على غير المتوقع، ورغم العلاقات الثنائية المتينة، والتعاون العسكري والاقتصادي بينهما، نشبت أزمة دبلوماسية حادة بين موسكو وطهران، رغم أنهما في صف واحد ضد الغرب وأميركا، فما الذي أسفر عن أحدث أزمة بعد 5 أشهر من الأزمة الأخيرة؟

في التفاصيل، نشبت الأزمة بسبب البيان الوزاري العربي – الروسي الصادر مؤخرا إبان قمة مراكش، والذي جدّد دعوة إيران إلى حل قضية الجزر الإماراتية المحتلة سلميا، إما عبر الحوار وإما التحكيم الدولي، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية الإيرانية للاحتجاج على موسكو، وشن هجوم غير مسبوق من قبل مقربين من المرشد الإيراني علي خامنئي ضد روسيا.

تفاصيل البيان

وزراء الخارجية العرب ونظيرهم الروسي سيرغي لافروف، أكدوا في بيان مشترك، الأسبوع الماضي، دعم المبادرات الإماراتية الرامية لحل سلمي لقضية الجزر الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية، أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.

وجاء في البيان، أن تلك الدول “تؤكد دعم كل الجهود السلمية بما فيها المبادرات الرامية للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وفقا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك من خلال المفاوضات الثنائية، أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية إذا اتفقت الأطراف على ذلك”.

البيان شدّد على “مبدأ حرية الملاحة البحرية في المياه الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقات قانون البحار، وضرورة ضمان أمن وسلامة الملاحة البحرية في الخليج العربي وبحر عُمان والبحر الأحمر ومضيق هرمز وباب المندب، وتأمين خطوط إمدادات الطاقة، ورفض وإدانة الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية وإمدادات الطاقة وأنابيب النفط والمنشآت النفطية في الخليج العربي والممرات المائية الأخرى، وتعزيز التعاون في تأمين السلامة البيئية لهذه المنطقة”.

تصاعد وتيرة الغضب

سريعا بعد البيان أعلاه، انهمرت الانتقادات من نواب في البرلمان الإيراني “مجلس الشورى”، ووسائل إعلام مؤيدة لاستراتيجية إيران في التوجه نحو الشرق، خصوصا روسيا والصين، بالإضافة إلى انتقادات غاضبة من أنصار التيار الإصلاحي والمعتدل، وأنصار التيار القومي المتطرف في إيران، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، قال في مؤتمر صحافي، أمس الاثنين، إن بلاده أبلغت روسيا احتجاجها “بأوضح العبارات و«على المستويات”، مردفا أن “إيران لن تتسامح إزاء سيادة وسلامة أراضيها مع أي طرف”.

صورة بعد قمة الملتقى العربي الرةسي في مراكش – إنترنت

وأضاف كنعاني، “لقد أعلنا موقفنا في هذا الصدد، وأؤكد مرة أخرى أن المزاعم المطروحة في بيان مراكش، في الجزر الثلاث الإيرانية بمثابة العمل ضد سيادة وسلامة الأراضي الإيرانية (…) وأن النقاط المروجة في البيان بشأن الجزر بمثابة انتهاك مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، القائم على احترام سيادة وسلامة أراضي الدول”.

استدعاء وتحذير

في السياق، استدعت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال في السفارة الروسية لدى طهران، في غياب السفير الروسي، لتقديم “مذكرة احتجاج” بشأن مضمون البيان المشترك، قائلة في بيان أنها تعد “أي ادعاء من أي طرف في هذا الصدد مرفوضا وغير مقبول”. 

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في اتصال مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بحسب وكالة “فرانس برس”، أن “الجزر جزء لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانية (…) نحن لا نجامل أحدا حول سيادة إيران على أراضيها”.

كان مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، وجّه انتقادات لاذعة إلى روسيا، إذ قال، إن “مواقف الخارجية الروسية مؤسفة، وتضر بمكانة موسكو”، مردفا أن، “بعض الضغوط السياسية في ظل الأوضاع المعقدة تتسبب في تضرر مكانتها من أجل الحصول على امتيازات لا تذكر”.

كذاك حذر ولايتي، من أن “العلاقات الاستراتيجية بين روسيا وإيران لم تنشأ بسهولة، ويجب أن تأخذ مصالح الجانبين بعين الاعتبار”، على حد تعبيره.

صحيفة المرشد تتهم روسيا بـ “النفاق والخيانة”

مستشار الرئيس الإيراني في الشؤون الاقتصادية، محسن رضائي، هو الآخر أدلى بدلوه، قائلا، إن “التدخلات غير الودية لروسيا بشأن سلامة الأراضي الإيرانية يجب ألا تتكرر”، فيما أشار إلى أن، “الجزر الثلاث ليست القرم”، على حد وصفه.

اقوى انتقاد طال روسيا، جاء من قبل صحيفة “كيهان” التابعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، إذ اتهمتها بـ “النفاق والخيانة” و”ارتكاب خطأ لا يُغتفر”، وناشد الخارجية الإيرانية بمطالبة روسيا بـ “اعتذار رسمي وعلني”.

وزيرا خارجية روسيا وإيران – إنترنت

الجدير بالذكر، أن هذه الأزمة تأتي بعد 5 أشهر من أزمة مماثلة، حيث استدعت إيران السفير الروسي لديها في تموز/ يوليو الماضي، للاحتجاج على بيان مماثل وقّعته موسكو والدول العربية.

وكانت شرارة الخلاف قد اندلعت حينها، عقب الاجتماع الوزاري السادس للحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول الخليج الذي عقد بالعاصمة الروسية موسكو في 10 تموز/ يوليو المنصرم، الذي شهد دعم روسيا للموقف الخليجي بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها بين طهران وأبو ظبي في مياه الخليج، وهي جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات