يبدو أن الغرب، أميركا ودول الاتحاد الأوروبي، جادة في مسعاها لمصادرة أصول الأموال الروسية المجمدة، وهذا يتضح من ردود فعل موسكو، لكن السؤال ماذا لو صودرت الأموال الروسية حقا؟ وما موقف روسيا حينها؟ 

في التفاصيل، وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أجرت مفاوضات عاجلة مع حلفائها الأوروبيين بشأن مصادرة الأصول المجمدة للبنك المركزي الروسي.

الهدف من المصادرة، هو تحويل الأموال الروسية إلى أوكرانيا في شكل مساعدة مالية، بحسب الصحيفة الأميركية، التي ذكرت، أنه لأجل جعل الأمر يبدو قانونيا، اقترحت واشنطن، تسمية دول الاتحاد الأوروبي التي قدمت المساعدة العسكرية لكييف باعتبارها “ضحايا الصراع”.

قطع العلاقات مع واشنطن؟

في هذا السياق، ظهرت ردود الفعل الروسية متسارعة، إذ قالن وزارة الخارجية الروسية، إن مصادرة الأصول الروسية المجمدة، يليها تصعيد عسكري قد يؤدي إلى انهيار العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. 

وفقا لتصريح لنائب وزير الخارجية الروسية، سيرغي ريابكوف، نشره موقع “تسارغراد” الروسي في تقرير حديث جدا، فإن روسيا مستعدة لأي سيناريو ولا ينبغي للولايات المتحدة تعليق آمال على تمسك موسكو بهذه العلاقات الدبلوماسية بكل قوتها.

ريابكوف عاد وأكد، أن موسكو لا تسعى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن، إذ تلعب روسيا والولايات المتحدة دورا رئيسيا في الحفاظ على الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي، على حد تعبيره.

الموقع الروسي “تسارغراد”، نقل عن العالم السياسي أندريه بيرلا، قوله إن سيناريو مصادرة الأصول المالية الروسية يهدد أوروبا بأزمة اقتصادية واسعة النطاق، “مماثلة للكساد الكبير في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي”.

وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، حذّر بصريح العبارة من أنه، في حالة مصادرة الأصول الروسية في أوروبا، فستتخذ موسكو إجراءات مماثلة، موضحا أنه “إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار، فسيتبع ذلك استجابة متماثلة تماما من روسيا، التي لديها ما يكفي من الأصول المجمدة، وهي عبارة عن التزامات بشأن الأوراق المالية وأرباح الأسهم”.

موسكو وتدابير مماثلة؟

بحسب بيرلا، تلتزم الدبلوماسية الروسية بقواعد الدولة الروسية فيما يتعلق بالعلاقات بين الدول، وفي مواقف مشابهة للعلاقات مع الولايات المتحدة، تقدم في البداية تلميحا مهذبا ثم تحذيرا بعبارات مبسطة للغاية.

“كانت هناك عدة حالات جمدت خلالها أصول الدول شاركت روسيا في التصويت خلالها، وعليه، فقد اتفقت روسيا مع التحالف الدولي الذي أسقط نظام صدام حسين في العراق، ودعمت العقوبات ضد إيران، ونتيجة لذلك، جُمّدت أصول إيران”، قال بيرلا.

مقر الاتحاد الأوروبي – (سبوتنك)

لكن عند بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022، كان تجميد الأصول الروسية غير قانوني بالأساس؛ “لأنه لم يكن هناك أي تصويت ولو غير رسمي على هذا القرار من قبل المجتمع الدولي”، بحسب موقع “عربي 21” نقلا عن “تسارغراد”.

بيرلا حذر من أنه في حال نقل الأصول الروسية، فإن موسكو قد تتخذ تدابير مماثلة للاستيلاء على كل ما تمتلكه الدول الأوروبية على أراضيها، “وهو ما ينذر بتدمير الاقتصاد الأوروبي باعتباره اقتصادا قويا يمكن أن يكون منافسا للولايات المتحدة والصين، وحتى روسيا نفسها”.

حجم الأصول الروسية المجمدة

ما يجب ذكره، أن وزارة المالية الروسية، قدّرت في وقت سابق حجم الأصول المجمدة من قبل الغرب بما يتراوح بين 300 مليار و350 مليار دولار، وهو ما يقارب نصف احتياطيات روسيا من الذهب والنقد الأجنبي، وبدرجة أساسية يجري الحديث عن الذهب النقدي وسندات الدين والعملات.

يقف البنك المركزي الروسي على رأس الجهات المتضررة من تجميد الأموال، إذ بلغت حصته من “التجميد” 23 مليار يورو، ووفقا لبيانات صدرت مطلع العام المنصرم نقلا عن وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي، فقد جمدت دول الاتحاد أصولا روسية بما مجموعه 68 مليار يورو.

وبحسب الوثيقة ذاتها، فقد تم تجميد 50 مليار يورو في بلجيكا، و5.5 مليارات يورو أخرى في لوكسمبورغ، وذلك إلى جانب إيطاليا وألمانيا وإيرلندا والنمسا وفرنسا، وتمثل هذه البلدان نحو 90 بالمئة من جميع الأصول الروسية المجمدة من قبل الاتحاد الأوروبي.

أخيرا، فإنه رغم أن الأموال لا تزال مملوكة لروسيا من الناحية القانونية، إلا أنها لا يمكنها التصرف فيها بسبب العقوبات، وفي حال مصادرتها وتحويلها إلى كييف فلن تعد مملوكة لموسكو وقتها بشكل مطلق، وهو ما يقلق “الكرملين” كثيرا، لءلك سارع للتحذير من إقدام واشنطن وأوروبا على تلك الخطوة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات