عقوبات جديدة فرضتها الدول الأوروبية، أمس الاثنين، على روسيا بالتزامن مع تصاعد وتيرة حربها العدائية ضد أوكرانيا، فهل ستسفر عن تبعات ملموسة تنال من اقتصاد موسكو، وتحقق الهدف بتقنين الهجوم الروسي على كييف؟ وكيف غلطت موسكو بتصعيد وتيرة الحرب؟

في التفاصيل أعلن المجلس الأوروبي، أنه اعتمد أمس الاثنين، الحزمة الثانية عشرة للعقوبات الاقتصادية والفردية على روسيا في ضوء “الحرب العدوانية الروسية المستمرة على أوكرانيا”.

هذه الحزمة تشكل “ضربة أخرى لقدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شن الحرب، من خلال استهداف قطاعات ذات قيمة عالية في الاقتصاد الروسي وتجعل من الصعب التحايل على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة في السابق، بحسب بيان أورده المجلس الأوروبي.

تفاصيل العقوبات الأوروبية

بشأن العقوبات، فإن الاتحاد الأوروبي سيفرض اعتبارا من 1 كانون الثاني/ يناير 2024، حظرا على الاستيراد المباشر وغير المباشر وشراء ونقل الماس من روسيا والعابر لحدودها والمعالج في بلدان ثالثة.

حظر الماس الروسي بحسب وكالة “آكي” الإيطالية، يعد جزءا من جهود مجموعة الدول السبع الكبرى لتطوير حظر منسق دوليا للماس، يهدف إلى حرمان روسيا من مصدر الإيرادات المهم هذا.

تشمل العقوبات أيضا، فرض حظر على المصدرين في الاتحاد الأوروبي يمنع التعاقد على إعادة التصدير إلى روسيا وبشكل خاص البيع أو التوريد أو النقل أو التصدير إلى دولة ثالثة لاستخدامها في روسيا، باستثناء الدول الشريكة. 

ويغطي البند العناصر المحظورة المستخدمة في الأنظمة العسكرية الروسية الموجودة في ساحة المعركة في أوكرانيا أو التي تعتبر ضرورية لتطوير أو إنتاج أو استخدام تلك الأنظمة العسكرية الروسية، بالإضافة إلى سلع الطيران والأسلحة.

المجلس الأوروبي أضاف أيضا، 29 كيانا جديدا إلى قائمة الجهات التي “تدعم بشكل مباشر المجمع العسكري والصناعي الروسي في حربها العدوانية على أوكرانيا”، والتي “ستخضع لقيود تصدير أكثر صرامة فيما يتعلق بالسلع والتكنولوجيات ذات الاستخدام المزدوج، فضلا عن السلع والتكنولوجيا التي قد تساهم في التعزيز التكنولوجي لقطاع الدفاع والأمن في روسيا”.

غلطة التصعيد تضرب الاقتصاد الروسي

في سياق العقوبات الجديدة، أعرب الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، عن ترحيبه بها، قائلا في تغريدة عبر منصة “X”، إن الحزمة الجديدة تشمل “فرض حظر كامل على الماس الروسي وسد الثغرات في العقوبات القائمة”، فضلا عن “قيود استيراد على السلع ذات الاستخدام المزدوج وغيرها من العناصر، والتي توفر لروسيا ما مجموعه 2.2 مليار يورو من الأرباح كل عام وتساعدها على مواصلة عدوانها ضد أوكرانيا”.

زيلينسكي رأى أيضا، أنه “يتعين على الدولة المعتدية أن تشعر بالضغوط التي يمارسها العالم الحر، وكذلك تزايد تكلفة العدوان”، مشدّدا على “ضرورة ضمان تطبيق أنظمة العقوبات الحالية بشكل فعال”، كما أردف أنه، “ينبغي ألاّ يتمكن المعتدي أو أي مجرم يدعمه متهرب من العقوبات من الالتفاف على القيود الأوروبية”.

مقر الاتحاد الأوروبي – إنترنت

ضمن هذا الإطار، يقول أستاذ العلاقات العامة الدولية علاء مصطفى، إن حزم العقوبات الأورةبية الجديدة والتي تتوسع بشكل طردي مع توسع الهجوم الروسي، بالتأكيد ستضر باقتصاد موسكو، لكنه يردف، أن روسيا تعي هذه الخطورة قبل إقدامها على التصعيد. 

غير أن مصطفى يبين في حديث مع “الحل نت”، أن روسيا استغلت ظروف الحرب في غزة وانشغال أميركا لها التي استهلكت سلاحها في الحرب، ناهيك عن تركيز الرأي العالمي على حرب غزة وابتعاده عن أوكرانيا، استغلت ذلك لأجل تحقيق مكاسب عسكرية في الميدان، لكنها غلطت بتصعيدها ولم تحسب حسبان أن الاتحاد الأوروبي ينظر بعين أكبر من غزة إلى أوكرانيا؛ لأنها تمثل الأمن القومي له، بالتالي فهو منتبه لما حدث، فقرر رفع حجم العقوبات على موسكو وزيادة عملية مقاطعتها اقتصاديا.

كيف أصبحت موسكو الأولى بالعقوبات؟

غزو روسيا لأوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/ فبراير 2022، دفع إلى غرض آلاف العقوبات على روسيا لتصبح الدولة الأكثر تعرضا لهذا النوع من الإجراءات في العالم، مما نتج عنه آثار سلبية على اقتصادها، إذ وفقا لبيانات شركة (Castellum.AI) السويدية المتخصصة برصد المخاطر المتعلقة بالعقوبات، تجاوزت روسيا كلا من إيران وسوريا وكوريا الشمالية من حيث عدد العقوبات المفروضة عليها.

منذ بدء الهجوم على أوكرانيا وحتى نيسان/ أبريل المنصرم، فرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا، شملت العديد من المجالات مثل البنوك ومصادر الطاقة والتجارة والنقل والإعلام والتكنولوجيا والسيارات والرياضة، إذ فُرض على روسيا 14 ألفا و22 عقوبة.

تعبيرية – إنترنت

وتصدرت الولايات المتحدة الدول الغربية بقرارات فرض عقوبات على روسيا، إذ فرضت 1948 عقوبة عليها منذ 24 فبراير/شباط 2022 وحتى نيسان/ أبريل 2023، في حين فرض الاتحاد الأوروبي 1324 عقوبة على موسكو بذات الفترة.

عدد الأفراد الروس المدرجين في قائمة العقوبات، تجاوز 9 آلاف شخص، والكيانات نحو 2000 كيان، كما استهدفت العقوبات 96 سفينة و24 طائرة روسية، وفي وقت سابق، قدّرت وزارة المالية الروسية حجم الأصول المجمدة من قبل الغرب بما يتراوح بين 300 و350 مليار دولار، وهو ما يقارب نصف احتياطات روسيا من الذهب والنقد الأجنبي.

بوتين وتراجع الشعبية

مقاطعة الاتحاد الأوروبي إلى روسيا، جعله يبحث عن بدائل لها، وبالفعل وجد الكثير من المنافذ، وإن استقرت الدول الأوروبية بالتعامل مع تلك المنافذ، فإن هذا سيفقد الاقتصاد الروسي مستهلكا غنيا وقريبا منه، الأمر الذي سيلحق الضرر بروسيا اقتصاديا، ليس آنيا بل مستقبلا بشكل كبير، لذا فإن هذه العقوبات ستؤثر على اقتصاد موسكو الذي لا يتسم بالسعة والاستقرار والاطمئنان، بحسب علاء مصطفى.

حزمة العقوبات الجديدة أتت، بعد تصاعد وتيرة الهجمات الروسية في أوكرانيا، في وقت لم تستطع كييف استعادة إلا عشرات الكيلومترات المربعة في مواقع متفرقة من مقاطعتي دونيتسك وزاباروجيا جنوب شرق البلاد وهي -عمليا- مواقع لا تزال ساخنة رغم “التحرير” المعلن.

على عكس العام المنصرم، تصدرت المُسيّرات الطائرة والمائية مشهد عمليات القصف والاستهداف من قبل روسيا وحتى أوكرانيا خلال العام الحالي 2023، وحلت بديلا من كم كبير من الصواريخ التي كانت تطلقها روسيا.

وتيرة هجمات المسيّرات الروسية التي ازدادت على مدن ومناطق أوكرانية عدة، ودفعت بأوروبا إلى فرض حزمة العقوبات الأخيرة، هدفها استهداف البنية التحتية للكهرباء والطاقة في أوكرانيا قبل أشهر البرد القارس وخلالها، وفقا للعديد من المسؤولين الأوكرانيين. 

أخيرا، وفي سياق العقوبات، يلفت المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية علاء مصطفى، إلى أن العقوبات قد تؤثر على شعبية الرئيس الرةسي بوتين؛ لأن المواطن الروسي سيتململ بمرور الوقت من الوضع الاقتصادي في البلاد، خاصة وأن المعيشة مكلفة بالنسبة له واقتصاد البلاد غير مرن، ولكن هذا لن يؤثر على فوز بوتين بالانتخابات الرئاسية المقبلة، لأنه يحكم البلاد بطريقة لا تترك مساحة لمنافسته من أي شخص، غير أن ما سيحدث هو تراجع في شعبيته مع تأثر روسيا اقتصاديا بسبب العقوبات الأوروبية. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات