شائعات يتداولها تجار في مجال الألبسة حول نيّة الحكومة السورية، حظر استيراد ألبسة “البالة”، الأمر الذي أثار مخاوف فئة واسعة من السوريين، بسبب اعتمادهم على هذا النوع من الألبسة على مدار السنوات الماضية، حيث تنتشر ألبسة “البالة” بشكل واسع في الأسواق السورية، كما أن هناك أسواق خاصة لبيع هذا النوع من الألبسة المستوردة.

خلال السنوات الماضية أصبحت أسواق “البالة” في كافة المدن السورية الأكثر اكتظاظا بالزبائن، وخاصة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بكافة الشرائح الاجتماعية، كذلك فإن المستهلكين يؤكدون أن بضائع “البالة” تضمّ أسعارا تناسب مختلف الطبقات، إضافة إلى جودة هذه المنتجات، فهي تعتبر أعلى مقارنة بالصناعة المحلية.

الحديث عن حظر استيراد “البالة” بدأ قبل أيام، حيث وصلت الشائعات إلى أصحاب متاجر بيع “البالة”، وقد برّرت الحكومة هذا الأمر بحماية الصناعة الأجنبية، حيث سبّب انتشار الألبسة المستوردة وبأسعار منافسة، ضعفاً في الإقبال على الألبسة المصنوعة المحلية، الأمر الذي يهدد قطاع صناعة الألبسة.

هل تصح الشائعات؟

“إذا صحّت هذه الشائعات، فالحكومة تحمي الصناعة بناءً على معاناة السوريين”، قال نزار المضر وهو صاحب متجر لبيع “البالة” ويعمل في مدينة حلب، مؤكدا أن خيار “البالة” المستوردة هو الخيار الوحيد الذي بقي للسوريين في ظل ارتفاع أسعار الألبسة في الأسواق السورية، ما يعني أن حظرها قد يسبب مشكلة كبيرة للأهالي.

المضر أضاف خلال اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “مؤخرا حتى ألبسة البالة أصبحت حملا ثقيلا على السوريين، حيث يدفع ثمنها بالعملة الصعبة باعتبارها مستوردة، ومع ذلك تبقى أرخص وأعلى جودة من الألبسة المحلية، إذا كانت الحكومة تريد دعم الصناعة المحلية، فلتدعم المنتجين، سابقا كنت أملك ورشة خياطة، أغلقتها بسبب ارتفاع التكاليف وعدم جدوى الاستمرار”.

صناعة الألبسة واجهت خلال السنوات الماضية، مطبّات عديدة بسبب ارتفاع التكاليف وعدم توفير الكهرباء للصناعيين، كذلك فإن تراجع زراعة القطن في سوريا ساهم إلى حدّ كبير بارتفاع تكاليف الصناعة، الأمر الذي أدى إلى خروج فئة واسعة من المنتجين عن خطوط الإنتاج.

بحسب تقريرٍ لصحيفة “تشرين” المحلية، فإن الألبسة المستعملة المستوردة “البالة”، فرضت نفسها على الأسواق السورية باعتبارها منافسا قويا للصناعة المحلية، فيما طرحت الصحيفة نقلا عن أحد الصناعيين حلّا إسعافياً، “يتمثل بالسماح باستيراد الغزول القطنية وإعادة تصنيعها، وأن يكون قرار السماح مفتوحاً بحيث لا يُحدد بفترات زمنية معينة من العام”.

قد يهمك: التوعية الإنجابية واستخدام موانع الحمل.. فكرة رفضها المجتمع وفرضتها الظروف في سوريا

“منذ سنوات ولم أشترِ سوى بعض قطع الألبسة من الصناعة المحلية”، قال خالد الشمالي، وهو أب في عائلة مكونة من خمسة أفراد، مؤكدا أن تجربته الأخيرة مع الألبسة المحلية ليست جيدة، فالبضاعة المصنوعة محليا مرتفعة الثمن وجودتها منخفضة مقارنة بالألبسة المستعملة المستوردة”.

الشمالي أردف في حديثه لـ”الحل نت” قائلا، “الصناعة المحلية مرتفعة التكاليف، ربما يحتاج الصناعي لرفع الأسعار ضعفاً آخر حتى يتمكن من مجاراة الجودة الموجود في ألبسة البالة، مؤخرا حتى ألبسة البالة أصبحت غالية مقارنة بدخل معظم السوريين، لكنها تبقى الخيار الأنسب، وهناك جميع أنواع الألبسة”.

بالعودة إلى صاحب المتجر نزار المضر، فقد أشار إلى أن الألبسة المستعملة كانت سابقا للفقراء ومحدودي الدخل فقط، أما اليوم ومع الظروف الاقتصادية الحالية، بات يرتاد سوق “البالة” زبائنٌ من مختلف المستويات الاجتماعية، ومنهم أصحاب الطبقة الغنية “المخملية” الذين يبحثون عن نوعية محددة من البضائع الأوروبية، التي تكون عادةً ضمن تصفيات معامل وبضاعة انتهى موسمها ولكنها جديدة.

كذلك فقد أرجع أصحاب محلات “البالة” سبب ارتفاع أسعار الألبسة داخل السوق إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، خاصة وأن البضائع الموجودة معظمُها مهرّبة، لذلك فإن الأسعار لم تعُد ثابتة كما كانت قبل سنوات، بل معرّضة اليوم للارتفاع تبعا لأسعار الصرف.

أسعار الملابس الشتوية

ومع قدوم فصل الشتاء في سوريا، يصطدم السوريون بأسعار الألبسة الشتوية في الأسواق الشعبية، حيث أصبح تأمين تلك الألبسة لمقاومة برد الشتاء، حملا ثقيلا على معظم العائلات، فاللباس الشتوي بات يحتاج لميزانية تفوق قدرة السّواد الأعظم من السوريين، لاسيما ممن لديهم عائلة وأطفال.

في الأسواق السورية يبلغ سعر الجاكيت الشتوي متوسط الجودة نحو مليون ليرة سورية، وهناك نوعيات أكثر جودة يصل سعرها إلى نحو مليوني ليرة سورية، بينما متوسط سعر البنطال الجينز سجل سعر 250 ألف ليرة سورية، كذلك فإن شهادات لمواطنين أكدت أن هذه الأسعار متغيرة باستمرار وغالبا ما تتغير باتجاه تصاعدي.

تراجع صناعة الألبسة محليا في سوريا، يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع التكاليف بالنسبة المنتجين، فضلا عن عدم توفر الكهرباء والمواد الأولية اللازمة لدوران عجلة الصناعة، يُضاف إليها عجز الحكومة السورية عن دعم المنتجين، بما يضمن لهم تقديم منتجٍ بأسعار تناسب المواطن السوري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات