وتشجيع الكوادر على عدم الهجرة!

أجور الطبابة في سوريا، تشكل منذ سنوات معضلة كبيرة أمام الانهيار الاقتصادي الذي تعيشها البلاد، فمن جهة يشتكي السوريون من ارتفاع أجور المشافي والأطباء في العيادات، ومن جهة أخرى تشتكي الكوادر الطبية من ضعف الأجور، والذي يشكل أحد أبرز أسباب تفكيرهم بالهجرة للعمل خارج سوريا.

الحكومة السورية فشلت بدورها في تقليل حجم هذه الفجوة، كما أنها عجزت عن وضع تعرفة ثابتة لأجور المعاينات في العيادات الطبية الخاصة، وذلك بسبب ندرة الأطباء في مختلف الاختصاصات، فضلا عن عدم توفير أجور أو رواتب مناسبة للأطباء ومختلف الكوادر الطبية.

بعد موجة الارتفاعات الأخيرة التي ضربت مختلف السلع والخدمات في البلاد، فإن موجة الارتفاع هذه شملت أيضا أجور الأطباء في العيادات الخاصة، حيث اشتكى مواطنون من ارتفاع أجور المعاينات، مؤكدين أن بعض الأطباء باتوا يطالبوا أجرا للمعاينة الواحدة مبلغَ مئة ألف ليرة سورية (حوالي 8 دولار أميركي).

تعرفة رسمية؟

الحكومة السورية، تتحدث منذ أشهر عن نيّتها إصدار تعرفة جاهزة من أجل الأطباء والعيادات، إلا أن الأمر بقي معلّقا رغم تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء، في وقت تساءل عضو مجلس الشعب سمير حجار، عن إمكانية تطبيق الأرقام الواردة في لوائح التعرفة الطبية في حال صدورها.

حجار اعتبر في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية، أنه من “الصعب بمكان أن يتم ضبط التعرفة إلا في حال كان هناك شكوى، وبالتالي فإن الموضوع هو عرض وطلب، ومن هذا المنطلق فإن التعرفة متروكة لأخلاقيات الطبيب ولضميره”.

كذلك فقد أكد حجار أن بعض الأطباء كمختصي التجميل، يتقاضون أجورهم بالدولار الأميركي، رغم عدم قانونية هذا الإجراء، وأضاف “السؤال كيف يمكن ضبط مثل هذه الحالات إذا لم يكن هناك شكوى من المواطن، لأنه في حال كانت هناك شكوى من المريض فإن النقابة أو الوزارة سوف تتابعها باعتبار أنها ستأخذ بعين الاعتبار تكلفة المعاينة التي تقاضاها الطبيب من المريض لأنه في حال كان هذه الرقم متجاوزاً المنطق فإنه بكل تأكيد سوف تتم ملاحقة الطبيب المخالف”.

قد يهمك: ما حكاية موسم التنزيلات على الملابس في سوريا.. خدعة أم حقيقة؟

ليس بعيدا عن العيادات الطبية، تشهد المشافي الخاصة حالة من الفوضى في التسعير، في ظل تراجع الخدمات الطبية في المشافي الحكومية، وبحسب تقارير محلية فإن كلفة العناية المشددة يوميا تتراوح بين 4 – 5 ملايين ليرة سورية، منها مليون و800 ألف ليرة تكلفة الغرفة، مع تقاضي مليون ليرة أجرة منفسة الأوكسجين باليوم الواحد، إضافة إلى أجرة الطبيب المشرف والتي تتراوح للزيارة الواحدة بين الـ 200 ألف والـ 500 ألف ليرة، علماً أن الأطباء هم ممن تتعاقد معهم المشفى ومنهم من الكادر الموجود فيها.

شكاوى الأطباء

من جانبهم يشتكي الأطباء من ضعف الأجور والرواتب في سوريا مقارنة بالوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، كما اشتكى عشرات الأطباء خلال الأشهر الماضية، بضعف الخدمات المقدّمة لهم خلال عملهم، إذ تعاني الكوادر الطبية من ضعف الميزات وعدم تأمين وسائل الراحة للأطباء المناوبين، الأمر الذي يؤثّر على النتائج النهائية لعملهم، كما أن البعض تحدّث عن دور ذلك بارتفاع معدلات الأخطاء الطبية نتيجة الضغط على الأطباء المتوفرين.

تقرير لمنصة “غلوبال نيوز” المحلية، نقل ما سماه “خبر صادم”، أعلنه نقيب الأطباء في ريف دمشق جاء فيه، أن هناك نقصاً في الوجبات الغذائية للأطباء في مشافي المحافظة فيما لا تتوافر الوجبات للمناوبين من الكادر الطبي.

ضعف إمكانات المشافي وصل إلى المستلزمات الأساسية، فبعض المرضى يضطرون إلى شراء الشاش والقطن والسيرومات والعديد من المستلزمات الأخرى من خارج المشفى، حيث تعاني معظم المشافي من عجز مالي أو ضعف في القدرة الشرائية.

تقارير إعلامية تحدثت عن معاناة الكوادر الطبية، لا سيما العاملين في قطاع المشافي الحكومية، ففضلا عن ضعف الرواتب، يعاني الأطباء من ضغط كبير في العمل والمناوبات، والتي تصل في بعض المشافي إلى أربع أو خمس مرات أسبوعيا، ما يعني أن الطبيب محروم من ممارسة أي عمل آخر.

القطاع الطبي في سوريا لا زال يواجه خطر الانهيار منذ سنوات، لا سيما مع استمرار ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج أملا في الحصول على فرص عمل أفضل، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، بالتالي فإن انتشار أيّ فيروس جديد في سوريا من شأنه التسبّب بالمزيد من الصعوبات الطبية التي لا تُحمد عقباه.

الأطباء السوريون لا يسعون للهجرة إلى الدول المتقدمة فقط، بل إنهم يبحثون عن أي فرصة للهجرة والعمل طالما أنها خارج سوريا، وقد أكدت مصادر طبية أن “أطباء سوريين يهربون حتى إلى دول فقيرة ومتخلفة ومأزومة وتعيش حالة حرب، إذا فكيف لدولتي اليمن والصومال مثلا أن تستقطب الطبيب السوري ونحن لا نستطيع التمسك به”.

بسبب الأوضاع التي يعيشها القطاع الطبي في سوريا، انخفض الإقبال على التسجيل في كليات الطب السورية، بعد أن كانت كليات الطب من أكثر الأماكن إقبالا قبل عام 2011، وكان الحصول على مقعد في كلية الطب بمثابة حُلم لكل طالب سوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات